كورونا دمر حياتهم.. عمال وموظفون يروون معاناتهم بعد فقدانهم وظائفهم
منذ أن بدأت شعوب العالم في إدراك حقيقة تفشي فيروس كورونا المستجد وأنه لن يموت في الصين كما ولد، بدأت الحكومات حول العالم اتخاذ سلسلة من القرارات الاحترازية في محاولة للحفاظ على حياة شعوبها، خبراء حول العالم أجمعوا أن القرارات الضرورية للحفاظ على حياة البشر ستمثل ضرراً اقتصادياً غير مسبوق ولم يحدث في تاريخ البشرية، وبالفعل ظهرت سريعًا نتائج انتشار الوباء في العالم، قطاعات الطيران والسياحة تلقت الضربة الأولى بعد تعطيل حركة الطيران عالميًا تقريبًا، وتوقف السياحة في كل بقاع الأرض، فانهارت البورصة بشكل أثر على الشركات الصغيرة والمتوسطة، وجاء قرار معظم الدول بفرض حظر للتجوال على مواطنيها لتقليل فرص التجمعات ومحاولة محاصرة الفيروس المدمر ليزيد من معاناة الاقتصاد العالمي خاصة مع تنبؤات الخبراء حول العالم بأن الوضع مستمر ولن ينتهي خلال ساعات أو أيام بل من الممكن أن يستغرق شهوراً.
«كورونا» دمر ملايين الوظائف في أيام.. وحظر التجوال زاد الأمور صعوبة
وفي مختلف دول العالم الغربي والعربي خسر ملايين الموظفين وظائفهم فجميع العاملين بالسياحة والمهن الخدمية تعرضوا لخسائر فادحة، وفقد العاملون بالمهن اليومية مصادر دخلهم وسط محاولات من الدول لدعم الفئات الأشد فقرًا.
كانت هولي تحصل على راتب قدره 30 ألف جنيه إسترليني سنوياً، وتعمل 45 ساعة أسبوعياً.
توقفت الحياة في بريطانيا إلى حد كبير، وتأثرت الشركات وموظفيها بشدة، وشهدت العديد من القطاعات تقاعد أعداد كبيرة من الموظفين على نطاق واسع. كما حذرت الشركات من احتمال فقدان آلاف الوظائف.
الخبراء أجمعوا على أن "كورونا" سوف يطيح بقطاعات اقتصادية عالمية، ويزيد الضغوط على قطاعات حيوية أخرى كالنقل الجوي وشركات الطيران، التي كانت تعاني أصلاً قبل ظهور المرض؛ ما قد يسرع وتيرة إفلاس بعض الشركات.
باحثون من الجامعة الوطنية الأسترالية توقعوا نتائج الخطر المحدق بالاقتصاد العالمي أن تصل إلى 2 تريليون دولار خلال عام 2020 فقط، خاصة مع زيادة وتيرة إلغاء الرحلات الجوية بنسبة قاربت 85% ببعض الشركات، وبدأت بعض شركات الطيران في تسريح فوري للعمالة، وسط حالة الرعب التي ينشرها "كورونا".
وبدأت الآثار السلبية على الشركات في الظهور، بسبب إلغاء الفاعليات الترفيهية والاقتصادية حول العالم، وقرر عدد من الشركات تجميد التوظيف وتقديم إجازات طوعية غير مدفوعة.
القادم غامض.. خسائر بالملايين خلال أيام ولا أستطيع لوم أحد
يقول عادل محروس، 45 عامًا، ويملك شركة سياحة في مدينة شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية، نعيش في كابوس، بكل أسف وجدت نفسي مجبرًا على تسريح جميع العاملين معي، شركتي تملك بعض الشاليهات والفنادق في شرم الشيخ، فجأة توقفت السياحة ولم يعد في المدينة السياحية الأشهر في إفريقيا إلا عشرات من الأوكرانيين الذين يأتون إلى مقر الشركة ويخبروني أنهم مستمرون في مصر بسبب غلق المجالات الجوية وخوفهم من تفشي المرض في بلادهم، ويعرضون دفع 10% من قيمة الإيجارات المعتادة للوحدات السكنية السياحية ويقولون لي أفضل من تركها مغلقة.
