انفجارات بندر عباس تكشف خطايا السلامة الوطنية في الموانئ الإيرانية

انفجارات بندر عباس تكشف خطايا السلامة الوطنية في الموانئ الإيرانية

انفجارات بندر عباس تكشف خطايا السلامة الوطنية في الموانئ الإيرانية
انفجار ميناء رجائي

في زيارة ميدانية أجراها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، تفقد الرئيس حالة المصابين جراء انفجار مدمر هز ميناء شهيد رجائي، أحد أهم الموانئ في إيران، والواقع بالقرب من مدينة بندر عباس في محافظة هرمزجان جنوب البلاد، حسبما نقلت وكالة "أسوشيتيد برس" الأمريكية.

ويأتي هذا الحادث وسط تقارير تشير إلى ارتباط الميناء بشحنة سابقة لمادة كيميائية تُستخدم في تصنيع وقود الصواريخ،؛ مما أثار تساؤلات حول طبيعة الانفجار وأسبابه.

حصيلة الضحايا والأضرار

ارتفعت حصيلة ضحايا الانفجار الذي وقع، يوم السبت، إلى 40 قتيلاً، فيما أصيب حوالي ألف شخص آخرين، وفقًا لآخر الإحصاءات الرسمية. 

وأفادت وسائل الإعلام الحكومية، بأن 190 مصابًا فقط ما زالوا يتلقون العلاج في المستشفيات حتى يوم الأحد، حسب تصريحات بير حسين كوليفاند، رئيس جمعية الهلال الأحمر الإيراني.

 وقد أعلن محافظ المنطقة، محمد آشوري، الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام في المحافظة تكريمًا للضحايا.

وأظهرت مقاطع فيديو جديدة مشاهد كارثية من موقع الانفجار، حيث بدت الحفرة الناتجة عن الانفجار بعمق عدة أمتار، محاطة بدخان مشتعل كثيف دفع السلطات إلى إغلاق المدارس والشركات في المنطقة المجاورة بسبب المخاطر الصحية. 

كما بدت الحاويات في الميناء وكأنها ألعاب مرمية، إذ تضررت بشدة أو تناثرت، فيما تناثرت حول الموقع بقايا شاحنات وسيارات محترقة. 

وتُظهر صور الأقمار الصناعية التي التقطتها شركة "بلانيت لابس" ونشرتها وكالة "أسوشيتد برس" سحابة ضخمة من الدخان الأسود ما تزال تتصاعد من الموقع يوم الأحد.

جهود الإطفاء والاستجابة الطارئة

تواصلت جهود مكافحة الحريق الذي اندلع عقب الانفجار، حيث أعلنت السلطات أن الوضع تحت السيطرة، مع توقعات بإخماد الحريق بالكامل بحلول مساء الأحد. 

وخلال الليل، نفذت مروحيات وطائرات شحن ثقيلة طلعات جوية متكررة فوق الميناء، واستخدمت إحدى المروحيات مياه البحر لإخماد الحريق. 

كما شاركت روسيا في جهود الإغاثة، حيث أرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدة طائرات طوارئ إلى بندر عباس لتقديم المساعدة.

تساؤلات حول الأسباب


وتابعت الوكالة الأمريكية، أنه خلال اجتماع مع المسؤولين، أذاعته القناة الرسمية الإيرانية، أكد الرئيس بزشكيان على ضرورة التحقيق في أسباب الانفجار، قائلاً: "يجب أن نكتشف سبب حدوث هذا الحادث. 

من جهته، قدم المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي تعازيه في الضحايا، مشيرًا إلى إمكانية أن يكون التخريب وراء الانفجار".

وأضاف - في بيان رسمي-: "من واجب الأجهزة الأمنية والقضائية إجراء تحقيق شامل لمعرفة ما إذا كان هناك إهمال أو أعمال متعمدة تسببت في هذا الحادث، ومتابعة الأمر وفقاً للأنظمة"، مؤكدًا أن على جميع المسؤولين العمل من أجل منع وقوع مثل هذه الأحداث المؤلمة والمدمرة.

ارتباط محتمل بوقود الصواريخ

تشير تقارير شركة الأمن الخاصة "أمبري"، أن ميناء شهيد رجائي استقبل في مارس الماضي شحنة من مادة "بيركلورات الأمونيوم" القادمة من الصين، وهي مادة كيميائية تُستخدم في تصنيع الوقود الصلب للصواريخ. 

وأفادت التقارير، التي نشرتها صحيفة "فاينانشال تايمز" لأول مرة في يناير، بأن هذه المادة كانت مخصصة لتجديد مخزون الصواريخ الإيرانية، الذي استُنزف خلال هجماتها المباشرة على إسرائيل أثناء الحرب مع حماس في قطاع غزة.

 وتأكدت بيانات تتبع السفن التي حللتها وكالة "أسوشيتد برس" من وجود إحدى السفن التي يُعتقد أنها تحمل هذه المادة في المنطقة خلال مارس، كما أشارت "أمبري".

وأوضحت الشركة، أن الحريق نجم على الأرجح عن سوء التعامل مع شحنة من الوقود الصلب المخصص للصواريخ الباليستية الإيرانية. 

وتظهر لقطات من وسائل التواصل الاجتماعي للحادث دخانًا مائلاً إلى اللون الأحمر يتصاعد من الحريق قبل الانفجار مباشرة؛ مما يشير إلى احتمال وجود مركب كيميائي، على غرار ما حدث في انفجار ميناء بيروت عام 2020، الذي تسبب في مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة أكثر من 6 آلاف آخرين نتيجة اشتعال مئات الأطنان من نترات الأمونيوم شديدة الانفجار.

نفي عسكري وغموض مستمر

في أول رد فعل رسمي يوم الأحد، نفى المتحدث باسم وزارة الدفاع الإيرانية، العميد رضا طلائي نيك، وجود أي شحنات مستوردة أو مصدرة للوقود أو التطبيقات العسكرية في موقع الميناء. 

ووصف التقارير الأجنبية حول وقود الصواريخ بأنها لا أساس لها من الصحة، لكنه لم يقدم تفسيرًا للمادة التي تسببت في الانفجار الهائل، وتعهد المسؤول بأن السلطات ستقدم المزيد من المعلومات لاحقاً.

ويثير التساؤل سبب عدم نقل إيران لهذه المواد الكيميائية من الميناء، خاصة بعد كارثة بيروت.
ومع ذلك، تشير تقارير أن إسرائيل استهدفت مواقع صواريخ إيرانية تستخدم خلاطات صناعية لإنتاج الوقود الصلب؛ مما قد يعني أن إيران لم تملك مكانًا لمعالجة هذه المادة.

تداعيات وتحديات مستقبلية

 

يُعد انفجار ميناء شهيد رجائي واحدًا من أكثر الحوادث تدميرًا في إيران في السنوات الأخيرة، وهو يضع السلطات أمام تحديات كبيرة للتحقيق في الأسباب، وتحديد المسؤوليات، ومنع تكرار مثل هذه الكوارث. 

 

كما يثير الحادث تساؤلات حول إجراءات السلامة في المنشآت الحيوية، والتوترات الإقليمية المرتبطة ببرنامج إيران الصاروخي.

 

ومع استمرار التحقيقات، تظل الأنظار متجهة نحو السلطات الإيرانية لتقديم إجابات واضحة حول هذا الحادث المأساوي الذي هز البلاد.