كيف سقطت "النهضة" التونسية في مستنقع الفشل والغباء السياسي؟

كيف سقطت
راشد الغنوشي

تواجه حركة النهضة التونسية –الذراع السياسي لجماعة الإخوان بتونس- أزمات متصاعدة على كافة المناحي مما يعيق نفوذها وأطماعها السياسية. 


وأعلنت أربع كتل برلمانية بقيادة الحزب الدستوري الحر، الأسبوع الماضي، عن نيتها لسحب الثقة من رئيس البرلمان وزعيم الحركة الإخوانية راشد الغنوشي، بعد تورطه  في تسلل أطراف إرهابية للبرلمان التونسي، فيما رفض الرئيس التونسي قيس بن سعيد مقترح حركة النهضة الذي دعت فيه لفتح مشاورات استعدادًا لتغيير الحكومة، ولا سيما بعد استقالة حكومة الفخفاخ.
 
الإيقاع بحكومة الفخفاخ


ومنذ تشكيل حكومة إلياس الفخفاخ، وتحاول حركة النهضة إسقاطها بسبب رفضه لإقحام الجماعة الإخوانية ضِمن الحكومة، مما خلص إلى قرار مجلس شورى النهضة المنعقد، الأحد 12 يوليو 2020، بتكليف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، بإجراء مشاورات مع رئيس الجمهورية والأحزاب والمنظّمات الوطنية للاتفاق على مشهد حكومي بديل لحكومة إلياس الفخفاخ.


كما كشف رئيس الحكومة التونسي، إلياس الفخفاخ، بدوره عن استعداده لإجراء تعديلات على الحكومة، ملمحًا إلى احتمالية استبعاد وزراء محسوبين على النهضة.
 
انتهاك صارخ


وأكد رئيس الحكومة التونسية، أن دعوة حركة النهضة إلى تشكيل حكومة جديدة، تعد انتهاكًا صارخًا للعقد السياسي الذي يجمعها مع مكونات الائتلاف الحكومي.
وشدد الفخفاخ على أن دعوة حركة النهضة تشكل استخفافًا بالاستقرار الحيوي لمؤسسات الدولة، وباقتصاد البلاد المنهك، مشيرًا إلى أن تصرفات الحركة أضعفت انسجام الحكومة.


وقال رئيس الوزراء التونسي في تصريحات صحفية نقلتها وسائل إعلام محلية: «تعرضنا إلى مساعٍ حثيثة من قبل حركة النهضة غايتها إدخال تعديلات جوهرية في طريقة عملنا».


الإخوان تتحايل


وفي أول رد له على هذا التصريح، كتب عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، محمد خليل برعومي، تدوينة على «فيس بوك» قال فيها: إن «للدستور آليات كفيلة بالرد على رئيس الحكومة».


كما علق بالقول إن: «كلام السيد رئيس الجمهورية واضح ودقيق، وهو متمسك بأعمال الدستور وآلياته لأي تغيير حكومي، وهذا نتفق فيه معه ولا يتنافى مع المبادرة السياسية التي أطلقتها حركة النهضة».


 استقالة الفخفاخ


فيما قرر أخيرا الفخفاخ الاستقالة لقطع الطريق على حركة النهضة للتسلل إلى الحكومة، حيث إن قيس سعيد من خلال إزاحة رئيس الحكومة "يُفشل 'خطّة 'النهضة '؛ حيث سيتمكن من الإمساك بخيوط تأليف الحكومة الجديدة مرّة أخرى، عِلمًا بأنه كان هو مَن اقترح الفخفاخ عقب فشل مرشّح 'النهضة' لرئاسة الحكومة في الحصول على ثقة الأغلبية في البرلمان".

ووفقًا لخبراء فإن من المتوقع في الأيام المقبلة أن يتم تحدّي إرضاء أكبر عدد من الأحزاب في البرلمان المشتّت بين عدد كبير من الكتل. ويُتوقع أن يقترح سعيّد شخصًا شبيهًا بالفخفاخ، لنواحي تجرّده من الانتماء الحزبي، وامتلاكه في الوقت نفسه خبرة في العمل الحكومي، وقدرته على العمل مع وزراء من خلفيات متنوعة، مع التزامه بمبادئ الثورة.
 
تحديات اختيار بديل الحكومة 

دعا "سعيد" الكتل البرلمانية الممثلة في مجلس النواب إلى تقديم مقترحاتها للشخصية الأقدر على رئاسة الحكومة.، على أن تكون تلك الشخصية مقيدة وفقًا للدستور بتشكيل حكومة خلال شهر، وعرضها على البرلمان لنيل الثقة.

وتعتبر مهمة الرئيس التونسي غير هيّنة فوفقًا لمراقبين، عملت حركة النهضة على سحب الثقة من الفخفاخ بعد فشلها في إقناعه بتوسيع الائتلاف الحاكم وضمّ أحزاب تتماشى مع سياستها، وليس من المستبعد أن تحاول الحركة تعطيل تشكيل الحكومة من جديد، إذا لم تتمكن من الظفر بالحقائب الوزارية التي تطمح إليها.


وفي حال عجزت الحكومة المقبلة عن نيل ثقة أغلبية النواب خلال 4 أشهر، فإن التفسيرات الدستورية تعطي لقيس سعيد إمكانية حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية.