رغم سقوط عشرات الضحايا والقتلى إلا أن هناك حالة من الصمت الدولي غير المبرر وانتقادات شفهية فقط لانتهاكات قطر لحقوق العمال والأوضاع السيئة للغاية التي تجبر السلطات فيها العمال على العمل، في ظل ظروف مناخية غير آدمية وبيئة عمل غير مناسبة، وفي بعض الأحيان يصل الأمر إلى العمل بالسخرة أو نظام العبودية، وبحسب صحيفة "التايمز" البريطانية، فإن الأوضاع السيئة ومناخ العمل في قطر، لم يظهر للعلن إلا بعد فوزها غير المستحق بتنظيم بطولة كأس العالم عام 2010، حيث استعانت قطر بعدد أكبر من العمال الأجانب من أجل بناء المنشآت الخاصة بكأس العالم.

انتهاكات قطرية

أكدت الصحيفة أنه على الرغم من أن قطر تعد واحدة من أغنى دول العالم، إلا أنها الأسوأ في التعامل مع العمالة الأجنبية، سواء من ناحية توفير بيئة عمل مناسبة أو من ناحية الأجور، موضحة أنه مع حلول فصل الصيف والموجة الحارة الكبرى التي يعاني منها عدد كبير من دول العالم واقتراب انطلاق بطولة كأس العالم المقرر إقامتها في شهر نوفمبر المقبل، ازدادت الانتهاكات القطرية.

وأضافت أنه على الرغم من الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة، زادت قطر من ساعات العمل للعمال وألغت ساعات الراحة لعدد كبير منهم، كما أنها أجبرت البعض على تغيير وظائفهم من حراس أمن لعمال بناء، من أجل الانتهاء من بعض المباني التي لا تزال تحت الإنشاء.

آخِر الضحايا

أشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن شاندرا رومبا كان آخر هؤلاء الضحايا، حيث عثر على جثته في مبنى سكني في منتصف الليل، وأضافت أن رومبا كان يبلغ من العمر 28 عامًا، وسافر إلى قطر من أجل زوجته وابنهما البالغ من العمر ثلاث سنوات، كانت خطته هي البقاء لمدة عامين وتوفير ما يكفي لشراء قطعة أرض في وطنه في نيبال ويحلم بأن يكون راعي ماعز.
 
وأشارت إلى أنه كان يعمل في أحد ملاعب كأس العالم كحامل سقالة، معلقًا على حبال، تحت أشعة الشمس الحارقة، وفي مكالمات الفيديو الأخيرة مع أسرته، قال إن الجو حارًا جدًا لدرجة أنه شعر بحرارة الشارع تحت قدميه.

وأضافت أنه في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، سمعه زملاؤه العمال وهو يكافح حتى يلتقط أنفاسه ثم سقط ميتًا قبل أن يصل حتى إلى المستشفى.

صمت دولي

وبحسب الصحيفة، فإنه على الرغم من الانتهاكات الكبرى والأهوال التي يواجهها العمال في قطر بشكل يومي، إلا أن هناك صمتا غريبا،  مضيفة أن المملكة المتحدة، لم تتخذ أي إجراءات عقابية ضد الانتهاكات القطرية في حقوق العمال، كما أن مؤسسات العمل الدولية تكتفي دائمًا بإنذار قطر.

وأكدت أن قطر لن تتوقف عن انتهاكاتها بحقوق العمال إلا بعد اتخاذ العالم إجراءات عقابية صارمة والانتفاض من أجل مئات الآلاف من العمال الذين يواجهون الموت يوميًا ولا يحق لهم حتى الاعتراض أو رفض العمل في ظروف بيئية غير مناسبة.

جواسيس العمال

ومن أجل إحكام الحكومة القطرية سيطرتها على شبكة العمال الأجانب ومنع أي انتفاضة قد تهدد نجاح بطولة كأس العالم، زرعت قطر جواسيس بين العمال للإبلاغ عن أي موجات غضب أو اعتراض عن الأوضاع المعيشية الصعبة.

وبحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، فقد زعم ناشطون أن المخبرين الذين يعملون تحت غطاء داخل معسكراتهم تم التعرف عليهم من قبل عمال مهاجرين فضحوا الاستغلال القطري لهم.

وتوصل الباحثون الذين يحققون في ظروف المهاجرين إلى أنهم يخضعون لاستجواب من قبل العمال في مواقع بناء الملاعب في قطر، ويقول العمال إن الأسئلة وُجهت إليهم بطريقة رسمية توحي بأن المحققين تلقوا تدريباً مهنياً.

قالت مصادر مطلعة من المنظمة العالمية لحقوق الإنسان وحقوق العمال Equidem التي تعمل على نطاق واسع في قطر: إن هؤلاء المسؤولين الأمنيين السريين تم تجنيدهم في البلدان المضيفة للعمال المهاجرين.

قال مصطفى قادري ، الرئيس التنفيذي لشركة Equidem: "نحن على اتصال دائم بالعاملين في قطر".

وتابع "في حين أن هناك عنصرًا من التكهنات فإننا نعلم أن الأشخاص من كينيا والهند ونيبال الذين يشبهون ويتحدثون مثل أي عمال عاديين يطرحون بشكل أساسي أسئلة على أشخاص معروفين بأنهم نشطاء."

ووفقا للصحيفة، فإنه يُعتقد أنه تم وضعهم في مخيمات سكنية ليس فقط لاستخراج معلومات حول عمل هيئات حقوق الإنسان، ولكن لتحديد أي عمل إضراب محتمل.

وتابعت أنه تم القبض على مالكولم بيدالي، العامل الكيني الذي عمل كحارس أمن في قطر، وسجنه وتغريمه غرامة في نهاية المطاف بتهمة "بث ونشر أخبار كاذبة بقصد تعريض النظام العام للدولة للخطر".

وذكر بيدالي ، المدون الذي احتُجز في الحبس الانفرادي لمدة شهر قبل إطلاق سراحه في يونيو الماضي، أنه تم استجوابه أيضًا بشأن جهوده لفضح إساءة معاملة العمال المهاجرين في مواقع البناء الخاصة بكأس العالم.