مع انطلاق اليوم الثاني لقمة البريكس.. ماذا يجني العرب من الانضمام للتكتُّل؟

انطلق اليوم الثاني لقمة البريكس

مع انطلاق اليوم الثاني لقمة البريكس.. ماذا يجني العرب من الانضمام للتكتُّل؟
صورة أرشيفية

انطلقت اليوم الأربعاء فعاليات اليوم الثاني لقمة تكتل بريكس الخامسة عشرة، والتي تضم قادة الدول، لبحث عدد من الملفات الهامة، منها إنهاء الدولرة واستخدام العملات المحلية للدول الخمس الأعضاء في التكتل – روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا- في التبادل التجاري بينهم.

أجندة قادة البريكس

وأفادت مجلة "فوريس بوليسي" الأمريكية، بأن القمة هذا العام تحظى باهتمام عالمي واسع، بحضور أكثر من 30 زعيمًا ورئيس حكومة من القارة الإفريقية، ويحضر القمة شخصيا الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، بينما يقف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بدلاً من الرئيس فلاديمير بوتين لتجنب المخاطرة باعتقال بوتين بسبب لائحة اتهام المحكمة الجنائية الدولية. 

وتابعت أنه خلال جلسة اليوم يناقش الزعماء إلغاء الدولرة وسبل زيادة استخدام العملات المحلية في التجارة، على الرغم من أن الخبراء يشككون في أن فكرة العملة المشتركة يمكن أن تُؤتي ثمارها، وما قد يحدث هو زيادة استخدام الرنمينبي الصيني، ويستخدم عدد متزايد من الدول الإفريقية، بما في ذلك موريشيوس ونيجيريا وزامبيا، الرنمينبي كعملة احتياطية.
وأضافت أن دول البريكس تمثل أكثر من 40% من سكان العالم، وفي شهر مارس، تجاوزت دول مجموعة السبع من حيث الناتج المحلي الإجمالي. هناك حوالي 23 دولة حريصة على الانضمام، بما في ذلك الجزائر ومصر وإثيوبيا والسنغال، ومعايير التوسع هي موضوع للمناقشة في الاجتماع.

وفي خطاب ألقاه عشية القمة، أكد رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا أن جنوب إفريقيا تدعم توسع البريكس والشراكة مع الدول الإفريقية الأخرى، والتي من خلالها "يمكن للقارة أن تفتح الفرص لزيادة التجارة والاستثمار وتطوير البنية التحتية".

فهو يرى أن التوسع من شأنه أن يلبي "الرغبة المشتركة في إقامة نظام عالمي أكثر توازنا".

توترات القمة

وأفادت المجلة بأنه قبل انطلاق القمة تفاقمت التوترات بين الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا بشأن علاقات بريتوريا الوثيقة مع موسكو، واتهم السفير الأميركي مؤخرًا جنوب إفريقيا بتزويد روسيا بالأسلحة، وأصر رامافوزا على أن بلاده لن تنجر إلى منافسة بين القوى العالمية.

وقال في خطابه: "خلال الحرب الباردة، تم تقويض استقرار وسيادة العديد من الدول الإفريقية بسبب تحالفها مع القوى الكبرى، لقد أقنعتنا هذه التجربة بضرورة البحث عن شراكات إستراتيجية مع دول أخرى بدلاً من أن تهيمن عليها أي دولة أخرى".

وأكدت المجلة أنه الأهم من ذلك أن الحضور الإفريقي الكبير في قمة مجموعة البريكس يسلط الضوء على إصرار القارة على إجراء تغييرات في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، حيث قدمت الجزائر طلبا لتصبح عضوا مساهما في بنك التنمية الجديد لدول البريكس بمساهمة قدرها 1.5 مليار دولار، بحسب شبكة النهار الجزائرية، بينما تعد مصر والإمارات أعضاء فاعلين في البنك.

ويهدف بنك البريكس، وهو مؤسسة على غرار البنك الدولي، إلى الوصول إلى 30 في المائة من الإقراض بالعملات المحلية بحلول عام 2026. ووفقا لرامافوزا، قام البنك بتمويل مشاريع البنية التحتية في جنوب إفريقيا بقيمة 100 مليار راند، أي حوالي 5.3 مليار دولار أميركي.

