الصومال بين رحايا الأطماع التركية وفساد المسؤولين
لم تسلم الصومال من أطماع تركيا، التي بدأت منذ أكثر من عقد، تحت ستار المساعدة لتخطي تداعيات الحروب الأهلية والمجاعات والصراعات الدامية، بينما كان يوطد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من خلال ذلك أقدامه بها لاستغلالها نظرًا لموقعها الإستراتيجي، كونها مطلة على القرن الإفريقي والمحيط الهندي.
تركيا تسلم الصومال مركبات عسكرية
وتحت نفس الغطاء الخبيث، أعلنت وزارة الدفاع التركية، في نهاية الشهر الماضي، تسليم الجيش الصومالي 12 عربة عسكرية مدرعة، بدعوى إطار التعاون المالي والعسكري بين البلدين.
وقالت وزارة الدفاع التركية: إنه تم جرى تسليم الجيش الصومالي 12 ناقلة أفراد مصفحة مقاومة للألغام، وتمت عملية التسليم في ميناء العاصمة الصومالية مقديشو.
وفي 24 أغسطس الماضي، قدمت وزارة الدفاع التركية 12 مركبة عسكرية لفرقة المشاة الصومالية الثالثة، وذلك لتسهيل حركتها في الطرق الوعرة، مشيرة إلى أنه جرى تسليم المركبات لرئاسة الأركان الصومالية في 22 أغسطس الجاري، بميناء مقديشو.
سخط بالجيش الصومالي
وعقب وصول المركبات، كشفت مصادر مقربة للمؤسسة العسكرية في الصومال لموقع "العرب مباشر" أن مجموعة كبيرة من الضباط أصحاب الرتب العالية، بالإضافة إلى عناصر تابعة لهم عبروا عن سخطهم من السطوة التركية على الجيش الفيدرالي بعدة أشكال حتى إن كان من خلال هذا النوع من الهبات أو غيره.
وأضافت المصادر: أن هذا الاعتراض ليس بجديد، حيث بدأ منذ أن وضع الرئيس الصومالي كافة مقدرات جيشه بتصرف الأتراك.
كما كشفت المصادر أن هناك انقسامًا كبيرًا في الجيش يهدد بتقويض هذه المؤسسة، حيث أصبح واضحًا أن هناك جناحًا تابعًا للتأثير التركي وآخر معارضًا له، ما ولد خطرًا بأن العديد من القبائل بدأت تدخل على خط هذا الصراع.
وكانت شخصيات صومالية أبدت تخوفاتها مؤخرًا من أن يؤدي ذلك إلى صراع مسلح بين الطرفين قد يستفيد منه فارماجو ليعزز عدم إجراء الانتخابات.
أميركا توقف مساعداتها للصومال
وبالتزامن مع تلك المحاولات التركية بالسطو على الجيش الصومالي، أعلنت الولايات المتحدة أنها أنفقت خلال العقدين الماضيين 3.5 مليار دولار لاستعادة أمن الصومال، دون أن يسفر ذلك عن نتيجة تذكر.
وأكدت القائمة بأعمال مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة شيريث شاليه نورمان، أن بلادها ما زالت تستخدم الغارات الجوية لاستهداف قيادات حركة "الشباب"، لكنها اعترفت بأن العمليات العسكرية وحدها لن تؤدي إلى النصر على الإرهابيين.
كما أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من الضرائب التي تدفعها جهات محلية لحركة "الشباب"، مشيرة إلى أن الحركة مثلًا استخدمت الأموال التي تأخذها من المؤسسات التجارية في الهجوم الذي شنته مؤخرًا على فندق "إيليت" في مقديشو.
وكانت قيادة القوات الأميركية في إفريقيا كشفت في تقرير لها أنها شنت على حركة "الشباب" خلال العام الجاري وحده 46 غارة جوية، كما يدرب الجيش الأميركي القوات الصومالية الخاصة إلى جانب الغارات التي يشنها على مواقع حركة "الشباب"، ومع ذلك فإن التحدي الأمني الذي تشكله الحركة لا يزال قائمًا.
السبب الحقيقي لوقف المساعدات
وتعليقًا على ذلك، كشف معنيون بالشأن الدبلوماسي في مقديشو، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، أن أحد الأسباب الرئيسية لوقف واشنطن مساعدتها المالية هو اكتشاف تقاسم مبالغ من هذه المساعدات بين شخصيات أمنية كبيرة تابعة للحلقة الضيقة لفهد ياسين وبين قادة في حركة الشباب.
وأضاف المعنيون بالشأن الدبلوماسي أن ذلك يتم تحت غطاء مؤسسات خيرية أو وزارات تسيطر عليها هذه الشخصيات، فتسارع باختلاس هذه المساعدات المخصصة لها وتعطي حركة الشباب قسمًا منها.
وأوضحوا أن ذلك التقاسم يأتي بهدف إبقاء هجمات التنظيم الإرهابي بعيدة عن مصالحهم وفي الوقت نفسه قيام الشباب بهجمات ضد معارضين لوجود ياسين بالسلطة، أو من يريد أن تجرى الانتخابات الرئاسية في فبراير.