حزب الله يفقد السيطرة على تشكيل الحكومة اللبنانية.. ماذا بعد؟
حزب الله يفقد السيطرة على تشكيل الحكومة اللبنانية.. ماذا بعد؟

تشهد الساحة السياسية اللبنانية تطورات غير مسبوقة، حيث يبدو أن حزب الله يواجه تحديات غير معهودة في فرض هيمنته على مسار تشكيل الحكومة المقبلة، للمرة الأولى منذ سنوات، يجد الحزب نفسه في وضع غير مريح سياسيًا، مع تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية التي تُهدد نفوذه التقليدي على السلطة، جاءت هذه التطورات وسط تغييرات إقليمية ودولية متسارعة، وانقسامات داخلية حادة، مما يفتح الباب أمام تساؤلات كبرى، هل يعكس هذا التراجع بداية مرحلة جديدة في المشهد السياسي اللبناني، وهل يمكن أن يؤدي إلى إعادة تشكيل التوازنات داخل النظام الحاكم؟، في ظل أزمة اقتصادية خانقة، وضغوط أمريكية وخليجية متزايدة، وصراعات داخل الحلفاء التقليديين لحزب الله، يبدو أن لبنان يقف على أعتاب مرحلة قد تعيد رسم معادلات السلطة بشكل جذري.
تحديات متصاعدة
لطالما كان حزب الله لاعبًا محوريًا في تشكيل الحكومات اللبنانية، مستفيدًا من تحالفاته السياسية والعسكرية، إلا أن المتغيرات الأخيرة تشير إلى تآكل قدرته على التحكم بالمشهد السياسي.
أبرز العوامل التي أضعفت نفوذ حزب الله في ملف تشكيل الحكومة الضغوط الدولية والإقليمية المتزايدة، حيث تتصاعد الضغوط الأمريكية والخليجية على لبنان، وباتت الدول الغربية والعربية أكثر صرامة في ربط دعمها الاقتصادي بالإصلاحات السياسية، مما يقلل من قدرة حزب الله على فرض حكومة موالية له بالكامل، بالإضافة الى الضربات الإسرائيلية التي زلزلت هرم القيادة بعد اغتيال حسن نصر الله ومعظم قادة حزب الله.
وأشار مراقبون، أن الجهود العربية والأوروبية في الملف اللبناني، نجحت في إضعاف تأثير الحزب على الحكومة المقبلة، وهو ما يتجلى في المفاوضات الجارية حول الأسماء المطروحة لرئاسة الحكومة والوزراء الرئيسيين.
تشكيل الحكومة اللبنانية
في الوقت الذي تتواصل فيه المفاوضات لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة نواف سلام، ما تزال العقبات السياسية تعرقل التوصل إلى اتفاق نهائي، رغم المؤشرات السابقة التي كانت توحي بقرب إعلان التشكيلة الحكومية.
وبحسب مصادر مطلعة، لم يتمكن سلام حتى الآن من الاتفاق سوى مع "الثنائي الشيعي"، حيث تم حسم معظم الأسماء الوزارية لحزب الله وحركة أمل، باستثناء الوزير الشيعي الخامس، الذي سيتم تعيينه لاحقًا بالتوافق بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية جوزيف عون.
أما على الضفة الأخرى، فلا يزال حزب القوات اللبنانية يبدي تحفظات جوهرية على التشكيلة الحكومية وبيانها الوزاري، ملمحًا إلى احتمال عدم منحها الثقة في حال لم تُراعَ المعايير المتفق عليها. في المقابل، لم يحسم التيار الوطني الحر موقفه من المشاركة في الحكومة، وسط توقعات بأن يعلن جبران باسيل قراره خلال مؤتمر صحفي مرتقب يوم الثلاثاء.
وبينما تتواصل المشاورات مع مختلف القوى السياسية، يسود الترقب المشهد اللبناني، مع تصاعد الحديث عن احتمال الإعلان عن الحكومة خلال الأيام القليلة المقبلة.
وكان نواف سلام قد أكد أن عملية التشكيل تسير بشكل إيجابي وفق "نهج إصلاحي إنقاذي"، مشددًا على أنه صاحب القرار في اختيار الوزراء بعد التشاور مع الكتل النيابية، ونافيًا ما يُشاع عن فرض أسماء وزارية عليه.
في السياق ذاته، كشف النائب مروان حمادة، عن بعض الأسماء التي تم الاتفاق عليها، حيث سيتم تعيين ياسين جابر وزيرًا للمالية، وناجي أبو عاصي للخارجية، والقاضي أحمد الحجار للداخلية، وتمارا الزين للبيئة، إضافة إلى اختيار فايز رسامني (الأشغال) ونزار هاني (الزراعة) ضمن حصة اللقاء الديمقراطي.
وأكد حمادة أن الحكومة المقبلة لن تتضمن "ثلثًا معطّلًا"، وأن الوزير الشيعي الخامس سيكون بالتوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، في إشارة إلى تقليص قدرة حزب الله وحلفائه على التحكم الكامل في قرارات الحكومة المقبلة.
ورغم تسارع الأحداث، ما تزال الشكوك تحيط بقدرة الحكومة الجديدة على تجاوز الانقسامات الحزبية والضغوط الإقليمية؛ مما يجعل مسار تشكيلها اختبارًا حقيقيًا لمستقبل المشهد السياسي اللبناني في المرحلة المقبلة.