انتهاكات جسيمة.. جحيم العمالة في قطر

انتهاكات جسيمة.. جحيم العمالة في قطر

منذ أن بدأت قطر مشروعات كأس العالم وانكشف للعالم وجه النظام القبيح، فالانتهاكات أصبحت أمرًا عاديًا يحدث في اليوم الواحد مئات المرات ضد عمال بسطاء يحلمون بحياة أفضل لهم ولأسرهم ليجدوا أنفسهم سقطوا تحت سطوة نظام حوّلهم إلى عبيد يعملون ليلًا ونهار لإنهاء المشروعات ومارس ضدهم كافة أنواع الانتهاكات الإنسانية.


وسائل الإعلام العالمية.. العمال في قطر يعيشون «عبودية مكتملة الأركان»


تقول منظمة العفو الدولة بالتزامن مع بدء العمل في بناء ملاعب كأس العالم الذي تستضيفه الدوحة في 2022 : إن قطاع البناء في قطر مليء بانتهاكات حقوق العمال، حيث تبلغ نسبة العمالة الوافدة في قطر 94% من إجمالي قوة العمل، ويعمل الغالبية العظمى منهم في ظروف شديدة القسوة.


وكشف تقرير للعفو الدولية نشر تحت عنوان "الجانب المظلم لهجرة العمال: أضواء على قطاع البناء في قطر" النقاب عما يتعرض له العمال الأجانب من انتهاكات قال إنها تتم بشكل ممنهج وواسع النطاق.


وسائل الإعلام العالمية اهتمت كثيرًا بقضايا الانتهاكات ضد العمال في قطر، ونشرت صحيفة الجارديان تحقيقا قالت فيه إن عشرات العمال النيباليين توفوا خلال عملهم ببناء منشآت كأس العالم 2022، ما أثار ضجة كبيرة وصلت إلى حد وصفها بالفضيحة بعد الكشف عن أن أسباب الوفاة كانت المعاملة السيئة والظروف القاسية.


وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن العمال المهاجرين يتعرضون لـ "عبودية مكتملة الأركان" في قطر، وأضافت أن العامل عادة ما يوقع على عقد عمل في بلاده قبل أن ينتقل إلى قطر، ثم يوقع على عقد آخر، براتب أقل.

المنظمات الحقوقية حول العالم تنتفض ضد انتهاكات قطر لحقوق العمال


في السياق ذاته، شنت المنظمات الحقوقية حول العالم حملات ضخمة ضد النظام القطري لتخفيف الانتهاكات ضد العمالة الأجنبية في قطر، ووصفت منظمة هيومن رايتس ووتش قطر بالدولة التي تستغل العمالة الوافدة استغلالًا خطيرًا، إذ تجاهلت السلطات تحذيرات بضرورة إصلاح النظام القانوني والتنظيمي الذي يسهل التشغيل القسري.


ووصفت معاناة العمال في قطر بمصطلح "عبودية العمالة" في قطر، وكشفت أن أرباب العمل والشركات التي قامت باستقدام هؤلاء العمال يتجاهلون جميع قوانين العمل، ويتحفظون على جوازات سفرهم ويتعمدون تأخير رواتبهم.


اتهمت منظمة العفو الدولية مجددا دولة قطر بإجبار عمال أجانب (العمالة القسرية) على العمل في إنشاء ملعب لبطولة كأس العالم بكرة القدم 2022، وقالت المنظمة الحقوقية الدولية إن العمال في ملعب خليفة الدولي يجبرون على العيش في أماكن قذرة ويدفعون رسوم استقدام هائلة، كما أن مشغليهم يمنعونهم من الحصول على رواتبهم ويصادرون جوازات سفرهم.


من جانبها، كشفت الرابطة الخليجية للحقوق والحريات، وجود إلغاء قسري لكل الإجازات السنوية في قطر، بما لذلك من انعكاسات نفسية واجتماعية على هؤلاء العمال، ودعت الرابطة، المنظمات الحقوقية الدولية إلى التدخل العاجل لوقف الانتهاك الخطير الذي تقوم به الحكومة القطرية إزاء حقوق العمال من مواطنيها والوافدين على حد سواء.


كذلك وفي نفس العام، نشرت وكالة "إمباكت" الاستشارية في مجال أخلاقيات التجارة، تقريرا حول ظروف عمال ورش بناء الملاعب التي تستضيف كأس العالم 2022 في قطر، خلص إلى أن العمال يعانون ظروفا قاسية، كالعمل لمدة 18 ساعة يوميا، وعدم الحصول على أي يوم راحة طيلة خمسة أشهر.


