بعد عقود من الانتشار والتخريب في القارة السمراء.. إفريقيا تواجه التنظيمات الإرهابية
بدأت قارة إفريقيا مواجهة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة
على مدار الأعوام السابقة تحققت إنجازات عديدة في دول إفريقيا لمواجهة الإرهاب بشتى طرقه، والعمل على محاربة كل التنظيمات المسلحة والإرهابية في الساحل الإفريقي، رغم معاناة الدول الإفريقية من انتشار تنظيمات إرهابية كثيرة، وخلال خوضها الحرب ضد التنظيمات الإرهابية، تحاول دول إفريقيا التعامل مع التهديدات التي تعقّد أزماتها وتؤثّر سلباً في مساراتها السياسية وعلاقاتها الدولية.
الساحل الإفريقي
وكشفت دراسة نشرها مركز فاروس للاستشارات والدراسات الإفريقية، الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي، وما تم تحقيقه لمواجهة الإرهاب في شتى الأماكن الإفريقية.
وتعاني منطقة الساحل الإفريقي من الأقاليم الإفريقية من التهديدات المتنامية للجماعات الإرهابية العابرة للحدود منذ عقد التسعينيات من القرن العشرين، التي ارتبطت بظهور تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (AQIM) والذي نشأ كفصيل مستقل عن “الجماعة الإسلامية المسلحة” (GIA) تحت مسمى “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” (GC) في عام 1998م.
وأعلن انضمامه لتنظيم القاعدة في عام 2006م، وكذلك ظهور “جماعة بوكو حرام” -“جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد” سابقًا- في عام 2002، والتي نشطت على المستوى العملياتي بعد مقتل زعيمها (محمد يوسف) في نيجيريا في عام 2009م، وصُنفت كثاني أخطر وأكثر الجماعات دموية في العالم والأولى على مستوى إفريقيا جنوب الصحراء في عام 2019م.
وتيرة التهديدات الإرهابية
تصاعدت وتيرة التهديدات الإرهابية بشكل كبير في هذه المنطقة مع بداية العقد الثاني من الألفية الجديدة كنتيجة لعدد من المتغيرات الإقليمية الرئيسية، ولعل من أبرزها مسار الصراع الداخلي الممتد في ليبيا عقب الثورة التي أطاحت بالرئيس الليبي الأسبق “معمر القذافي” في 17 فبراير 2011، ووقوع تمرد في شمال مالي من قِبل الطوارق وحدوث انقلاب عسكري في مارس 2012م، وهو ما أدى إلى بزوغ عدد من الجماعات الإرهابية، ولعل من بينها جماعة المرابطون التي ظهرت في يناير 2013م، وتنظيم “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” (ISGS) في عام 2015م وغيرها.
مكافحة الإرهاب
وتشير القراءة الحاضرة إلى أنه على الرغم من تعدد وتنوع الجهود الدولية المشتركة لمكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي وتوافر الظهير المالي والمادي الداعم لها، غير أن ثمة بعض الإشكاليات المواجهة لها والمتمثلة في محدودية التواصل والتعاون والتنسيق القائم على تقاسم الأعباء والمهام بشكل كامل بين الأطراف الفاعلة الدولية في إطار المبادرات المختلفة، كما هو الحال في إطار “التحالف من أجل الساحل” الأمر الذي أدى إلى ضعف أدائه وعدم تحقيق الهدف المرجو منه والمتمثل في تحسين وزيادة التنسيق بين الشركاء بهدف التعامل مع القضايا المشتركة العابرة للحدود وتشجيع تبادل المعلومات بشأن التحديات والحلول المحتملة، وهو ما أدى إلى تبلور محاولات لإيجاد مبادرات مشتركة جديدة من قبيل “ائتلاف منطقة الساحل” مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تعقيد الجهود بدلًا من تبسيطها.
الجهود الدولية
ويضاف لما سبق افتقاد بعض الجهود الدولية لوجود ظهير مؤسسي أكثر استدامة في إطار منطقة الساحل لضمان اتساقها مع الاحتياجات الفعلية لسكان دول المنطقة، فعلى سبيل المثال يقع مقر الأمانة العامة بشأن “التحالف من أجل الساحل” ووحدة التنسيق الخاصة به داخل مقر وزارة الخارجية الفرنسية والوكالة الفرنسية للتنمية، وتطرح الرؤية المستقبلية في هذا الصدد ضرورة توافر الإرادة السياسية لدول منطقة الساحل الإفريقي بشأن تفعيل دور الجهود الإقليمية الإفريقية المشتركة لمكافحة الإرهاب وذلك بما يتسق مع مبدأ “الحلول الإفريقية للمشكلات الإفريقية.
ضرورة محاربة الإرهاب
وكشف العديد من التقارير الإعلامية أنه بدأت إفريقيا بالانتباه إلى ضرورة محاربة الإرهاب بعد تفجير تنظيم "القاعدة" السفارتين الأميركيتين في نيروبي عاصمة كينيا، ودار السلام بتنزانيا، بيوم واحد، في 7 أغسطس (آب) 1998. بعد ذلك، وُقِّعت "اتفاقية الجزائر" لمكافحة الإرهاب في عام 1999، ثم تنامى الاهتمام بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، فوقعت الدول الإفريقية على بروتوكول اتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لمنع ﺍﻹرهاﺏ ومكافحته في عام 2004.
وعليه، تم التوافق على اعتماد إستراتيجية أميركية في إفريقيا لمواجهة الإرهاب بالعمل العسكري المباشر، فأُنشِئت القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (أفريكوم) لتكون نواةً لقوة إفريقية موحدة، وأعلن تأسيسها الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش في 7 فبراير (شباط) 2007، ودخلت الخدمة بشكل كامل في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2008.
وعلى الرغم من مساعدة القوات الأميركية، حكومات المنطقة في صد غارات الجماعات الإرهابية ومنعها من التمركز في المناطق النائية وتكوين ملاذات آمنة لها، فإن أداءها وُصف بأنه أول تغيير جوهري في السياسة الأميركية منذ الستينيات. وفسر البعض أن تأسيس "أفريكوم" نتج عن رغبة الولايات المتحدة في مواجهة أي تحدٍّ أو تهديدٍ لمصالحها بقوات إفريقية مسلحة تحت إشرافها.