اليمن بين النار والجوع: كيف يدفع المدنيون الثمن الأكبر؟

اليمن بين النار والجوع: كيف يدفع المدنيون الثمن الأكبر؟

اليمن بين النار والجوع: كيف يدفع المدنيون الثمن الأكبر؟
اليمن

يشهد اليمن، الدولة الواقعة في جنوب شبه الجزيرة العربية، والمحاطة بالمملكة العربية السعودية شمالًا، وسلطنة عمان شمال شرق، والبحر الأحمر غربًا، وخليج عدن جنوبًا، وبحر العرب شرقًا، واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث، حسبما نقلت صحيفة "تركيا توداي".


يشارك اليمن حدوده البحرية مع إريتريا، وجيبوتي، والصومال عبر القرن الأفريقي، مما يجعله موقعًا استراتيجيًا مهمًا، إلا أنه يُعاني من دمار شامل جراء الصراع المستمر. 

مأساة إنسانية


تعتمد أكثر من 18 مليون شخص، أي ما يقارب نصف سكان البلاد، على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية للبقاء على قيد الحياة. ويشكل ميناء الحديدة شريان الحياة الرئيس لدخول الإمدادات الضرورية، إلا أن العمليات العسكرية المتكررة، بما في ذلك الضربات الجوية الغربية على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، أدت إلى تعطيل تدفق هذه الإمدادات، مما فاقم معاناة المدنيين في جميع أنحاء البلاد. 


ورغم حجم الكارثة الإنسانية، فإن اليمن يُواجه خطر التهميش والنسيان على الساحة الدولية، فلا يُمكن للعالم أن يسمح باستمرار هذه المأساة بعيدًا عن الأضواء، إذ يعتمد ملايين الأرواح، ولا سيما النساء والأطفال، على تحرك عاجل لإنهاء معاناتهم المتفاقمة. 

تدهور الأوضاع الصحية


وأفادت الصحيفة بأن الأمراض القابلة للعلاج مثل الكوليرا والملاريا والحصبة تنتشر في اليمن بشكل مقلق، مما يُعرّض الملايين للخطر في ظل انهيار شبه كامل للمرافق الصحية، تُعاني المستشفيات والمراكز الطبية من نقص حاد في الكهرباء والمعدات الطبية والمياه النظيفة، ما يضع الأسر اليمنية أمام خيارات مستحيلة في سبيل تأمين الغذاء والماء والرعاية الصحية الأساسية. 


ويُعدً النساء والأطفال هم الأكثر تضررًا من هذه الكارثة، حيث تعجز الأمهات عن الحصول على الرعاية الطبية المناسبة لأنفسهن أو لأطفالهن، مما يُؤدي إلى وفيات يُمكن تفاديها بسبب سوء التغذية والأمراض والافتقار إلى الخدمات الصحية، كما يُواجه الأطفال مستقبلًا قاتمًا، إذ تؤثر المجاعة على نموهم وتطورهم، بينما يُعانون من صدمات نفسية جراء العنف المستمر والنزوح القسري وفقدان أفراد عائلاتهم. 


وتابعت أن الضربات الجوية الإسرائيلية، التي يتم تبريرها غالبًا تحت مسمى "الدفاع عن النفس"، أسفرت عن مقتل عدد كبير من المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال الذين لا علاقة لهم بالصراع.


وأضافت أن هذه الخسائر البشرية لا يمكن تبريرها من الناحية القانونية أو الأخلاقية، كما أن الهجمات التي تنفذها الجماعات اليمنية ضد إسرائيل، والتي تعتبرها أطراف دولية غير متناسبة، أدت بدورها إلى وقوع ضحايا مدنيين، ومن الواضح أن أي مقتل مدني، بغض النظر عن الجهة المسؤولة، لا يُمكن اعتباره أمرًا مقبولًا. 


تصاعد العنف والعوائق أمام المساعدات الإنسانية


وأضافت الصحيفة أن تصاعد العمليات العسكرية تسبب في تفاقم الأوضاع الإنسانية بعدما أقحم الحوثيون الشعب اليمني في حرب الشرق الأوسط، حيث استهدفت الغارات الجوية والهجمات العسكرية البنية التحتية الأساسية مثل الموانئ والمطارات وشبكات النقل، مما أعاق إيصال المساعدات الإنسانية، وقلل من إمكانية وصول الغذاء والدواء إلى المحتاجين.


وأضافت أن تدمير هذه المنشآت الحيوية جعل من المستحيل تقريبًا على منظمات الإغاثة الوصول إلى الملايين الذين يعيشون في ظروف يائسة.

ورطة اليمن بسبب الحوثيون


في هذا السياق، كثف الحوثيون، مشاركتهم في النزاعات الإقليمية كجزء من ما يُسمى بـ"محور المقاومة" المدعوم من إيران. وتشمل أنشطتهم شن هجمات صاروخية وبالطائرات المسيّرة على إسرائيل واستهداف طرق الشحن التجارية، مما أدى إلى تعطيل جهود الإغاثة الدولية وزيادة حالة عدم الاستقرار العالمية.


وأكدت الصحيفة أن موقع اليمن الاستراتيجي على ممرات بحرية حيوية مثل البحر الأحمر ومضيق باب المندب زاد من تعقيد وصول المساعدات، حيث أصبحت هذه المناطق ساحات عسكرية متوترة. 

انتهاكات القانون الدولي


وأسفرت الهجمات العسكرية الإسرائيلية، وكذلك الهجمات المضادة التي تنفذها الميليشيات اليمنية الحوثية، أسفرت عن وقوع خسائر بشرية جسيمة بين المدنيين، سواء تم تبرير هذه الهجمات تحت ذريعة الدفاع عن النفس أو لا، فإنها تجاوزت حدود التناسب، متسببة في قتل الأبرياء الذين لا علاقة لهم بالصراع. النساء والأطفال، الذين لا يتحملون أي مسؤولية في هذه الحرب، هم الأكثر تضررًا، في ظل غياب حماية فعالة لهم بموجب القانون الإنساني الدولي، الذي يُؤكد على ضرورة حماية المدنيين في النزاعات المسلحة.