وندد تقرير أعدته وكالة استشارات بريطانية، بالظروف التي يقاسيها عمال ورش بناء الملاعب، التي ستستضيف كأس العالم 2022 في كرة القدم بقطر، كالعمل لفترات تصل إلى 18 ساعة يوميا، وعدم الحصول على أي يوم راحة طيلة خمسة أشهر.
كما طالبت 6 منظمات حقوقية دولية، في 2018، المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة الأمير زيد بن رعد الحسين، بالتدخل لوقف الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها تنظيم الحمدين بحق أبناء المعارضة القطرية والعمال الأجانب بالدوحة.


لترد السلطات القطرية برفض تلك الانتقادات بل واتهمت منظمة العفو الدولية بتوجيه انتقادات للنظام القطري غير دقيقة وخارج السياق وباطلة بالكامل.

نعمل بلا رحمة.. دون راتب منتظم أو وقاية صحية 


يقول، م،ش، 33 عامًا، من بنجلاديش ويعمل في قطر منذ عدة سنوات، أشعر أنني سقطت في فخ، أتمنى العودة إلى بلادي ولا أستطيع، بسبب إنفاقي لكل ما أملك لترتيب سفري إلى قطر والعمل هناك لإعالة أسرتي، لأفاجأ بأن الاتفاق اختلف والأجور اختلفت والتعامل غير إنساني.


وأضاف، بعد عامًا واحد من عملي أصبت بالربو بسبب سوء الأحوال الصحية والظروف غير الإنسانية التي نعمل فيها، أنفق معظم راتبي على الطعام والشراب والعلاج، وعندما يتأخر الراتب عدة شهور أتسول في شوارع قطر حتى لا أموت جوعًا.


وتابع، أسرتي تحتاج إلى الأموال ولا أستطيع توفير شيء أرسله لهم، وحاولت أكثر من مرة العودة إلى بلادي ولكن المسؤول عن العمل أخذ جواز سفري ويمنعني من الرحيل.


يقول العامل، الظروف ازدادت صعوبة بشكل كبير منذ تفشي وباء كورونا، فنخشى على أنفسنا بسبب عدم اتخاذ السلطات القطرية لأي إجراءات لحمايتنا، فلا نزال نقيم في غرف بها من 5 إلى 8 أشخاص والعمل لم يختلف كثيرًا ومن يمرض منا يلقى في منزله دون رعاية صحية ودون راتب.


وأضاف، طلبت من أصحاب العمل أن يسمحوا لي بالعودة إلى بلادي لأنني مريض ربو وأعاني من صعوبات في التنفس ولن تحتمل صحتي الإصابة بفيروس كورونا، ولم يشفع لي مرضي فلا أزال أعمل يوميًا من السادسة صباحًا إلى الخامسة عصرًا.

لم أرَ جواز سفري منذ 6 سنوات.. وأحلم بالعودة إلى بلادي


في السياق ذاته، يقول س.ر، 32 عامًا، رغم حديث السلطات القطرية عن إصلاحات لقوانين العمل إلا أننا لا نشعر بشيء فالحياة تسير كما هي دون تغيير، وأدركنا جميعًا أن الإصلاحات ما هي إلا للاستهلاك الإعلامي فقط،  فرغم تفشي وباء كورونا لا نزال أنا وأصدقائي الخمس نعيش في غرفة واحدة بها 6 أسِرّة ولا يوجد مكان للجلوس أو تناول الطعام، ونذهب إلى أعمالنا يوميًا دون إجراءات احترازية أو كمامات أو وسائل وقاية صحية.


وأضاف، العديد من زملائنا لقوا حتفهم في قطر بعضهم مات بسبب كورونا، والآخرون بسبب ضعف وسائل الأمن والسلامة فلا يمر يوم دون سقوط أحدنا صريعًا من أعلى مبنى أو سقوط أحد مواد البناء على آخر، وعندما تتأخر رواتبنا ونطالب بها يمنحونا بعض الشهور المتأخرة دون دفع أجرة ساعات العمل الإضافي فبعضنا يعمل دون إجازات أو راحة لمدد تصل إلى الـ5 شهور. 


وتابع، أرسل شهريًا نصف راتبي إلى أسرتي وأحاول الحياة بالجزء المتبقي الذي بالكاد يكفي طعامي وشرابي، فأدعو الله دائمًا ألا يصيبني مرض لأنني وقتها لن أملك ثمن العلاج، أكثر من مرة حاولت العودة إلى بلادي ولكني لم أرَ جواز سفري منذ أن وطئت قدما أرض قطر منذ 6 سنوات، ولا يمر يوم دون أن أحلم بالعودة إلى وطني مرة أخرى.