أحكام مشددة بحق قيادات من حركة النهضة في قضية التآمر على أمن الدولة تهز المشهد السياسي التونسي
أحكام مشددة بحق قيادات من حركة النهضة في قضية التآمر على أمن الدولة تهز المشهد السياسي التونسي

في خطوة قضائية وُصفت بأنّها رسالة حازمة من الدولة ضدّ أي محاولات لزعزعة الاستقرار، أصدرت إحدى الدوائر الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب في تونس أحكامًا مشددة بحق عدد من العناصر البارزة في حركة "النهضة" على خلفية ما عُرف بـ"قضية التآمر على أمن الدولة".
ووفقًا لمصادر قضائية مطلعة، شملت الأحكام عقوبات بالسجن لفترات طويلة تراوحت بين عشر سنوات وعشرين سنة، بحق قيادات وأعضاء اتُّهموا بتنسيق أنشطة سرية تهدف إلى إضعاف مؤسسات الدولة وإحداث اضطرابات أمنية خلال الفترة الماضية.
وأكدت المحكمة في منطوق حكمها أنّ التحقيقات كشفت عن مخططات تضمنت اتصالات خارجية وتمويلات مشبوهة، إضافة إلى تحركات ميدانية هدفها التأثير على أجهزة الأمن وتخريب الاستقرار الداخلي.
وقد تباينت ردود الفعل السياسية فور صدور الأحكام؛ إذ اعتبر مراقبون أنّ القرارات تعكس توجّهًا حازمًا لحماية مسار الدولة ومنع أي انزلاق نحو الفوضى، فيما وصفت قيادات من حركة "النهضة" الأحكام بأنها "سياسية وقاسية" وتعهدت بالطعن فيها أمام الجهات القضائية المختصة.
من جهته، شدّد مصدر حكومي تونسي على أنّ القضاء يتحرك وفق الأدلة والمعطيات المتوفرة، وأنّ الدولة لن تتهاون مع أي مخطط يستهدف أمنها الوطني. وأضاف المصدر أنّ هذه القضية تمثل محطة مفصلية في مسار مواجهة الشبكات والتنظيمات التي سعت لاستغلال الظرف الاقتصادي والسياسي في البلاد لتهديد السلم الأهلي.
ويُؤكد محللون أنّ هذه الأحكام ستنعكس على المشهد السياسي التونسي خلال المرحلة المقبلة، وسط توقعات بمزيد من التوتر بين السلطات وحركة "النهضة"، في وقت تواجه فيه تونس تحديات اقتصادية واجتماعية حساسة تتطلب استقرارًا سياسيًا واسع النطاق.
قال المحلل السياسي التونسي د. منذر العابد إنّ الأحكام المشددة التي أصدرتها الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب بحق عدد من قيادات وعناصر حركة "النهضة" في قضية التآمر على أمن الدولة، تمثل "منعطفًا حاسمًا ورسالة صارمة بأن الدولة التونسية لن تسمح بتهديد كيانها أو تقويض مؤسساتها".
وأوضح العابد - في تصريح خاصة لـ"العرب مباشر" - أنّ هذه الأحكام لم تأتِ بمعزل عن تراكمات السنوات الأخيرة، حيث أثبتت التحقيقات –بحسب ما أوردته النيابة العامة– وجود تحركات واتصالات خارجية ومخططات لزعزعة الاستقرار الداخلي. وأضاف: "هذا الملف لا يخص خصومة سياسية عادية، بل يتعلق بتهديد مباشر للأمن القومي التونسي، ولذلك كان القضاء حازمًا وواضحًا في أحكامه".
وأشار المحلل إلى أنّ تأثير هذه القرارات سيكون واسعًا على المشهد السياسي، خاصة أنّها تضعف قدرة حركة "النهضة" على إعادة التموضع أو استعادة نفوذها التقليدي، كما أنها ترفع منسوب الثقة لدى الرأي العام في مسار الدولة نحو مواجهة كل محاولات الفوضى.
وختم العابد بالقول: "المطلوب اليوم من جميع القوى الوطنية دعم القضاء ومؤسسات الدولة، لأنّ استقرار تونس ليس مجالًا للمساومة أو المناورة السياسية".