قتل واضطهاد.. اللاجئون الأفغان في إيران يعيشون أسوأ أيامهم

قتل واضطهاد.. اللاجئون الأفغان في إيران يعيشون أسوأ أيامهم
صورة أرشيفية

حياة تمتلئ بالمآسي يعيشها اللاجئون الأفغان في إيران، عنصرية بغيضة تمارسها الدولة ضدهم ليبدأ الشعب في ممارستها كأمر طبيعي تباركه دولة الملالي، العام الماضي أثار حادث عنصري جدلًا على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن علق متجر لافتة كتب عليها "ممنوع دخول الأفغان" الأمر الذي أثار استياء الكثيرين من الأفغان وأيضًا الإيرانيين، ليأتي هذا الزمن وما به من ظروف استثنائية بسبب تفشي فيروس "كورونا" المستجد في كل شبر من الأراضي الإيرانية الأمر الذي أظهر تبني الحكومة الإيرانية للتعامل بعنصرية واحتقار تجاه اللاجئين الأفغان، فأظهرت جميع المستشفيات الإيرانية حكوميةً وخاصةً ما تبطنه ورفعت شعار "ممنوع دخول الأفغان".
 

3  ملايين أفغاني يعيشون حياة غير آدمية في إيران


عدد اللاجئين الأفغان في إيران حتى الآن غير معروف بشكل نهائي وصحيح، ولكن آخِر الإحصائيات تؤكد أن عددهم يتراوح بين 2.5 مليون إلى 3 ملايين شخص يعيشون في ظروف شديدة القسوة وغير آدمية، بالإضافة إلى أن نصف عددهم تقريبًا يعيش دون بطاقات الإقامة في إيران مما يعرضهم للتشرد في أي وقت، حيث أدى الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي وعودة العقوبات على إيران والهبوط غير المسبوق للعملة الوطنية وارتفاع نسبة التضخم إلى تدهور الظروف المعيشية لمئات الآلاف من المهاجرين الأفغان.


كان المهاجرون الأفغان يسافرون سابقًا إلى إيران بهدف الحصول على الوظيفة وإرسال الأموال لذويهم في أفغانستان. ولكن المهاجرين الأفغان في إيران لم يعودوا يتمكنون من تأمين معيشة ذويهم في أفغانستان بسبب هبوط العملة الإيرانية أمام العملة الأفغانية، فمن جهة لم ترتفع نسبة الأجور، ومن جهة أخرى فإن أسعار معظم السلع والمواد الغذائية في إيران شهدت ارتفاعا غير مسبوق، وأيضًا لا يعثرون على وظائف أو رواتب جيدة في ظل عنصرية شديدة يمارسها ضدهم النظام الحاكم وكذلك الغالبية العظمى من الشعب الإيراني.


وتحدثت التقارير الرسمية عن عودة عدد من المهاجرين الأفغان إلى بلادهم في الوقت الذي انخفض فيه الطلب للحصول على التأشيرات إلى إيران، ويفضل الكثير من المهاجرين الأفغان السفر إلى دول على غرار الإمارات وبعض الدول الأوروبية، بهدف كسب أجور أعلى والتمتع بحياة كريمة بعيدا عن الممارسات التمييزية القومية والدينية وأيضا بسبب شعورهم بالخوف من أن يتم اعتقالهم في إيران ومن ثم ترحيلهم إلى أفغانستان.
 
الحكومة الإيرانية تحرق اللاجئين الأفغان أحياء


في السياق ذاته، أثارت الانتهاكات المستمرة من قبل السلطات الإيرانية بحق لاجئين أفغان ردود أفعال غاضبة على المستويات كافة داخل أفغانستان كان آخرها انتشار مقطع مصور لسيارة تقل لاجئين أفغانا وهي تحترق على يد الشرطة الإيرانية.


ولجأ الأفغان إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتنديد بالشرطة الإيرانية بعد انتشار الفيديو، مما أثار غضبا جديدا بعد أسابيع من اتهام مسؤولين أفغان لحرس الحدود الإيراني بإغراق مهاجرين.


وقالت وزارة الخارجية الأفغانية في بيان لها، إن ثلاثة أفغان لقوا حتفهم وأصيب أربعة في إقليم يزد بوسط إيران بعد أن أطلقت الشرطة الإيرانية النار على مركبتهم مما أشعل بها النار.


والشهر الماضي، قال مسؤولون أفغان: إن حرس الحدود الإيراني قتل 45 عاملا أفغانيا بإجبارهم تحت تهديد السلاح على السقوط في جرف على الحدود.


وظهر في المقطع المنشور على وسائل التواصل، فتى يفر من العربة المشتعلة بحروق في أجزاء من جسده ويتوسل طلبا للماء، وأكدت الخارجية الأفغانية الفيديو وقالت إنه "صحيح وإن الأفغان في إيران يحاولون التعرف على هوية الضحايا"، وانتشرت على نطاق واسع اللقطة التي يستغيث فيها الفتى "أعطوني شيئًا من الماء.. أنا أحترق"!.

 
حقوقيون لـ"الملالي": أغلقوا حدودكم أو اطردوهم.. ولكن لا تقتلوهم!


وطالبت جماعات حقوقية بالعدالة والقصاص، وطالب عدد من الحقوقيين بوقف وحشية النظام الإيراني مؤكدين أن هناك حلولاً عديدة ممكنة ليس من بينها القتل حرقًا وغرقًا والتنكيل باللاجئين.


