كيف يواجه السودانيون أزمة جحيم البقاء وتعسر المغادرة مع استمرار الصراع السوداني؟
يواجه السودانيون ازمة جحيم البقاء وتعسر المغادرة مع استمرار الصراع
تواصل الحرب في السودان تفاقم الأوضاع والأزمات المتتالية، حيث القتال خلف الآلاف من القتلى والجرحى، وملايين النازحين عن منازلهم ومدنهم نتيجة لاستمرار إطلاق النيران بين جبهتي الدعم السريع والجيش السوداني.
النازحون أصبحوا في معاناة كبرى حيث لا أمان ولا ملجأ لهم ولا طعام وفي نفس التوقيت لا مجال لهم للعودة، فقد تم نهب بيوتهم من العصابات.
عناء على الحدود
عناء على الحدود بين الدول المجاورة نتيجة للاكتظاظ في محاولة للفرار من الموت، مزيد من العناء بعد أن قضى المواطن السوداني ثلاثة أشهر تحت القصف في العاصمة الخرطوم.
ومن لم يتركوا البلاد أصبحوا في عناء مماثل نتيجة لتوقف الأعمال في ظروف قاسية يستحيل معها التكسب المالي، طيلة الفترة التي أعقبت اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
الظروف الإنسانية الصعبة تعيش على أمل وصول مساعدات إنسانية تخفف المعاناة، ولكن تتبدد بعد أن فشلت منظمات الإغاثة المحلية والدولية في توزيع العون الغذائي على سكان الخرطوم نتيجة احتدام المواجهات العسكرية في كل أرجاء العاصمة.
خيارات صعبة في مواجهة المواطنين، النزوح إلى الولايات الإقليمية الذي يتطلب مبالغ نقدية كبيرة لأجل أجرة الحافلة، كما أن إعادة الاستقرار في المناطق السودانية الآمنة يتطلب أموالاً ضخمة؛ إذ ارتفعت أسعار إيجار العقارات والشقق بصورة فاحشة، بينما لا توجد مخيمات مؤهلة للإيواء.
معاناة اللاجئين في الدول الأخرى
وكانت قد قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: إن عشرات الآلاف من اللاجئين من جنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا، الذين كانوا يعيشون في السودان، فروا من القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في منطقة الخرطوم.
كما عبرت المفوضية عن قلقها بشكل خاص إزاء الوضع في منطقة دارفور، حيث تتفاقم المخاوف من تجدد التوترات العرقية، ووقف إطلاق النار الهش أدى إلى تهدئة القتال في بعض المناطق؛ ما سمح للبعض بالفرار من منازلهم بحثاً عن الأمان، إلا أن انتهاكات حقوق الإنسان ضد النازحين منتشرة، بما في ذلك الابتزاز الجنسي والمالي.
وبحسب الأمم المتحدة فإن نحو 1.7 مليون فروا من جحيم القتال في السودان بالداخل ولجأ الآلاف إلى دول الجوار مصر، جنوب السودان، تشاد. وبناءً على هذه التقديرات فإن 6 ملايين شخص على الأقل ما زالوا عالقين في العاصمة الخرطوم التي يسكنها 8 ملايين شخص، وفق آخر تعداد سكاني تم إجراؤه عام 2010م.
يعيش هؤلاء الأشخاص تحت رعب الاشتباكات العسكرية الدامية، إلى جانب النقص الحاد في السلع الأساسية بعد إغلاق غالبية الأسواق في العاصمة الخرطوم التي تعرضت إلى أعمال نهب واسعة خلال الفترة التي أعقبت اندلاع الحرب، فضلاً عن التدهور المريع في خدمات الصحة والكهرباء ومياه الشرب.
ويقول المحلل السياسي السوداني محمد إلياس: إن من يعمل في منظومات أممية لمساعدة السكان في الخرطوم يواجهون صعوبات بالغة في الحركة والتنقل وسط حدة الاشتباكات العسكرية، بجانب اتساع رقعة العاصمة الخرطوم والولايات الأخرى، الشيء الذي حال دون وصول المساعدات الغذائية إلى جميع السكان المتأثرين بالحرب.
وأضاف إلياس في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر": رحلات النزوح من الخرطوم تتطلب أموالًا كثيرة، وهو ما لا يستطيع فعله الشعب السوداني الذي يعاني من الفقر قبل الحرب، ومن بقي الآن يواجه شبح الجوع ونقص المياه والكهرباء، ومن قرر النزوح يواجه عصابات وقطاع الطرق، والسودان أصبح في حالة يرثى لها.
وفي السياق ذاته، تقول الإعلامية السودانية داليا إلياس: إن الوضع في الخرطوم والمناطق المجاورة صعب للغاية بسبب الحرب الدائرة في الإقليم المضطرب، خاصة بعد اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع.
وأضافت في تصريحات خاصة لـ"العرب مباشر": فقد أدى الصراع إلى عودة الحرب مرة أخرى، واغتيال والي غرب دارفور خميس أبكر خلال الفترة الماضية أبلغ دليل على أن هناك طرفا ثالثا يريد عودة الحرب في الإقليم، ومنذ أربعة أعوام بعد ثورة ديسمبر المجيدة في العام 2019م، شهد الإقليم حالات انفلات أمني وقتال عنيف ازداد خلال العام الماضي وتمت عمليات إبادة وتهجير لبعض القرى في العديد من المناطق في الإقليم، ومقتل الوالي أبلغ دليل على اندلاع أعمال العنف القبلي بين قبيلة المساليت والقبائل العربية.