وانضمت مصر إلى البنك في فبراير للمساعدة في تخفيف النقص في العملة الأميركية، وقال وزير التموين المصري علي مصيلحي في يونيو: إن القاهرة تعتزم سداد ثمن الواردات من الهند والصين وروسيا بعملاتها المحلية بدلا من الدولار الأمريكي، ويرى العديد من الزعماء الأفارقة أن هيمنة الدولار على النظام المالي العالمي تعيق النمو الاقتصادي لدولهم، خاصة بعد أن أدى ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية والغزو الروسي لأوكرانيا إلى تعزيز الدولار مقابل جميع العملات الرئيسية تقريبًا وزيادة تكلفة استيراد السلع المسعرة بالدولار.

وتحرص الصين على رؤية توسع سريع للمجموعة؛ لأن هذا من شأنه أن يعزز مجال نفوذها، وتشير التقارير إلى أن الهند والبرازيل تعارضان هذا الاقتراح، خوفاً من قبول أي عضو يحمل أجندة تنفير الغرب.

توسُّع البريكس وانضمام العرب

وأفادت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، بأن توسعة البريكس تتصدر جدول أعمال اجتماعات زعماء المجموعة التي بدأت اجتماعها أمس الثلاثاء، في جوهانسبرج، وسط توقعات بأن تؤدي المحادثات إلى انضمام دول جديدة بينها السعودية، أكبر شريك تجاري لدول البريكس في الشرق الأوسط، فضلاً عن الإمارات ومصر، وتقدمت 23 دولة بطلبات للانضمام إلى التحالف الاقتصادي، وفقا لمسؤولين في جنوب إفريقيا.

أكد رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، أن بلاده قاومت الضغوط للانحياز إلى القوى العالمية المؤثرة، رغم الأزمات الحادة التي ترهق القارة الإفريقية.

وأوضحت الصحيفة أن الهدف من توسع البريكس هو "البحث عن بدائل" لتوازن القوى العالمي الحالي، وفقا لما ذكرته ناليدي باندور، وزيرة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب إفريقيا.

وتحدث مراقبون اقتصاديون وسياسيون عن الفوائد التي ستجنيها دول البريكس من انضمام دولة تتمتع بثقل اقتصادي وإستراتيجي في المنطقة.

وأكدوا أن النظر إلى الرياض باعتبارها اللاعب الرئيسي في أسواق الطاقة العالمية، وواحدة من أكبر الاقتصادات في مجموعة العشرين، وأسرع الاقتصادات نموا في الشرق الأوسط، من شأنه أن يشجع دول البريكس على الترحيب ترحيبا حارا بانضمام الرياض، مشيرين إلى أن مثل هذه الخطوة سينعكس بشكل مباشر على الناتج المحلي الإجمالي للمجموعة.

وأكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أن بلاده حريصة على تطوير التعاون المستقبلي مع التحالف بما يحقق المصالح المشتركة والرخاء لجميع الأطراف.

تتقاسم المملكة العربية السعودية ومجموعة البريكس القيم الأساسية، بما في ذلك احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والالتزام بالقانون الدولي، والتعاون في مواجهة التحديات المشتركة.

وقال فواز العلمي، الخبير في التجارة الدولية، إن انضمام الرياض المحتمل إلى البريكس يشكل “فرصة مربحة” للمملكة، لأنه سيسهم في التنويع الاقتصادي ويقلل اعتمادها على الكتل الغربية.

ومن ناحية أخرى، حذر العلمي من المخاطر والتحديات المحتملة المرتبطة بمثل هذه الخطوة، بما في ذلك زيادة المنافسة الجيوسياسية بين الغرب وتكتل القوى الشرقية، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى توسيع الشرخ في الاقتصاد العالمي.

وأضاف أن السعودية يجب أن تفكر في مزايا وعيوب الانضمام، مشيرًا إلى أن البريكس ليس منظمة اقتصادية، ولكنها “منظمة سياسية بحتة تجمع رابطة الدول غير الراضية عن النظام العالمي أحادي القطب”.

من جانبه، قال المحلل السياسي أحمد الإبراهيم: إن الانضمام إلى البريكس أو إقامة علاقات أعمق مع أعضائها قد يوفر للسعودية والإمارات وباقي الدول العربية فرصًا لتنويع شراكاتها، بما يتجاوز حلفاءها التقليديين.