قبل COP28.. كيف كشفت كارثة ليبيا التهديدات المناخية الكبرى في الشرق الأوسط؟
كشفت كارثة ليبيا التهديدات المناخية الكبرى في الشرق الأوسط
يُعد شهر سبتمبر بمثابة تحول جذري في قضية تغير المناخ، حيث سلطت الكارثة الكبرى التي واجهتها ليبيا الضوء على التغيرات المناخية المتطرفة التي تضرب المناطق الأكثر احتياجًا وخصوصًا في الشرق الأوسط؛ ما يجعل من قمة المناخ المقبلة COP28 المقرر إقامتها الشهر المقبل في الإمارات الأهم في تاريخ القمم.
تكرار مأساة ليبيا
وأفادت صحيفة "آرب ويكلي" الدولية، بأنه منذ أكثر من شهر، طلبت أسمهان بلاعون، عضو البرلمان الليبي في شرق ليبيا، تشكيل لجنة لتغير المناخ، وقيل لها إنه سيتم تحديد موعد لمناقشة هذه القضية، لكن جهودها تغلبت على الفيضانات القاتلة التي ضربت مدينة درنة هذا الشهر بعد هطول أمطار غزيرة تسببت في انهيار سدين متهالكين؛ ما أطلق العنان لسيل من الدمار.
وقالت بلاعون: "للأسف، اهتمامنا... بالقوانين والانتخابات وهذه الأمور كان عائقاً"، وتحركت العاصفة دانيال بشكل أسرع بكثير من السياسيين في الدولة التي مزقتها الصراعات؛ ما تسبب في فيضانات طغت على البنية التحتية واجتاحت أجزاء من درنة، ودمرت مئات المباني.
وأكدت الأمم المتحدة مقتل أكثر من 4 آلاف شخص بسبب الكارثة، في حين لا يزال أكثر من 8500 شخص في عداد المفقودين، وقالت الأمم المتحدة إن 40 ألف آخرين نزحوا في شمال شرقي ليبيا، بما في ذلك 30 ألفاً على الأقل من المقيمين داخل درنة.
وقال العلماء الذين يعملون مع World Weather Attribution، وهو تعاون بحثي يدرس دور ظاهرة الاحتباس الحراري في أحداث مناخية محددة، إن تغير المناخ جعل هطول الأمطار الغزيرة التي أدت إلى فيضانات ليبيا أكثر احتمالا بما يصل إلى 50 مرة وتسبب في زيادة الأمطار بنسبة تصل إلى 50 في المائة خلال تلك الفترة. فترة من السنة، كما ألقوا باللوم على عوامل أخرى بما في ذلك البناء في سهول الفيضانات وسوء حالة البنية التحتية وسنوات من الصراع المسلح.
احتياجات إقليمية
وأكدت الصحيفة أن ما حدث في ليبيا يعكس الوضع في بلدان مضطربة أخرى مثل أفغانستان واليمن وأجزاء كبيرة من منطقة الساحل الإفريقي، والتي تواجه تهديدات متزايدة مرتبطة بالمناخ في حين تتصارع مع عدم الاستقرار السياسي وضعف الحكم؛ ما يجعل من الصعب الحصول على التمويل اللازم لتدابير حماية الأشخاص والأصول.
وبالعودة إلى عام 2007، وصف رئيس أساقفة جنوب إفريقيا ديزموند توتو، الحائز على جائزة نوبل للسلام، هذا الوضع بأنه "فصل عنصري تكيفي".
وكتب في تقرير للأمم المتحدة "إن ترك فقراء العالم يغرقون أو يسبحون بمواردهم الضئيلة في مواجهة التهديد الذي يشكله تغير المناخ أمر خاطئ أخلاقيا، للأسف... هذا بالضبط ما يحدث".
وأكدت الصحيفة أنه يبدو أن هذه الملاحظة حول نقص التمويل للأشخاص الضعفاء على الخطوط الأمامية لعالم يزداد حرارة، والتي تكررت عدة مرات منذ ذلك الحين من قبل مجموعة متزايدة من نشطاء العدالة المناخية، لم تغير إلا القليل على أرض الواقع؛ ما يعني أن الإمارات أمامها الكثير لتفعله في ظل حالة تفاؤل كبيرة بين الدول النامية والفقيرة بأن الإمارات قد تنجح في الضغط على الدول الغنية للتحرك فيما يخص قضايا المناخ.
معاناة الدول
وأشار سياران دونيلي، نائب الرئيس الأول للبرامج الدولية في لجنة الإنقاذ الدولية، وهي وكالة إنسانية عالمية، إلى "نوع ناشئ من النظام المتدرج".
وحدد نحو 15 دولة تعاني في وقت واحد من التقلبات المناخية والهشاشة السياسية الناجمة عن الصراعات، بما في ذلك اليمن والصومال.
وأضاف: أن الكثير من أموال المانحين المتاحة لبناء القدرة على الصمود في مواجهة الأحوال الجوية الأكثر تطرفا وارتفاع منسوب مياه البحار تعتمد على وجود حكومة فعالة لتلقي الأموال، وهو مطلب يهدد باستبعاد الدول غير المستقرة سياسيا.
وقال دونيلي: "البلدان التي يوجد فيها هذا النوع من القطاع العام الضعيف، لن تتمكن من الوصول إلى التمويل المناخي وستتخلف أكثر، إنها تصبح حقًا نوعًا من الحلقة المفرغة ذاتية التعزيز".
البيروقراطية والفساد
كان لتغير المناخ، رغم غيابه التام عن السرد السياسي في ليبيا، تأثير واضح على حياة وليد فتحي، وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 34 عامًا يعيش في البيضاء، وهي مدينة تقع غرب درنة، حسبما ذكرت الصحيفة الدولية.
وأضافت الصحيفة: أن الفيضانات دمرت الجدار الخلفي لمنزله وقتلت جيرانه، وهم أسرة مكونة من سبعة أفراد، والمدخرات الضئيلة التي يمكنه جمعها من راتبه ستذهب لإصلاح منزله. وهو يعيش الآن في حالة من عدم اليقين والخوف، خائفًا من الطقس وما قد يحمله الشتاء.
وقال فتحي: "لا نعرف ماذا نفعل، نحن خائفون، ليس لدينا مكان نذهب إليه".
وألقى محمد منفور قائد مطار قرب البيضاء شرق البلاد باللوم في كارثة الفيضانات على المجتمع الدولي والحكومات الحاكمة في نصفي البلاد، قائلاً: "هناك أخطاء في البنية التحتية، أخطاء في البناء والهندسة المعمارية، أخطاء في عدم صيانة السدود".
وقال أتون، وهو زميل باحث كبير في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تشاتام هاوس، وهي مؤسسة فكرية مقرها لندن، إن تركيز الكثيرين الذين تمكنوا من الوصول إلى السلطة في ليبيا كان ينصب على البقاء في السلطة"، بدلاً من العمل على حماية السكان من التهديدات الخارجية مثل تغير المناخ.
وأضاف: "بالتأكيد لن تتمكن من القيام بهذه الأشياء والحصول على أموال (المناخ) هذه إذا لم يكن أحد يفكر فيها حقًا ولم يكن ذلك جزءًا من الخطاب السياسي".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال رئيس المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إنه كان من الممكن تجنب وقوع ضحايا في فيضانات ليبيا إذا كان لدى الدولة المقسمة خدمة طقس فعالة.