توقيت الأحداث في حلب وإدلب.. تأثيره على التحالفات الإقليمية وخطط التطبيع
توقيت الأحداث في حلب وإدلب.. تأثيره على التحالفات الإقليمية وخطط التطبيع
تعد مناطق حلب وإدلب في شمال سوريا من أبرز النقاط الساخنة في الحرب السورية المستمرة منذ أكثر من عقد، منذ اندلاع الصراع في 2011، تحولت هذه المناطق إلى مسرح لتغيرات عميقة في الديناميكيات العسكرية والسياسية.
ومع تصاعد الأحداث في هذه المناطق في نوفمبر 2024، يبرز سؤال مهم حول كيفية تأثير توقيت هذه التطورات على خريطة التحالفات الإقليمية وخطط التطبيع في المنطقة، يزداد هذا التساؤل تعقيدًا في ظل التحولات الدولية والإقليمية السريعة التي قد تغير في مجرى العلاقات بين الدول.
التوترات العسكرية وتأثيرها على التحالفات الإقليمية
وتعد حلب وإدلب من أكثر المناطق التي تشهد توترات بين مختلف القوى الإقليمية والدولية، في حلب، هناك حضور قوي لقوات النظام السوري المدعومة من روسيا وإيران، بينما تسيطر المعارضة المدعومة من تركيا على إدلب.
وتظل هذه المناطق بمثابة نقاط اشتباك عسكري بين هذه القوى، في وقت حساس من التطورات السياسية في المنطقة. فمن ناحية، تدعم روسيا الحكومة السورية في حربها ضد المعارضة المسلحة في شمال سوريا، في حين تقدم تركيا دعمًا عسكريًا لمجموعات المعارضة بهدف الحد من النفوذ الكردي في المنطقة.
وقد تصاعدت الأحداث العسكرية في هذه المناطق يمكن أن يؤثر بشكل كبير على خريطة التحالفات الإقليمية.
على سبيل المثال، يمكن أن يعزز أي تصعيد في إدلب أو حلب من التعاون بين تركيا وقطر، حيث يشتركان في دعم فصائل المعارضة السورية.
في الوقت ذاته، قد يضغط التصعيد العسكري على روسيا وإيران لدفع سوريا إلى تسريع جهودها الدبلوماسية؛ مما قد يعيد ترتيب التحالفات في المنطقة.
التصعيد العسكري في هذه المناطق قد يفتح الباب لمزيد من التحالفات الإقليمية غير التقليدية.
على سبيل المثال، قد تدفع التطورات في إدلب النظام السوري إلى محاولة تحسين علاقاته مع بعض الدول العربية التي أظهرت في السنوات الأخيرة رغبتها في إعادة تطبيع علاقاتها مع دمشق، مثل الإمارات والسعودية.
كما قد يكون هذا التصعيد فرصة لإعادة تموضع العلاقات بين بعض الدول العربية وتركيا، وهو ما قد يؤثر على مسار التطبيع مع سوريا.
خطة التطبيع وتوقيت الأحداث
من جهة أخرى، فإن إيران وروسيا يواصلان دعمهما القوي للحكومة السورية، لكن مع تغيرات متسارعة في التوازنات الإقليمية، قد تتأثر قدرتهم على الحفاظ على نفوذهم في سوريا.
التصعيد العسكري في حلب وإدلب يمكن أن يكون بمثابة اختبار لحقيقة التزام هذه الدول بخطط التطبيع من جهة، وللتنسيق بين الأطراف الإقليمية مثل السعودية وتركيا في حال حدوث تحول في المواقف.
إضافة إلى ذلك، تسعى بعض الدول الأوروبية، مثل فرنسا، التي كانت قد عبرت عن رغبتها في العودة إلى المشاركة السياسية في الملف السوري، إلى الحفاظ على موقف متحفظ حيال التطبيع الكامل مع دمشق، ما يعقد خطط التطبيع العربية.
الضغط الدولي من الغرب على دمشق قد يزداد في حال تصاعد أعمال العنف في إدلب وحلب، وهو ما قد يدفع بعض الدول العربية إلى إبطاء خطواتهم نحو إعادة العلاقات مع النظام السوري.
ويقول المحلل السياسي، سلمان شيب: إن الأحداث المتصاعدة في حلب وإدلب تضع ضغوطًا جديدة على التحالفات الإقليمية في الشرق الأوسط، خاصة في ظل استمرار الحرب السورية وتغيرات المواقف الدولية تجاه دمشق.
تصعيد القتال في هذه المناطق يهدد بتأجيل أو حتى إعاقة محاولات تطبيع العلاقات بين الدول العربية والنظام السوري، خصوصًا في وقت بدأت فيه بعض الدول مثل الإمارات والسعودية في إعادة النظر في مواقفها التقليدية من سوريا.
ويضيف شيب - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إنه لا يمكن تجاهل الدور التركي في هذه المعادلة، فتركيا تعتبر تطورات حلب وإدلب على رأس أولوياتها الأمنية.
زيادة التصعيد في هذه المناطق قد يعيد تحريك علاقات أنقرة مع بعض الدول العربية التي كانت تسعى لتحسين علاقاتها مع دمشق، ما قد يعكس تحولًا جديدًا في خريطة التحالفات الإقليمية.