ترامب يلمّح.. هل يدعم ضم الضفة الغربية لإسرائيل؟.. خبراء يجيبون
ترامب يلمّح.. هل يدعم ضم الضفة الغربية لإسرائيل؟.. خبراء يجيبون

أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجددًا الجدل بتصريحات غامضة حول مساحة إسرائيل وحدودها، في تعليق قد يحمل دلالات سياسية عميقة بشأن مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة، خلال مؤتمر صحفي في المكتب البيضاوي، رفض ترامب الإفصاح بوضوح عن موقفه من مسألة ضم إسرائيل للضفة الغربية، لكنه وصف إسرائيل بأنها "دولة صغيرة جدًا"، ملمحًا أنها قد تحتاج إلى توسعة جغرافية.
التصريحات جاءت عشية لقاء مرتقب بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض؛ ما زاد من التكهنات حول احتمال طرح خطوات جديدة لدعم إسرائيل التوسع الإقليمي، في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على الضفة الغربية، ومع تصاعد التوترات في غزة، تطرح تساؤلات ملحّة: هل يسعى ترامب لإعادة رسم حدود المنطقة؟ وهل يمكن أن يدعم مخططًا إسرائيليًا لضم الضفة؟
تصريحات غامضة
أثناء إجابته على أسئلة الصحفيين في البيت الأبيض، رفض ترامب الإجابة مباشرة عندما سُئل عما إذا كان يؤيد ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، واكتفى بالقول: "لن أتحدث عن ذلك، لكن إسرائيل صغيرة جدًا"، ثم استخدم تشبيهًا مثيرًا ليقارن بين مساحة إسرائيل وبقية الشرق الأوسط، حيث قال: "إسرائيل تشبه رأس هذا القلم فقط، وهذا ليس جيدًا، أليس كذلك؟ لقد استخدمت هذا التشبيه، وهو دقيق جدًا في الواقع، إنها دولة صغيرة جدًا، ومن المذهل أنهم تمكّنوا من تحقيق ما حققوه".
تصريحاته هذه أعادت إلى الأذهان مواقفه السابقة التي تحدث فيها عن أن إسرائيل تبدو صغيرة على الخريطة، وتساءل كيف يمكن توسيعها، في إشارة تحمل أبعادًا تتجاوز مجرد الحديث الجغرافي إلى أجندة سياسية قد تكون قيد الإعداد.
توقيت حساس
تأتي هذه التصريحات في وقت يواجه فيه نتنياهو ضغوطًا داخلية ودولية متزايدة، وهو بحاجة إلى دعم أمريكي قوي لضمان استمرار سياساته التوسعية.
من المقرر أن يلتقي ترامب ونتنياهو اليوم في البيت الأبيض، حيث يتوقع أن يكون ملف الضفة الغربية حاضرًا بقوة على طاولة المباحثات، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية، وتصاعد عمليات الهدم والتهجير في مدن مثل جنين ونابلس، والضغط من اليمين الإسرائيلي لدفع الحكومة نحو إعلان ضم رسمي لمناطق جديدة.
وإذا ما أظهر ترامب تأييدًا ضمنيًا أو علنيًا لهذا التوجه، فقد يكون ذلك تمهيدًا لخطوات مستقبلية في هذا الاتجاه، على غرار قراره في 2019 بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل.
هل يمكن لترامب دعم ضم الضفة الغربية؟
منذ توليه الرئاسة، تبنى ترامب سياسات داعمة لإسرائيل بشكل غير مسبوق، أبرزها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها عام 2018، والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، في خطوة أثارت غضبًا عربيًا ودوليًا، وتبنّى "صفقة القرن" التي اعتُبرت منحازة تمامًا لإسرائيل، حيث طرحت تصورًا يترك الضفة الغربية مقطعة الأوصال تحت السيطرة الإسرائيلية.
إذا كان ترامب قد صرّح سابقًا بأنه "يفكر في كيفية توسيع مساحة إسرائيل"، فإن هذا يثير مخاوف من أن تكون مسألة ضم الضفة الغربية مدرجة ضمن أجندته السياسية المستقبلية.
