الصومال.. بين فكَّيْ أردوغان: مُخطَّطات استغلال وفساد

الصومال.. بين فكَّيْ أردوغان: مُخطَّطات استغلال وفساد
الرئيس التركي والرئيس الصومالي

بداخل القرن الإفريقي، اختارت تركيا موطئ قدم لها لنشر الإرهاب والفساد والسيطرة على المناطق الهامة، لتنصب شباكها على الصومال منذ أكثر من عقد، واتخذت المساعدات الإنسانية والعسكرية، ستارًا لتدخلاتها، مستغلة موقعها الإستراتيجي.

تتريك الصومال


يحاول الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" تحقيق ما بات يطلق عليه "تتريك الصومال"، حتى يتمكن من تحويلها لولاية تابعة لأنقرة، ضمن مخططه لاستعادة الحكم العثماني، فسعى لإلغاء هويتها العربية وإنشاء مدارس لتعليم الأطفال اللغة التركية، بجانب تدخلاته للسيطرة على القرارات السياسية والحكومية، والتأثير على قرار حكوماتها لصالح مشروعه في المنطقة والقرن الإفريقي.

بداية السيطرة


بدأ أردوغان خطته للسيطرة على تركيا، في نهاية التسعينيات، حيث زار وفد تركي برئاسته العاصمة الصومالية مقديشو في العام 2011، وذلك أثناء المجاعة التي اجتاحت البلاد، وبعد أربع سنوات عاد الرئيس التركي لزيارتها، حيث وقع مع الحكومة الصومالية عدة اتفاقيات شملت كافة المجالات الاقتصادية والأمنية والعسكرية والصحية، ما يدرّ ربحًا كبيرًا إلى أنقرة.

كما تخلص من المدارس المصرية التي كانت مخصصة لتعليم الصوماليين، والبعثات الأزهرية، ثم فتح فيها مؤسسة "نايل" تابعة لجماعة "فتح الله جولن" التركية، ومؤسسة تدعى "أناضول" التابعة للملحقية الدينية التركية،  يديرها أتراك ويعلمون الطلاب اللغة التركية، بجانب تحويل مدرسة "15 مايو" التي كان يديرها مصريون، إلى معهد لتدريب الفتيات بإدارة تركية.

أهمية إستراتيجية


يرجع سر اهتمام أردوغان بالصومال إلى أن مدينة "مقديشو" الصومالية تتمتع بموقع إستراتيجي مهم على خليج عدن ومدخل البحر الأحمر من جهة والمحيط الهندي من جهة أخرى، فضلاً عن أنها نقطة اتصال عالمي بين شعوب عالم المحيط الهندي وإفريقيا الشرقية، وتطل على ممرات مائية ذات أهمية تجارية وعسكرية كبيرة، بجانب أنها غنية بالثروات النفطية.

لذلك وطدت تركيا علاقتها العسكرية معها، وأرسلت عدة مساعدات للجيش الصومالي، آخرها حينما أعلنت وزارة الدفاع التركية، في نهاية الشهر الماضي، تسليم الجيش الصومالي 12 عربة عسكرية مدرعة، بدعوى أنها في إطار التعاون المالي والعسكري بين البلدين.

وقالت وزارة الدفاع التركية: إنه جرى تسليم الجيش الصومالي 12 ناقلة أفراد مصفحة مقاومة للألغام، وتمت عملية التسليم في ميناء العاصمة الصومالية مقديشو.
وفي 24 أغسطس الماضي، قدمت وزارة الدفاع التركية  12 مركبة عسكرية لفرقة المشاة الصومالية الثالثة، وذلك لتسهيل حركتها في الطرق الوعرة، مشيرة إلى أنه جرى تسليم المركبات لرئاسة الأركان الصومالية في 22 أغسطس الجاري، بميناء مقديشو.
 
ولد ذلك التدخل غضبًا كبيرًا بين مجموعة من الضباط أصحاب الرتب العالية، بالإضافة إلى عناصر تابعة لهم عبروا عن سخطهم من السطوة التركية على الجيش الفيدرالي بعدة أشكال حتى إن كان من خلال هذا النوع من الهبات أو غيرها، منذ أن وضع الرئيس الصومالي كافة مقدرات جيشه بتصرف الأتراك، فضلاً عن أن هناك انقسامًا كبيرًا في الجيش يهدد بتقويض هذه المؤسسة، حيث أصبح واضحًا أن هناك جناحًا تابعًا للتأثير التركي وآخر معارضًا.

 أطماع أخرى


كما وصل الأمر إلى دعوة أردوغان للتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية بالصومال، حيث كشفت مجلة "جلوبال سيكيوريتي" الأميركية المتخصصة في الشؤون العسكرية، تفاصيل مخطط أنقرة الاستعماري، للسيطرة على الصومال، مؤكدة أن انسحاب "أميصوم" يأمل أردوغان في إحداثه فجوة أمنية تمهد له الطريق للقفز لسدها تحت غطاء شرعي فاشي.

وأضافت المجلة الأميركية أن العلاقات التركية الصومالية تتبطن بمطامع أنقرة في البلد الإفريقي، حيث تم تدشين قاعدة عسكرية تركية في مقديشو عام 2017، والتي تهدف لتكون بوابة لاحتلال الصومال ومنطقة القرن الإفريقي، في موعد الانسحاب المنتظر، لتهرع تركيا إلى مقديشو بحجة "التنقيب"، تحت مزاعم إعادة بناء الجيش الصومالي.

كما قرر "أردوغان" فتح السفارة التركية التي أُغلقت عقب اندلاع الحرب الأهلية في الصومال، وبعد 3 أعوام افتتحت قنصلية عامة لها في إقليم أرض الصومال، عقب نشر تقارير عدة بأن هناك تقديرات تفيد بوجود مخزون هائل من النفط والغاز في المياه الإقليمية لمقديشو.

واتخذت تركيا غطاء آخر بمحاولتها، إقناع واشنطن والاتحاد الأوروبي بتمويل الجيش الصومالي بدل القوة الدولية، وعقب ٥ أعوام، حققت تقدمًا مرعبًا في مخططها بالصومال، بتأسيس أضخم قاعدة عسكرية تركية في الخارج على أرض مقديشو بموجب الاتفاق العسكري، لتخطو الآن بخطوات متسارعة لاستغلال واستنزاف موارد البلد الإفريقي المنكوب الذي يحاول جاهدًا الإفلات من إرهاب المسلحين والحرب الأهلية إلى إرهاب أردوغان.