بعد استبعاده من الانتخابات الرئاسية مَن هو الإيراني لاريجاني؟
استبعدت السلطات الايرانية علي لاريجاني من سباق الإنتخابات
علي لاريجاني هو واحد من أبرز الوجوه الحاضرة في السياسة الإيرانية على مدى الأعوام الماضية، خصوصًا أنه كان يقود المفاوضات الإيرانية مع القوى الكبرى في الملف النووي قبل ترشحه لانتخابات 2005، إلا أنه ابتعد عن هذا الدور في أعقاب انتخاب "أحمدي نجاد"، لتباين وجهات النظر بينهما حول مقاربة هذا الموضوع الشائك.
المولد والنشأة
ولد "علي لاريجاني" في 3 يونيو 1958، في مدينة "النجف"، لعائلة متشددة دينيًا، تنحدر أصولها من مدينة "بهشهر" في إقليم "مازندران"، إذ انتقل والده رجل الدين والمدرس في الحوزة العلمية، آية الله ميرزا هاشم أمولي، إلى النجف عام 1931 بسبب ضغوط رضا بهلوي على المتشددين من علماء الدين الشيعي، فبقي في النجف العراقية لثلاثة عقود، ولهذا وُلد جميع أبنائه هناك، ثم عاد إلى إيران عام 1961.
ويعد "لاريجاني" في الداخل الإيراني ابن عائلة ذات ثقل سياسي وديني، فشقيقه "صادق لاريجاني" هو الرئيس السابق للسلطة القضائية في إيران، وشقيقه الأكبر محمد جواد لاريجاني يشغل منصب أمين عام لجنة حقوق الإنسان، وشقيقه الثالث الدكتور باقر لاريجاني، يشغل منصب رئيس وحدة أبحاث الغدد الصماء، فيما يعمل شقيقه الرابع فاضل لاريجاني موظفًا بوزارة الشؤون الخارجية الإيرانية.
وبالرغم من نشأة لاريجاني في النجف العراقية التي أوت أسرته بعد طردهم من إيران، إلا أنه كان أبرز القيادات العسكرية في الحرب الإيرانية ضد العراق، حيث كان قائداً في الحرس الثوري خلال الحرب العراقية الإيرانية.
الدراسة والتكوين
درس لاريجاني في جامعة طهران، وحصل منها على شهادتي الماجستير والدكتوراه في الفلسفة الغربية، إضافة إلى حصوله على بكالوريوس الرياضيات والإعلام من جامعة شريف التكنولوجية. وترأس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني بين سنة 1997 و2004 بعد ترشيحه من المرشد الأعلى الإيراني.
الوظائف والمسؤوليات
ومنذ 14 أغسطس 2005، تولى لاريجاني أمينًا عامًا للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ثم قدم استقالته في أكتوبر 2007. وأسس السياسي الإيراني مركز الدراسات الإسلامية التابع لمجلس الشورى الإسلامي في مدينة قم، خلال فترة رئاسته للمجلس.
وعُين كنائب وزير العمل والشؤون الاجتماعية في فترة 1981-1989. وفي زمن حكومة الرئيس أكبر هاشمي رفسنجاني تولی منصب نائب وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
التجربة السياسية
وفی مارس 2008 ترشح في الانتخابات البرلمانية، وفاز عن دائرة قم. وفي مايو 2008، انتخب لرئاسة البرلمان. ثم أعيد انتخابه لرئاسة البرلمان في الدورة المقبلة عام 2012 .
وفی عام 2016 وافق المجلس مرة أخری لإعادة انتخابه للرئاسة بعد حصوله على معظم أصوات النواب. وحصل لاريجاني على 173 صوتا من أصل 281 نائبا، شاركوا في عملية الاقتراع.
وكان لاريجاني واحدًا من بين 600 شخص تقدموا بترشيحهم إلى انتخابات الرئاسة الإيرانية المقررة في 18 يونيو الجاري، لاختيار خلف للرئيس حسن روحاني، بينما منح المجلس الأهلية لسبعة فقط، منهم خمسة من المحافظين المتشددين المقربين من المرشد علي خامنئي، وعلى رأسهم رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي، الذي يبدو المرشح الأوفر حظا للفوز.
وشغل لاريجاني رئاسة مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) بين 2008 و2020، ويعد حاليا مستشارا للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، ويعد لاريجاني من المنتمين للتيار المعتدل بين المتشددين الإيرانيين، علاوة على أنه كان مساندًا للرئيس الحالي حسن روحاني الذي انتخب في 2013، وأبرم في عهده الاتفاق النووي الإيراني في فيينا عام 2015.
وكان هذا الاتفاق أتاح لإيران رفع العديد من العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلميتها. لكن الاتفاق أصبح كأن لم يكن منذ عام 2018، عندما قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سحب بلاده من الاتفاق بشكل أحادي، وأعاد فرض العقوبات القاسية على بلاد الفرس.
ويرى لاريجاني أن "السياسية الخارجية لإيران يجب أن تهدف إلى تسهيل العلاقات الخارجية من أجل النمو الاقتصادي للبلاد".
للمرة الثانية.. لاريجاني يترشح للرئاسة
وكان لاريجاني سجل ترشيحه للانتخابات في اليوم الأخير من مهلة الأيام الخمسة المعلنة للترشح، وبعد تردد في الإقدام على الخطوة، وهي المرة الثانية يترشح لاريجاني إلى الانتخابات الرئاسية، بعد محاولة أولى عام 2005 في عملية اقتراع انتهت بفوز غير متوقع لمحمود أحمدي نجاد.
وحصل وقتذاك على المركز السادس في الانتخابات الرئاسية عام 2005، حائزًا على 5.94% من إجمالي الأصوات.
إلا أن مجلس صيانة الدستور أعلن استبعاد لاريجاني من الترشح للرئاسة هذه المرة، ما أثار مفاجأة كبيرة داخل إيران وخارجها.
خلافات ساسة إيران تخرج للعلن
وبعد إعلان ترشحه للرئاسة الإيرانية في آخر أيام الالتحاق، فوجئ لاريجاني بقرار استبعاده من قائمة المرشحين، من قبل مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة غير منتخبة من 12 عضوا، غالبيتهم من المحافظين.
وشكل إقصاء لاريجاني من قائمة المرشحين مفاجأة داخل إيران وخارجها، ما أثار موجة انتقادات أبرزها من أحد أعضاء المجلس، آية الله صادق آملي لاريجاني، شقيق علي لاريجاني والرئيس السابق للسلطة القضائية.
وقال صادق آملى في بيان: "لطالما دافعت عن مجلس صيانة الدستور، لكن لم يسبق لي أن وجدت قرارات المجلس غير قابلة للدفاع عنها لهذا الحد، أكان على صعيد الأهلية أو الاستبعادات"، منتقدا دور "أجهزة أمنية" لم يسمها في قرارات المجلس.
كما نشر لاريجاني بيانا، عبر تويتر، أمس السبت، يدعو فيه مجلس صيانة الدستور إلى أن يكشف "رسميا وعلنيا كل الأسباب" التي دفعت إلى استبعاد ترشيحه، معتبرًا أن التقارير المتعلقة به وبعائلته "تبين أنها خاطئة".
وتعقيبا على ذلك، أكد المتحدث باسم المجلس عباس علي كدخدائي، أن دراسة أهلية المرشحين استندت إلى "وثائق دقيقة وموثوق بها"، مضيفًا أن قانون الانتخابات لم يحدد شيئا بخصوص الاعتراض على الاستبعاد والكشف العلني عن أسبابه.