وأضاف عادل، أوافق بالطبع، ولكني أعلم أنهم سرعان ما ينفقون أموالهم وسيضطرون للعودة إلى بلادهم سريعًا، حتى إذا فكرت في بيع أحد الفنادق فحركة البيع والشراء متوقفة تمامًا فمن يغامر بدفع ملايين لشراء عقارات في ظل وباء يحصد البشر واقتصاد ينهار في كل بلاد العالم، مضيفًا القادم غامض ولا أعرف مصير العاملين في قطاع السياحة بل لا أعرف مصير هذا القطاع من الأساس، ولا أستطيع رمي اللوم على أحد فلا يوجد أمامي شخص أو جهة يمكن أن أطالبهم بتحمل مسؤولية خسائري.
الحكومات حول العالم تدعم شعوبها وفي لبنان الحكومة تحتاج من يدعمها
ومن مصر إلى لبنان، يقول هادي خليفة، 50 عامًا، تاجر يملك متجراً لبيع الملابس، حركة البيع والشراء توقفت تمامًا، لم تكن تسير بشكل جيد الفترة الماضية بسبب الاضطرابات الاقتصادية والسياسية في لبنان، ولكن ما نعيشه الآن لا يمكن مقارنته بأي وضع سابق.
وأضاف: لا أعرف كيف سأستمر بالعيش أنا وأسرتي، لا أملك أموالاً فجميع أموالي موجودة في المخازن على شكل منتجات، موضحًا أن الملابس تعتبر في ظل الظروف الحالية رفاهية، فمن سينزل لشراء ملابس لن يستطيع ارتداءها إلا في المنزل في ظل حظر تجوال عالمي إجباري في بلاد واختياري في بلاد أخرى وينتقل من دولة إلى دولة.
وتابع خليفة: أعمل في التجارة منذ أكثر من 30 عامًا، وإذا شعرت بأن الرزق قليل في مكان تركته وذهبت إلى غيره، حتى إذا اضطررت للسفر خارج بلادي والتجارة في بلد أخرى، ولكن ما نعيشه الآن لم يحدث من قبل حيث أصبحت جميع البلاد على قدم المساواة، والحكومات حول العالم تحاول دعم مواطنيها.. أما في لبنان فالحكومة تحتاج لمن يدعمها.
لا أخشى كورونا بقدر خوفي من الأيام القادمة
في السياق ذاته، يقول عماد إبراهيم، 39 عامًا، يعمل في شركة للبناء بالأردن، لا أعرف كيف سأستطيع العيش خلال الشهور القادمة، بعد القرارات السريعة التي اتخذتها القيادة الأردنية، شعر أصحاب الشركات بالخطر وقاموا بتسريح نصف العمالة تقريبًا، كخطوة تساعدهم في تقليل الخسائر دون أي اعتبارات إنسانية لصعوبة الأوضاع على الجميع.
وأضاف: لدي التزامات لا حصر لها، وطفلان وزوجة، لا أعرف كيف سأدفع إيجار مسكني ولا فواتير الكهرباء والماء لدي بعض المدخرات ولكنها لن تكفي لتغطية نفقاتي ونفقات أسرتي أكثر من 30 يومًا.
وتابع إبراهيم: جميع المؤشرات تشير إلى أن الوضع سيستمر طويلًا وبالطبع لن أجد عملًا بسهولة فلا أحمل هم الإصابة بالفيروس، فكل مخاوفي تنحصر في ألا يموت أطفالي جوعًا، فأعتقد في تلك الحالة الإصابة بكورونا أرحم من السيناريو القادم.