الأحواز بين جحيم كورونا وشح المياه وقمع الملالي
منذ تفشي فيروس كورونا في إيران وزادت معاناة الشعب بسبب فشل الحكومة في مواجهة الوباء، الأكثر معاناة كان أهل الأحواز حيث واجهوا عددًا هائلًا من التحديات بسبب إهمال الدولة لهم، وتنقسم محافظة الأحواز إلى ثلاث مناطق: الوسطى والإسماعيلية والغيزانية، والغيزانية هي الأكبر، وتتكون من 81 قرية تعتبر موطنًا لما بين 25-30 ألف شخص. ويعمل غالبية السكان في الزراعة وتربية الحيوانات وتفتقر حياتهم لأبسط المقومات وإذا فكروا مجرد تفكير في الاحتجاج أو إعلان رفضهم لتهاون الحكومة يواجهون القمع والعنف من قِبَل السلطات بأقسى طريقة ممكنة.
مصابو الأحواز الأكثر احتياجًا لأجهزة التنفس في العالم
أبرز الأزمات التي تعاني منها منطقة الأحواز وبالتحديد مقاطعة الغيزانية الواقعة شرقي منطقة الأحواز بمحافظة خوزستان، هي التلوث النفطي، وأزمة نقص المياه، رغم أن المنطقة قريبة من بنية تحتية وسدود غنية بالمياه، إلا أن قمع السلطات هو الشيء الوحيد الذي يجده أهل الأحواز متوفرًا.
أطباء في مستشفى الرازي في الأحواز حذروا الحكومة من خطورة الأوضاع هناك، نظرًا لانتشار الفيروس بشكل شديد الخطورة وزيادة عدد المصابين في أقسام العناية المركزة وامتلائها عن آخرها خلال الأيام الماضية.
وأضافوا: أن الحالات المصابة في الأحواز تعاني بشدة خاصة أن أكثر من 60% من الأشخاص المصابين بفيروس كورونا يحتاجون لأجهزة تنفس والحجز في أقسام الرعاية المركزة في ظاهرة عجيبة لم يستطيعوا تفسيرها حتى الآن، حيث أكد الخبراء أن المصابين من أهل الأحواز هم الأكثر احتياجًا لأجهزة التنفس على مستوى العالم.
ويشكك العديد من النواب والسياسيين والناشطين والصحفيين بالأرقام الرسمية التي تعلنها وزارة الصحة يوميًّا حيث كشفت تحقيقات ومعلومات مسربة عن تباين كبير بين الأرقام الرسمية والعدد الحقيقي المضاعف وفقًا لتقارير وسائل الإعلام المحلية وتصريحات مسؤولي المستشفيات والجامعات الطبية.
تقارير رسمية.. الملالي ينكّل بأهل الأحواز لتصفية العنصر العربي
النظام الإيراني يتعمد تهميش المدينة عن الخدمات الأساسية، للتنكيل بالأقلية العربية في الإقليم، ورغم أن المنطقة غنية للغاية بثروات طبيعية هائلة، إلا أن الأهالي ينتظرون لسنوات طويلة تنفيذ مشروع إيصال مياه الشرب إلى محل سكنهم، ويستعين أهالي الأحواز بمياه الآبار لتصريف حياتهم اليومية من المياه.
مراقبون أكدوا أن أزمة انقطاع المياه عن أهالي الأحواز تسببت في جفاف آبار المنطقة، وبات العطش وقلة المياه أبرز ما يهدد السكان، الدولة الإيرانية تتجاهل أهل الأحواز تمامًا، ولكن تظهر في لحظات عندما تبدأ بوادر الاحتجاج خاصة عندما احتج سكان بلدية الغيزانية على انقطاع المياه لعشرة أيام متواصلة في أواخر شهر رمضان؛ ما أدى إلى إطلاق قوات الأمن الإيرانية الرصاص على المحتجين وأسفر عن إصابة عدد من الأهالي.
وأضافوا: النظام مدين بجزء مهم من دخل البلاد عبر النفط الذي يستخرجه من منطقة الأحواز، في حين لا يوفر للأهالي شيئًا حتى أهم احتياجاتهم الأساسية وهي مياه الشرب، موضحين أن بلدية الغيزانية تمتلك وحدها 300 بئر نفط، وتُعد أكثر المناطق الغنية بالنفط في إيران.
