ما وراء مخططات الحرس الثوري الإيراني للسيطرة على الانتخابات الرئاسية
يحاول الحرس الثوري الإيراني السيطرة علي الإنتخابات الرئاسية
يسعى الحرس الثوري الإيراني للتحكم في كافة مفاصل الدولة، فبعد السيطرة على معظم القطاعات الاقتصادية قدم عددا من الشخصيات العسكرية للترشح في الانتخابات الرئاسية.
ويخشى الحرس الثوري من تراجع نفوذه في الدولة الإيرانية إذا ما فاز أي مرشح معتدل ورحل المرشد الأعلى خامنئي.
وتعد الانتخابات الرئاسية آخر أوراق الحرس الثوري لتعزيز قوته وسيطرته على الحكم.
الحرس الثوري الإيراني
تضمنت قائمة المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية الإيرانية، التي ستعقد في 18 يونيو عددا من القادة العسكريين الإيرانيين، من كل من الجيش والحرس الثوري الإسلامي وهم وزير الدفاع السابق في حكومة روحاني حسين دهقان والقائد السابق للحرس الثوري الإيراني والأمين الحالي لمجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني محسن رضائي، والرئيس السابق لمقر قيادة البناء خاتم الأنبياء في الحرس الثوري الإيراني العميد اللواء سعيد محمد، بالإضافة إلى سياسيين آخرين بخلفية عسكرية، بمن فيهم علي لاريجاني وبارفيز فتاح ومهرداد بازرباش.
ووفقا لصحيفة "آرب نيوز" الدولية، فإنه لا يزال من المبكر بعض الشيء تحديد أسماء من ستظهر في نهاية المطاف على بطاقات الاقتراع.
وذلك لأن المرشد الأعلى علي خامنئي يسيطر على مقاليد السلطة في إيران ولديه قبضة محكمة على الانتخابات المقبلة، فخامنئي، بعد عملية معقدة للتوصل إلى توافق واختيار المرشحين المناسبين، له الكلمة الأخيرة ويهتم بالحفاظ على مصالح النظام السياسي.
لذلك، إلى أن يعلن مجلس صيانة الدستور الإيراني حكمه النهائي على المرشحين المؤهلين، فمن غير المؤكد ما إذا كان الرئيس الإيراني المقبل سيكون رجلاً عسكريًا.
وقبل اتخاذ هذا القرار وتحديد ما هو مطلوب من الرئيس الإيراني المقبل القيام به، سيتعين على خامنئي النظر في العديد من القضايا الحاسمة، بما في ذلك الاستقرار الداخلي للبلاد وسياستها الخارجية، خاصة فيما يتعلق بآفاق المفاوضات الدبلوماسية مع القوى العالمية بقيادة الولايات المتحدة.
فراغ سياسي
ويعكس عدد الشخصيات العسكرية في السباق الرئاسي الفراغ السياسي الذي يحاولون ملؤه ويبرز رغبتهم في مزيد من السيطرة في محاولة لتولي ثاني أهم منصب سياسي في إيران بعد المرشد الأعلى.
كما يعكس محاولات الجيش الإيراني ترسيخ وجوده في مؤسسات صنع القرار، وكان هذا واضحًا بعد فوز الحرس الثوري الإيراني بعدة مقاعد في الانتخابات البرلمانية في فبراير 2020.
علاوة على ذلك، فإن صعود محمد باقر غالباف، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، إلى قمة القضاء الإيراني، يعني أن الحرس الثوري قد بسط نفوذه ووصل إلى عمق البلاد.
النظام السياسي
ويعد نفوذ الحرس الثوري الإيراني المتزايد هو نتيجة مباشرة لعدة عوامل: الأول هو دورها السياسي المتنامي في صنع القرار المتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية، والذي أخذ يتزايد منذ تشكيلها، والثاني هو استمرار ثقلها الاقتصادي في النمو، حيث تسيطر على نسبة كبيرة من الاقتصاد الإيراني.
أما العامل الثالث فيكمن في أنشطتها الأمنية والعسكرية في إيران وخارج حدود البلاد، وهو دور ازداد بعد انسحاب أميركا من الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات الأميركية على إيران، وتفشي جائحة فيروس كورونا، والأزمة الداخلية غير المسبوقة في البلاد.
وتعكس استقالة سعيد محمد من منصبه في مقر شركة خاتم الأنبياء للإنشاءات إحدى أهم المؤسسات الاقتصادية للحرس الثوري الإيراني لخوض الانتخابات الرئاسية، سعي الحرس الثوري المستمر لتحقيق سيطرة اقتصادية أكبر.
ما وراء الترشح في الانتخابات
كما أن انخراط الحرس الثوري الإيراني الأعمق في السياسة هو أيضًا لأنه يخشى أن تتغير المعادلة السياسية الإيرانية بطريقة تتعارض مع مصالحها.
وإذا حدث ذلك، فقد تنشأ اشتباكات بين الحرس الثوري الإيراني والحكومة المقبلة، إذا تبنت الأخيرة مواقف اقتصادية وسياسية تحد من نفوذ الحرس الثوري الإيراني.
لا يختلف هذا السيناريو بشكل كبير عن الصدام بين الرئيس حسن روحاني والحرس الثوري الإيراني، حيث يريد روحاني الحد من دوره ونفوذه، وهو ما يراه عقبة أمام تطوير الاقتصاد الإيراني. ومن المرجح أن يستمر صدام الرؤى هذا في حالة فوز مرشح إصلاحي في الانتخابات الرئاسية المقبلة والتوصل لاحقًا إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى ذلك، يتطلب فتح قنوات التجارة الخارجية وصفقات الاستثمار أن تخضع إيران لإصلاح اقتصادي من شأنه أن يخاطر بسيطرة الحرس الثوري الإيراني على القطاعات الاقتصادية المختلفة في البلاد.
كما يشعر الحرس الثوري الإيراني بالقلق من احتمال إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، لاسيما مع إمكانية تعديله ليشمل قضايا الأمن القومي الحساسة مثل برنامج الصواريخ الباليستية في البلاد، والذي يعتبره قضية سيادية.
ويقود هذا المشروع فيلق القدس، الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني، وبالتالي، فإن محاولات الحرس الثوري للفوز بالمقعد الرئاسي قد تكون مدفوعة برغبته في تشكيل المسار المحتمل للمفاوضات وتأمين المصالح الوطنية للبلاد، كما يراه قادة الحرس الثوري الإيراني مناسبًا.
ويعتقد الحرس الثوري الإيراني أن الرئيس الإصلاحي والحكومة سيقدمان تنازلات كبيرة قد تضر بموقفها ومصالح إيران. في غضون ذلك، يستغل الحرس الثوري الإيراني الأزمة في إيران من خلال تعزيز أدواره الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
أخيرًا، في ضوء حقيقة أن منصب خامنئي البالغ من العمر 81 عامًا قد يصبح شاغرًا قريبًا، يأخذ الحرس الثوري الإيراني بعين الاعتبار مستقبل النظام السياسي الإيراني ودوره في الحفاظ على الثورة وأيديولوجيتها الثورية وثقافتها ودورها في إبقاء الوضع الداخلي تحت السيطرة.