لمواجهة الكارثة الاقتصادية.. نساء لبنان يكسرن حاجز التقاليد ويتجهن للبحر
كسرت نساء لبنان حاجز التقاليد ويتجهن للبحر
تدار صناعة صيد الأسماك في لبنان تقليديًا من قِبل رجال، ويمتلك القوارب ويديرها صيادون ذكور، لكن الوضع الاقتصادي السيئ في البلاد دفع النساء في المناطق الساحلية مثل عكار وطرابلس، لكسر الحواجز بين الجنسين والدخول إلى الصناعة لكسب لقمة العيش.
وضع اقتصادي كارثي
رصد موقع "المونيتور" الأميركي، عدة مقابلات مع نساء لبنانيات، لكشف حقيقة الوضع الاقتصادي الكارثي، فقالت زينة نصار، وهي أم لأربعة أطفال تعيش في إحدى ضواحي طرابلس الفقيرة، "الصيد هو كل ما يعرفه زوجي، لذلك قررت الانضمام إليه لأننا بحاجة إلى دعم بعضنا البعض قدر الإمكان للتغلب على هذه الظروف المعيشية الصعبة".
وقالت: "إذا لم نصطد، لا نأكل"، وذكر الموقع الأميركي، أن أكثر من 74% من سكان لبنان يعيشون تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة. مع الانخفاض الحاد في قيمة العملة وفقدان الناس إمكانية الوصول إلى الودائع المصرفية، ويغامر العديد من اللبنانيين الذين لم يتمكنوا من مغادرة البلاد بدخول صناعات جديدة لتوليد الدخل.
وتابع الموقع: إنه في منطقة تعتمد على صيد الأسماك وتعاني من أعلى معدلات البطالة في البلاد، أصبح تعلم كيفية صنع شباك الصيد أكثر شيوعًا بين النساء اللواتي شركاؤهن من الصيادين وبدأت النساء في الانضمام إلى أزواجهن في البحر.
في البداية، كانت أمل إما، وهي في الأصل من سهل البقاع في الشرق وزوجها من الشمال، مترددة في الانخراط في قطاع يهيمن عليه الذكور قبل أن تدرك أنها ليست المرأة الوحيدة التي تصنع شباك الصيد.
وقالت إمام: "تعرّفت على سيدة نظمت دورة تدريبية عُقدت قبل بضع سنوات هنا في الشمال، مكرّسة للنساء اللبنانيات واللاجئين السوريين لتعلّم كيفية صنع شباك الصيد"، مضيفة: "لقد شجعتني على البدء في صنع شباك الصيد لأن زوجي يعمل صيادًا، لقد أقنعتني بأننا كنساء محليات يجب أن نحتضن هذه المهنة القديمة والفريدة".
مجالات جديدة
وبحسب الموقع الأميركي، فإنه بإبرة في يد وشبكة في الأخرى، تعمل النساء من المنزل لإصلاح الشباك التي يستخدمها أزواجهن، بينما بعض النساء المسنات تعلمن المهارة من أحد أفراد الأسرة، ورغم سنهن يواصلن العمل من أجل التعامل مع الظروف المعيشية القاسية في البلاد.
جمانة علم، امرأة من بلدة بنين الشمالية في محافظة عكار، قالت لـ"المونيتور": إن الصيد وصناعة شباك الصيد موجودان منذ عقود في هذه البلدة وينتقلان من جيل إلى جيل، لكن هناك حاجة إلى مزيد من الدعم من المنظمات والجمعيات الخيرية لمساعدة هؤلاء النساء الضعيفات وتأمين الآلات لتسهيل عملية الخياطة بدلاً من العمل بأيديهن فقط.
بينما قالت رشا المصري، باحثة لبنانية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في اللجنة الإقليمية للأمم المتحدة (الإسكوا): "نظرًا للظروف الحالية والأسعار الباهظة للمنتجات، تحتاج النساء إلى المساعدة لتصبح جزءًا من صناعة صيد الأسماك - خاصة وأن هذا الاهتمام قد تطور بمرور الوقت - لأن هؤلاء النساء لا يتمتعن بالقدرة المادية على تطوير مهنتهن".
وتابعت: "بينما يتشبث الكبار بتراثهم في محاولة للحفاظ عليه، يتردد الشباب في ممارسة هذه المهنة، لذلك نحن بحاجة إلى إيجاد طرق لجذب المزيد من الأشخاص الذين يحتاجون إلى دخل إضافي إلى هذه المهنة من خلال جعلها عملية أكثر سلاسة وتوفير الآلات اللازمة".
كسر الحواجز
وأفاد الموقع الأميركي بأنه بالنسبة لبعض النساء، أصبح دخول صناعة صيد الأسماك أسلوب حياة وليس وظيفة. إنه مجال صعب، لاسيما في مجتمع تقليدي يتم فيه الحكم على النساء العاملات في كثير من الأحيان، وحيث يهيمن الرجال على صناعة صيد الأسماك.
قالت ندى إبراهيم، وهي أم لثلاثة أطفال من عكار وتعتبر نفسها الآن صيّادة سمك: "حتى زوجي رفض شركتي في البداية، لكني قلت إنه لا عيب في العمل لكسب لقمة العيش بشكل أخلاقي، إنني الآن أساعد في الزراعة والصيد بشباك الجر أحيانًا".
وأشار الموقع الأميركي، أنه بالرغم من أن الأزمة الاقتصادية في لبنان قد غيرت دور المرأة في القوى العاملة وخلق فرص عمل كانت مخصصة للرجال في السابق، فإن زيادة استقلالية المرأة ومسؤولياتها لم يقترن بتكافؤ الفرص، حيث تعتمد الأسر التي ترأسها نساء بشكل أكبر على الائتمان والدعم من الأقارب من أولئك الذين يرأسهم الرجال.