ليضيف علي نوري المحامي والناشط الحقوقي على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "إيران ليس لها الحق في قتل اللاجئين الأفغان، يمكنها أن تغلق حدودها، وأن تطرد كل الأفغان، لا أن تقتلهم".


وأظهرت بيانات أممية، مؤخرًا، أن ما يزيد على 200 ألف مهاجر أفغاني غادروا إيران خلال الربع الأول من العام الجاري جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية وظهور أزمة فيروس "كورونا" المستجد.


وتعرضت عناصر حرس الحدود الإيراني لانتقادات حقوقية مرارًا بسبب سوء معاملة المهاجرين الأفغان لدى محاولتهم تجاوز الحدود الفاصلة بين البلدين، واحتج مئات من سكان ولاية "هرات" الأفغانية أمام مقرّ القنصلية الإيرانية اعتراضًا على سُوء معاملة المهاجرين الأفغان ومقتل عدد منهم على حدود إيران.
 
المستشفيات للإيرانيين فقط.. والأمن نصحني بالانتحار لحماية أطفالي


يقول معاذ الهادي، مدرس أفغاني يعيش في إيران، زادت ظروفنا صعوبة منذ تفشي وباء "كورونا" في إيران، فرص العمل معدومة في الظروف الطبيعية بسبب العقوبات الأمريكية ضدّ النظام الإيراني، أما مع "كورونا" فوصل الأمر إلى استحالة الحياة.


 وأضاف، إذا ما أضفنا لذلك العنصرية الشديدة في تعامُل الشعب الإيراني معنا، والكراهية المفرطة والعنف الحكومي ضدنا وجدنا أنفسنا مضطرين للاختيار بين الرجوع لأفغانستان خائبين أو المحاولة مرة أخرى بعبور الحدود ودخول تركيا التي لا تختلف كثيرًا عن إيران في اضطهاد اللاجئين والعنصرية ضدهم.


وتابع، منذ شهر تقريبًا شعرت بأعراض مشابهة لأعراض فيروس كورونا فحاولت الذهاب لأحد المستشفيات التي تمتلئ عن آخرها بالإيرانيين، فاعتدى الأمن علي ومنعني من الدخول وأخبرني أن المستشفيات للإيرانيين فقط أخبرتهم أنني إنسان وأنني أمثل خطورة على الإيرانيين في حالة حملي الفيروس وكذلك لا أستطيع العودة لبيتي خوفًا على أطفالي فقال لي الأمن فلتقتل نفسك لحماية أطفالك.


وأضاف، بقيت في الشوارع لا أقدر على العودة إلى المنزل بسبب تزايُد الأعراض وتأكدي من إصابتي بالفيروس، حتى عثرت على إحدى العاملات في واحدة من الجمعيات الخيرية الخاصة بمساعدة اللاجئين وقامت بمساعدتي حتى قمت بعمل المسحة وتأكدتُ بالفعل من إصابتي بفيروس "كورونا"، فوفرت لي مكان مؤقتًا بقيت فيه حتى تلقيت العلاج التي وفرته المنظمة ومع تماثلي للشفاء نصحوني بالعودة لبلادي أو السفر لأي دولة لا تضطهد اللاجئين.
 
الموت جوعًا في أفغانستان أكثر رحمة مما نراه في "إيران"


في السياق ذاته، يقول حبيب محمد ، سافرت إلى إيران بحثًا عن فرصة عمل لانعدام الفرص في أفغانستان، ولو كنت أعرف ما سوف أمر به هنا لم أكن لأفكر في الذهاب إلى تلك الدولة البغيضة، موضحًا، أوراقي قانونية وسمحوا لي بالدخول فلماذا تلك القسوة هل يسمحون بدخولنا ليعذبونا.


وأضاف، عملت في بيع الكمامات في الإشارات، ففرص العمل في إيران أصبحت أكثر صعوبة من أفغانستان، ومع بقائي في الشوارع وقتًا طويلًا بدأت تظهر عليّ أعراض الإصابة بفيروس كورونا، ورفضت جميع المستشفيات الإيرانية دخولي بمجرد ما أن يعرفوا أنني أفغاني الجنسية.


وتابع، بقيت في الشارع خوفًا مع نقل العدوى لأسرتي حتى تم القبض عليَّ بسبب إخباري للأمن بشكّي في إصابتي بالفيروس ورفض المستشفيات استقبالي وتم إلقائي على الحدود الإيرانية مع محافظة "هرات" في بلادي ووجدت نفسي مجبرًا على الوقوف في طابور طويل للمرحلين من إيران إلى أفغانستان وكل تهمتهم أنهم أُصيبوا بـ"كورونا" ويمثلون خطرًا على الإيرانيين.


يقول حبيب، لم أملك المال الذي يسمح لي بالعودة إلى أفغانستان لذلك فضلت البقاء في معسكرات اللاجئين على الحدود، ومع الوقت تأكدتُ أنني لست مصابًا بالفيروس وكنت أعيش في حيرة بين العودة لشوارع إيران الممتلئة عن آخِرها بفيروس "كورونا" والموت بالمرض، أو قرار العودة لأفغانستان والموت بالجوع، وبعد تفكير طويل فكرت في العودة إلى بلادي والموت جوعًا ولكن بكرامة هربًا من العنصرية والتعنت الحكومي الإيراني.