ما زالت تركيا تحاول بشتى السبل فرض سيطرتها على الصومال واستغلالها لتوسيع نفوذها في القارة، لذلك لم تتوانَ عن دعم الحركات الإرهابية بها، فضلاً عن التأثير على المسؤولين بها وعلى رأسهم الرئيس فرماجو.

ومع الاستعداد للانتخابات، سارعت تركيا للزج بأتباعها لضمان استمرارية السيطرة عليها عبر فوز النظام الحالي مجددا، وهو ما أثار غضبا كبيرا بالبلاد، تأجج خلال الساعات الأخيرة بعد أن سقط ضحايا في مواجهات بالصومال.

تركيا تشعل الحرب

وشهدت بلد حاوة بالصومال، عشية 25 يناير الجاري، بين قوات الدراويش التابعة لولاية جوبالاند وقوات غورغور الحكومية التي تتلقى التسليح والتدريبات العسكرية من تركيا، حيث سقط فيها ما لا يقل عن 15 شخصًا.

وهو ما كشف مدى تورط تركيا في حرب داخلية صومالية، حيث تسعى الحكومة الفيدرالية لتصويرها على أنها حرب بين دولتين مجاورتين هما كينيا والصومال.

الوجود التركي بالصومال

بدأت تركيا مخططها ضد الصومال منذ 11 عاما، حيث إنها في 2010، استغلت موجة الجفاف التي أودت بحياة أكثر من ربع مليون صومالي، لتقديم مساعدات إنسانية اتخذتها ستارا للدخول إلى مقديشو.

وبعد انتهاء فترة الجفاف، حل مكان المنظمات وهيئات الإغاثة التركية التي وفرت الدعم الإنساني، شركات تركية عملاقة سيطرت على إدارة الميناء الرئيسي بمقديشو ومطار آدم عدي الدولي في العاصمة، وتولت إدارة مؤسسات ومراكز صحية وتعليمية في جميع البلاد.

وخلال الفترة الأخيرة، ظهرت حقيقة نوايا تركيا مع الصومال، بانتهاء السياسة الوسطية التي انتهجتها مسبقا، عبر العمل والتنسيق مع 3 أنظمة إدارية متعاقبة على حكم الصومال، وهو ما تنوي استكماله خلال الانتخابات المقبلة، وهو ما يثير التساؤل بشأن مدى إمكانية استمرار أنشطة أنقرة في مقديشو، حال فشل عودة النظام الحالي إلى الحكم، ولتورط الأتراك في قضايا داخلية شائكة، منها مواجهات طوسمريب وغيذو وقمع المتظاهرين السلميين في مقديشو.

التأثير على الاقتصاد 

كما طرقت أنقرة أبواب الاقتصاد الصومالي أيضا، حيث ضخت بشركاتها التي لها دور استثماري وتجاري بالبلاد، ومؤخرا بدأت تنفيذ خطة قطرية لأجل تدشين نظام إداري مستبد في مقديشو موال للمحور التركي القطري.

استغلال الجيش الصومالي

وفي الوقت نفسه، جذبت المسؤولين عن المؤسسات العسكرية بالبلاد، عبر ادعاءات تقديم المساعدات والأسلحة  والخبرات، لذلك تدرّب القاعدة العسكرية التركية في مقديشو (تركصوم) نوعين من القوات الصومالية ذات التدريبات العالية وهم (هرمعد وغورغور)، حيث إن أولهم  يتولى مهام الشرطة العسكرية، أما الثاني فهو فريق من القوات المسلحة الصومالية.

المثير للجدل هو أن جميع هذه القوات تتلقى الأوامر والتعليمات من القيادة العسكرية التركية في قاعدة تركصوم، وتنفذ بعض العمليات العسكرية والأمنية المسيسة والمستهدفة لبعض ساسة الصومال.

قوات هرمعد

تتراوح أعداد قوات هرمعد، من حوالي 900 إلى 1000 جندي، حيث يتم تدريبهم في قاعدة تركصوم بمقديشو، ثم نقلهم إلى أنقرة لتلقي المزيد من التدريبات، فضلا عن حصولهم على الأسلحة والذخائر من تركيا، وتلقيهم الأوامر مباشرة من الرئيس فرماجو الموالي لتركيا.

وكشفت وكالة رويترز العالمية، في ديسمبر الماضي الماضي، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيمنح  قوات هرمعد 1000 من البنادق الرشاشة، و 150,000 من الرصاص، وهو ما أثار الغضب في مقديشو، لذلك تقدم مجلس اتحاد المرشحين برسالة احتجاج إلى السفارة التركية لدى الصومال، لمطالبة أنقرة بتأجيل خطّتها للتسليح حتى ينتهي موسم انتخابات 2021، لتجنب استخدام هذه الأسلحة في غير وجهها الصحيح.

ويرجع ذلك الخوف الصومالي إلى أن قوات هرمعد تعد جزءا من النزاع السياسي بشأن الانتخابات، حيث سبق أن قامت هذه القوات بإغلاق الطرق المؤدية والقادمة من مقار بعض المرشحين الرئاسيين، وهو ما تنوي تركيا استغلاله لتنفيذ مخططاتها خلال الانتخابات للبلاد لضمان فوز أتباعها.

قوات غورغور

أما قوات غورغور العسكرية الخاصة، فهي تتلقى تدريبات عالية في القاعدة التركية بمقديشو (تركصوم)، ويتراوح عددهم ما بين 4500 إلى 5000 عسكري، وتتمركز في مقديشو وطوسمريب، وبلد حاوة، وأيضا يحصلون على الأسلحة والذخائر من أنقرة، ويتلقون الأوامر مباشرة من الرئيس فرماجو، بجانب أوامر الضباط الأتراك في القاعدة.

وتعد أيضا جزءا من الصراع السياسي في الانتخابات المقبلة بالصومال، حيث نقلت الحكومة الفيدرالية وحدات من هذه الكتيبة إلى محافظة غيذو لتخوض حربا ضد قوات إدارة ولاية جوبالاند، ثم السيطرة على أجزاء واسعة من المحافظة ومواقع قوات جوبالاند في المحافظة.

وقبل شهر، نقلت الحكومة الفيدرالية عددا من قوات غورغور على متن 3 طائرات إلى مدينة طوسمريب حاضرة ولاية غلمذغ لأسباب تتعلق بالانتخابات القادمة، حيث تتمتع تلك المدينة بأهمية بالغة في الانتخابات تنوي تركيا التأثير عليها.

وتظهر تلك التحركات الأخيرة رغبة تركيا الواضحة في التأثير على الانتخابات المقبلة في الصومال، لضمان استمرار الحرب بها وعدم الاستقرار ونشر الإرهاب والحرب الأهلية، ليكون لها موطئ قدم فيها باستمرار مستغلة ثرواتها ونفوذها.