وكانت تقارير إعلامية لصحف إيرانية حكومية قد كشفت في تقرير سابق عن استمرار انقطاع المياه عن منطقة الغيزانية، رغم خروج الأهالي في وقفات احتجاجية انتهت بإطلاق قوات الأمن الرصاص عليهم لتفريقهم.
وأضافت الصحيفة في تقريرها الذي جاء بعنوان "الغيزانية عطشى": أن مسؤولي منطقة الغيزانية تعهدوا بعد احتجاج المواطنين الذي أسفر عن إصابة العشرات، بسرعة عودة المياه وإرسال 15 خزانًا من المياه إلى المنطقة، لكن لم يشهد الوضع أي تغيير. ويرى مراقبون أن النظام الإيراني يتعمد إهمال منطقة الأحواز وحرمانها من الخدمات الأساسية من الصحة والتعليم والبنية التحتية بهدف تصفية العنصر العربي الذي يُمثل أغلبية سكان هذه المنطقة في ظل امتلاكهم ثورات طبيعية غنية وأهمها النفط والغاز.
أهل الأحواز: نعاني من قبل "كورونا".. والحكومة لا تستجيب لنا إلا في حالة واحدة!
من جانبه، يقول حسين الهاشمي، ناشط بيئي إن أهل الأحواز يعانون أمراض الجهاز التنفسي طوال الوقت قبل كورونا وأثناء وجودها، وستستمر معاناتهم طالما تتجاهلهم الدولة وتتعنت ضدهم، فدائمًا ما تحاط حياتهم بأبخرة النفط والغاز، موضحًا أن معظم الأطفال في المنطقة يعانون من أمراض الجهاز التنفسي، ولأنهم أقل عرضة للاستمتاع بالمساحات الخضراء وأي مرافق تعليمية وترفيهية، فإنهم يقضون معظم وقتهم حول أنابيب النفط والغاز، والتي تكون في بعض الأحيان عرضة للحريق بسبب التآكل والتلف.
وأضاف الهاشمي: أن أسرته تعيش في منطقة منتجة للنفط، إلا أنهم يفتقرون إلى الماء والغاز، موضحًا أن الحكومة تتجاهلهم تمامًا وتتجاهل شكواهم دائمًا رغم عدم وجود مياه لديهم لمدة تقترب من الثلاثين يومًا، مضيفًا، وعندما نبدأ الاحتجاج في الشوارع تستجيب الحكومة سريعًا وخلال ساعات نجد أنفسنا محاصرين بقوات الأمن التي تتعامل معنا بعنف مفرط حيث نتعرض لهجوم بالرصاص المطاطي في البداية والضرب بأدوات قمعية، وإذا تطور الأمر نجد الرصاص الحي يخطف أحباءنا.
نظام الملالي حوّل حياتنا لـ"جحيم".. فالحياة من دون ماء مستحيلة
من جانبه، يقول علي صافي زاد، صحفي إيراني يعيش في الأحواز، أزماتنا لا تقتصر على كورونا فقط وقلة عدد المستشفيات وغرف الرعاية المركزة، الأزمة الحقيقية هي غياب المياه مع ضرورة استخدامنا للماء والصابون بشكل دوري للوقاية من تفشي فيروس كورونا، رغم قرب الماء لنا إلا أن الدولة تخطط لنقل المياه خارج محافظة خوزستان وهي تمتلئ بالعطشى.
وأضاف: الحكومة تقول لأهل الغيزانية إنهم ليسوا في منطقة مستجمع نهر كارون وإنه لا يمكن تخصيص مياه شرب لهم رغم أننا على بعد نصف ساعة فقط من النهر، متابعًا، معظم الأسر هنا لا تستطيع شراء صهريج معدني لتخزين المياه، وقمت مع أبناء الحي الذي أعيش فيه ببناء حوض بخامات محلية أمام بيتي لتجميع وتخزين المياه.
وتابع: ورغم ذلك يمر علينا أيام طويلة لا نستطيع ملء الخزان بالماء رغم عدم وجود الماء بجانب خطورته في ظل تفشي وباء كورونا إلا أنه حول حياتنا لأوقات غاية في الصعوبة، لا نستطيع طهي الطعام، ولا نستطيع قضاء حاجتنا ولا نستطيع غسل ملابسنا، النظام الإيراني نجح في تحويل حياتنا لجحيم لا يطاق ووعودهم وهمية وأحيانًا يأتونا بحلول مؤقتة ولكن ليس هناك حل نهائي لأزماتنا.