من جانبه، يقول د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية:إن تصريحات ترامب بشأن "حجم إسرائيل" ليست عفوية، بل تعكس نمط تفكير إداراته السابقة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
ويضيف في حديثه لـ"العرب مباشر"، ترامب معروف بنهجه الداعم لإسرائيل دون قيد أو شرط، وقد رأينا ذلك في قراراته السابقة، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها، ثم الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، عندما يتحدث ترامب عن توسيع إسرائيل أو صغر حجمها، فإنه يلمح إلى إمكانية دعم مخططات الضم، خاصة في ظل الضغوط الداخلية التي يواجهها نتنياهو من اليمين المتطرف.
وأكد فهمي، أن الإدارة الأمريكية تستخدم التصريحات الغامضة أحيانًا لاختبار ردود الفعل الدولية، مضيفًا، إذا كان هناك رفض دولي قوي، فقد تتراجع واشنطن أو تلتزم الصمت، لكن إذا لم تواجه معارضة حقيقية، فقد نشهد خطوات أكثر جرأة نحو فرض وقائع جديدة على الأرض، تمامًا كما حدث مع الجولان وصفقة القرن.
وتابع، على الدول العربية والفلسطينيين التحرك دبلوماسيًا بشكل استباقي، لأن ترك الأمور للمجهول قد يسمح لإسرائيل بالمضي قدمًا في تنفيذ مخطط الضم تدريجيًا، خاصة في ظل استمرار التصعيد العسكري في الضفة.
موقف الإدارة الأمريكية من وقف إطلاق النار في غزة
على صعيد آخر، تحدث ترامب خلال المؤتمر الصحفي عن عدم وجود ضمانات لاستمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وهو الاتفاق الذي بدأ سريانه بعد أسبوعين فقط من توليه منصبه، وقال ترامب للصحفيين: "ليست لديّ أي ضمانة بأن السلام سيصمد".
لكن مستشاره للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي كان جالسًا إلى جانبه، حاول تهدئة الأجواء قائلًا:
"الهدنة صامدة حتى الآن، ونأمل أن نستطيع إخراج الرهائن وإنقاذ أرواح، وربما التوصل إلى تسوية سلمية للوضع برمّته".
إلا أن هذا الموقف المتردد من واشنطن، بالتزامن مع التصعيد الإسرائيلي المستمر في الضفة الغربية، يُلقي بظلال من الشك على إمكانية تحقيق أي تهدئة طويلة الأمد، خصوصًا إذا ما حصلت إسرائيل على ضوء أخضر ضمني لمواصلة عملياتها التوسعية.
من جهته، قال الإعلامي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب: إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى إلى ضم الضفة الغربية ضمن حدود الكيان الصهيوني، في خطوة تهدف إلى إنهاء أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأضاف: أن ترامب يواصل الدفع نحو مخطط التهجير والضم، حيث من المقرر أن يناقش مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غدًا سبل توسيع حدود الكيان الصهيوني، تمهيدًا لإعلان الدولة اليهودية الخالصة.
وتابع بكري: أن ما يجري هو نموذج جديد لما يُعرف بالسلام الصهيوني-الأمريكي، الذي يقوم على فرض الأمر الواقع وتصفية القضية الفلسطينية، مشددًا على أن هذا التوجه يُنذر بمزيد من التوتر والتصعيد في المنطقة.
تصعيد في الضفة الغربية
يذكر، أن في الوقت الذي يفتح فيه ترامب باب التكهنات حول مستقبل الأراضي الفلسطينية، يواصل الجيش الإسرائيلي تصعيده العسكري في الضفة الغربية، حيث شهدت الأيام الأخيرة، هدم منازل وتهجير قسري للسكان في مناطق مختلفة، واجتياحات عسكرية مكثفة في جنين ونابلس ومخيمات اللاجئين، ومواجهات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى.
هذا التصعيد يطرح تساؤلات مهمة، هل تهيّئ إسرائيل الأجواء لفرض واقع جديد على الأرض، مستغلة الغموض في موقف الإدارة الأمريكية؟