في ذكرى تأسيسها الـ 43.. النهضة التونسية تحتضر

في ذكرى تأسيسها الـ 43.. النهضة التونسية تحتضر

في ذكرى تأسيسها الـ 43.. النهضة التونسية تحتضر
صورة أرشيفية

تأتي الذكرى الثالثة والأربعين لتأسيس حركة النهضة التونسية، الجناح السياسي لجماعة الإخوان في تونس، في ظل أزمة وجودية حادة تهدد استمرارها في المشهد السياسي، منذ إزاحتها عن الحكم في 25 يوليو 2021، تواجه الحركة تحديات غير مسبوقة تتراوح بين الملاحقات القضائية والانقسامات الداخلية العميقة، مما يضع مستقبلها على المحك.

*الدعوة لإطلاق سراح "المعتقلين السياسيين"*

في إطار إحياء ذكرى تأسيسها، طالبت حركة النهضة بإطلاق سراح "المعتقلين السياسيين"، داعية في بيانها كافة الأطراف الديمقراطية في تونس إلى التوحد لضمان تنظيم انتخابات حرة ونزيهة. 

هذا المطلب يأتي في وقت يقبع فيه زعيم الحركة التاريخي، راشد الغنوشي، في السجن، إضافة إلى عدد من القيادات البارزة الأخرى مثل نائبه علي العريض؛ مما يعمق أزمة الحركة ويضعف قدرتها على التأثير السياسي.

*أزمة الانقسامات الداخلية*

منذ توليها الحكم بعد الثورة التونسية في 2011، شهدت حركة النهضة انقسامات داخلية حادة بين مجموعة القيادات العائدة من الخارج والتي كانت في المنفى، والمجموعة المحلية التي عانت من قمع النظام السابق. 

المحلل السياسي باسل ترجمان أشار إلى أن هذه الانقسامات بدأت تظهر جليًا منذ عام 2011، حيث اختلفت الرؤى بين المجموعتين حول كيفية إدارة الحركة وموقعها في المشهد السياسي.

تؤكد تصريحات ترجمان لـ"العرب مباشر"، على أن هذه الانقسامات الداخلية أثرت سلباً على قدرة النهضة على التماسك والوحدة؛ مما أدى إلى ترضيات محدودة لم تكن كافية لرأب الصدع، هذه الخلافات الداخلية تُعتبر أحد الأسباب الرئيسية لفشل الحركة في الاستمرار كقوة سياسية رئيسية في تونس.

*تداعيات الاغتيالات السياسية*

تتهم حركة النهضة بالمسؤولية السياسية عن بعض الاغتيالات التي حدثت في تونس، مما أثار غضب الشارع التونسي ودفع الناس للخروج ضدها.

هذا الضغط الشعبي، إلى جانب الملاحقات القضائية المتعددة، جعل من الصعب على الحركة الحفاظ على مكانتها السابقة.
المحلل السياسي التونسي محمد صالح العبيدي، أشار إلى أن غياب الإرادة لدى قيادات النهضة للقيام بمراجعات حقيقية لتجربتها في الحكم ساهم في تعميق أزمتها الحالية.

*مستقبل غامض*

وأضاف العبيدي في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن مستقبل حركة النهضة يبدو غامضًا في ظل المعطيات الحالية، حيث تفتقر الحركة إلى القدرة على التكيف مع التغيرات السياسية والتحديات القانونية التي تواجهها. الانتخابات الرئاسية المقبلة لا تُظهر أي بوادر إيجابية للنهضة، حيث تفتقر إلى مرشح قوي قادر على توحيد الناخبين خلفه. بالإضافة إلى ذلك، النتائج المتواضعة التي حققتها في الانتخابات البرلمانية والمحلية الأخيرة تشير إلى تراجع شعبيتها وتأثيرها.

*تحديات قضائية*

تُعد الملاحقات القضائية أحد أكبر التحديات التي تواجه حركة النهضة اليوم، العديد من قيادات الحركة، بما فيهم راشد الغنوشي، يواجهون تهمًا جنائية متعددة تتعلق بالفساد والتمويل غير المشروع. هذه التحديات القانونية تستنزف موارد الحركة وتحد من قدرتها على المناورة السياسية، مما يضعف فرصها في العودة إلى الحكم أو حتى الحفاظ على وجودها كقوة سياسية فاعلة.

تحيي حركة النهضة التونسية ذكرى تأسيسها الثالثة والأربعين وسط أزمة وجودية حادة تهدد استمرارها في المشهد السياسي، الانقسامات الداخلية، تداعيات الاغتيالات السياسية، والتحديات القضائية مجتمعة تجعل من الصعب على الحركة البقاء كقوة سياسية مؤثرة في تونس. في ظل هذه الظروف، يبدو أن حركة النهضة تواجه مستقبلاً غامضاً، حيث تفتقر إلى القدرة على التكيف مع التغيرات السياسية وتجاوز التحديات القانونية التي تعترض طريقها.