موعد القمة العربية الطارئة في مصر: بين التأجيل والتحديات اللوجستية
موعد القمة العربية الطارئة في مصر: بين التأجيل والتحديات اللوجستية

تُواجه القمة العربية الطارئة المقرر عقدها في مصر يوم 27 فبراير احتمال التأجيل لأسباب تتعلق بترتيبات حضور القادة العرب، في ظل سعي القاهرة لضمان تمثيل واسع النطاق لإنجاح الاجتماع. يأتي هذا التطور في لحظة حساسة تشهد تصاعد التوترات الإقليمية، حيث تُلقي الأزمة الفلسطينية بظلالها على المشهد العربي، وسط تحركات دبلوماسية لإيجاد موقف موحد تجاه الأوضاع في غزة والمخططات الإسرائيلية الرامية إلى تهجير السكان، يبرز التساؤل حول ما إذا كان التأجيل سيسهم في تعزيز فاعلية القمة أم سيؤثر على الزخم السياسي الذي تُحاول الدول العربية الحفاظ عليه، في الوقت ذاته، تشكل القمة الخماسية في الرياض محطة محورية في رسم ملامح التحرك العربي القادم، ما يجعل التنسيق بين العواصم العربية أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
*ضرورة سياسية أم تعقيدات لوجستية*
كشف السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، أن تحديد موعد القمة العربية الطارئة لا يزال قيد المراجعة، حيث تسعى مصر إلى تأمين مشاركة أوسع من القادة العرب، في خطوة تهدف إلى تعزيز شرعية أي قرارات تصدر عن القمة.
وأوضح أن أي تعديل في الجدول الزمني سيكون ناتجًا عن تحديات لوجستية تتعلق بجدولة حضور القادة، وليس لأسباب سياسية أو إجرائية.
*محورية القمة في مواجهة التهجير الإسرائيلي*
تحمل القمة أهمية خاصة في ضوء المستجدات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، حيث يتزايد القلق العربي من محاولات فرض واقع جديد على قطاع غزة من خلال مخططات التهجير التي تتبناها إسرائيل وتحظى بدعم أمريكي غير مباشر.
وفي هذا السياق، تسعى مصر إلى تقديم رؤية شاملة لإعادة إعمار غزة، ترتكز على تمكين الفلسطينيين من إعادة بناء مدنهم دون اللجوء إلى نزوح قسري خارج القطاع.
تأتي القمة في وقت تُواجه فيه الدول العربية تحديًا في توحيد موقفها تجاه الحلول المطروحة، خاصة فيما يتعلق بالمقترحات الأمريكية بشأن غزة.
وبينما تُشدد العواصم العربية على ضرورة احترام خيارات الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن القمة من بلورة موقف عملي مؤثر، أم ستكون مجرد تجديد للمواقف التقليدية دون آليات تنفيذ واضحة؟
*دور حماس في المعادلة الجديدة*
من التطورات اللافتة تصريحات حركة حماس حول استعدادها للتخلي عن حكم غزة، وهو ما قد يفتح المجال أمام ترتيبات جديدة تشمل إعادة هيكلة الإدارة الفلسطينية في القطاع.
ويشكل هذا التطور نقطة محورية في المباحثات العربية، إذ يمكن أن يسهم في تعزيز فرص التوافق حول آليات مستقبلية لحكم غزة، بعيدًا عن الطروحات الإسرائيلية الساعية إلى فرض حلول أحادية الجانب.
وتُواجه السلطة الفلسطينية أزمة مالية خانقة جراء الضغوط الإسرائيلية، ما يجعلها غير قادرة على الاضطلاع بدورها في إدارة المناطق الفلسطينية. وتطرح القمة الطارئة إمكانية تقديم دعم مالي وسياسي للسلطة، بما يُساعدها على استعادة دورها في إدارة الشأن الفلسطيني. ومع ذلك، فإن غياب إجماع عربي حول آليات الدعم يمثل تحديًا قد يحد من فاعلية أي قرارات تصدر عن القمة.
*القمة الخماسية: تمهيد للقرار العربي الموحد*
قبل القمة الطارئة، تبرز القمة الخماسية في الرياض، التي تجمع مصر والأردن والسعودية والإمارات وقطر، كمحطة أساسية في صياغة موقف عربي أكثر تماسكًا. وبينما لم تشارك جامعة الدول العربية بشكل رسمي في الاجتماعات الخماسية السابقة، فإن نتائج هذه القمة قد تؤثر بشكل مباشر على مخرجات القمة الأوسع، لا سيما فيما يتعلق بمسألة التهجير وإعادة الإعمار.
من جانبه، يرى الدكتور محمد المنجي أستاذ العلوم السياسية، أن القمة العربية الطارئة تشكل فرصة لإعادة ترتيب الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية، لكنها في الوقت ذاته تُواجه تحديات كبيرة تتعلق بمدى قدرة القادة العرب على اتخاذ قرارات قابلة للتنفيذ، وليس مجرد بيانات تضامنية.
ويشير المنجي - في حديثه لـ"العرب مباشر" - إلى أن التأجيل المحتمل يعكس صعوبة التوصل إلى توافق كامل بين الدول العربية بشأن آليات التعامل مع الأزمة، خاصة في ظل الانقسام حول كيفية دعم السلطة الفلسطينية ودور الفصائل في غزة. وأضاف: "هناك فجوة واضحة بين الطروحات الأمريكية والإسرائيلية التي تسعى إلى إعادة صياغة الواقع في غزة، والموقف العربي الذي يرفض التهجير، لكن حتى الآن لم يتم تقديم بدائل واضحة تعكس موقفًا موحدًا".
ويرى أن القمة الخماسية في الرياض قد تكون المفتاح الحقيقي لفهم مسار القمة الطارئة، إذ إن أي توافق بين الدول الفاعلة في الملف الفلسطيني سيُؤثر مباشرة على نتائج الاجتماع الموسع في القاهرة. وختم المنجي حديثه قائلًا: "التحدي الأكبر أمام القمة ليس فقط اتخاذ موقف موحد، بل القدرة على تحويل هذا الموقف إلى إجراءات ملموسة تمنع فرض حلول أحادية على الفلسطينيين".