فرنسا في قلب العاصفة.. إسقاط حكومة بارنييه يشعل أزمة سياسية غير مسبوقة
فرنسا في قلب العاصفة.. إسقاط حكومة بارنييه يشعل أزمة سياسية غير مسبوقة
تواجه فرنسا أزمة سياسية غير مسبوقة بعد أن أطاح تصويت بحجب الثقة بحكومة رئيس الوزراء اليميني، ميشيل بارنييه، بعد ثلاثة أشهر فقط من توليه المنصب.
وجاءت هذه الخطوة نتيجة تحالف بين أحزاب اليسار ونواب من حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبان، حسبما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.
تصويت بحجب الثقة
وتابعت الصحيفة، أنه تم التصويت في متأخر أمس الأربعاء، حيث صوّت 331 نائبًا لصالح إسقاط الحكومة، وهو ما يمثل أغلبية واضحة.
وفي أعقاب ذلك، أعلن بارنييه أنه سيقدم استقالته صباح اليوم الخميس، محذرًا قبل التصويت من أن فرنسا "ستُلقى في المجهول".
وأضافت، أن الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي يواجه أسوأ أزمة سياسية خلال ولايتيه، سيخاطب الشعب الفرنسي عبر التلفزيون مساء الخميس، حسبما أكدت مكتبه الرئاسي.
وأشارت، أن ماكرون يجد نفسه أمام تحدٍ كبير بعد سقوط حكومته، حيث تواجه فرنسا أزمة في إعداد موازنة عام 2025 في ظل تزايد العجز العام، وسط تساؤلات عن الشخصية التي يمكن أن تتولى رئاسة الوزراء.
رغم الضغوط، أكد ماكرون أنه لن يستقيل، واصفًا ذلك بـ"الخيال السياسي"، ومع ذلك، طالبت بعض الأطراف من اليسار واليمين المتطرف برحيله.
الأول من نوعه
وأكدت الصحيفة البريطانية، أن التصويت بحجب الثقة هذا هو الأول من نوعه في فرنسا منذ عام 1962 عندما أُطيحت حكومة جورج بومبيدو في عهد الرئيس شارل ديغول، كما أصبحت حكومة بارنييه هي الأقصر عمرًا في تاريخ الجمهورية الخامسة التي تأسست عام 1958.
وتابعت، أنه لا يمكن الدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة قبل يوليو 2025؛ مما يحد من خيارات ماكرون للتعامل مع الجمعية الوطنية المنقسمة، البرلمان الحالي مقسم بين ثلاثة تيارات رئيسية دون أغلبية مطلقة: تحالف اليسار، الذي حصد أكبر عدد من الأصوات، لكنه لم يصل إلى الأغلبية؛ وكتلة ماكرون الوسطية التي تراجعت قوتها؛ وحزب لوبان اليميني المتطرف الذي عزز مقاعده لكنه بقي بعيدًا عن السلطة بفعل التصويت التكتيكي من اليسار والوسط.
الأزمة المالية
عين ماكرون بارنييه في سبتمبر بعد شهور من الشلل السياسي، بهدف أساسي وهو تمرير موازنة 2025 التي تتضمن تخفيض العجز عبر زيادة الضرائب وتقليص الإنفاق بنحو 60 مليار يورو، إلا إن محاولات بارنييه للتوافق حول الموازنة باءت بالفشل، خصوصًا بعد تمرير مشروع قانون تمويل الضمان الاجتماعي باستخدام المادة 49.3 من الدستور التي تسمح للحكومة بتطبيق القوانين دون تصويت برلماني.
وأثار هذا الإجراء غضب المعارضة؛ ما أدى إلى تقديم تحالف اليسار واليمين المتطرف مقترحين بحجب الثقة.
ميزانية كارثية
انتقدت مارين لوبان بشدة موازنة بارنييه، معتبرة أنها تُهدد الاقتصاد الفرنسي. ووصفت بارنييه بأنه فشل في تحقيق الاستقرار أو تقديم رؤية واضحة للبلاد.
وكتبت على مواقع التواصل الاجتماعي أن بارنييه، من خلال اتباع "السياسات الكارثية لإيمانويل ماكرون"، كان من المحتم أن يفشل.
من جهته، اعتبر جان فيليب تانغي، النائب عن حزب التجمع الوطني، أن "غياب الموازنة أفضل من الموازنة الحالية"، مؤكدًا أنها تُشكل عبئًا على المواطنين.
سيناريوهات الأزمة
وأضافت الصحيفة، أنه إذا لم يتم تمرير موازنة 2025 بحلول 20 ديسمبر، فقد تلجأ الحكومة إلى تشريع طارئ يسمح بتمديد بنود الإنفاق والضرائب من موازنة 2024 حتى تشكيل حكومة جديدة، وستُعلق الإجراءات التقشفية التي اقترحها بارنييه.
في المقابل، حذرت حكومة بارنييه من "اضطرابات شديدة في الأسواق المالية" في حال استمرار الأزمة.
احتفل اليسار بسقوط الحكومة باعتباره "أملًا جديدًا"، وفقًا لإريك كوكيريل، عضو حزب "فرنسا الأبية".
ورأى أن تصويت حجب الثقة يعكس دعمًا شعبيًا واسعًا، فيما حضر جان لوك ميلانشون، زعيم اليسار، جلسة التصويت واصفًا اليوم بأنه "تاريخي".
في غضون ذلك، دعا أوليفييه فور، زعيم الحزب الاشتراكي، إلى تعيين رئيس وزراء من اليسار، مطالبًا ماكرون بالتحدث للشعب الفرنسي وإنهاء حالة "عدم اليقين" قبل أعياد الميلاد.
وأكدت الصحيفة، أنه مع انقسام البرلمان وتزايد التوتر السياسي، يواجه ماكرون مهمة صعبة لإعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي لفرنسا. خياراته محدودة، فيما يراقب الفرنسيون التطورات عن كثب وسط مخاوف من تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة.