غزة تلتقط أنفاسها الأولى بعد وقف إطلاق النار.. السكان يعودون بين الركام والدموع

غزة تلتقط أنفاسها الأولى بعد وقف إطلاق النار.. السكان يعودون بين الركام والدموع

غزة تلتقط أنفاسها الأولى بعد وقف إطلاق النار.. السكان يعودون بين الركام والدموع
حرب غزة

تشهد مدينة غزة ومحيطها منذ أمس السبت حركة غير مسبوقة لآلاف المدنيين الذين واصلوا التوجه سيرًا على الأقدام نحو المدينة، مستفيدين من استمرار وقف إطلاق النار الذي صمد طوال الليل، ورغم حالة الهدوء النسبي، فإن المشهد الإنساني على الأرض يعكس حجم الدمار الهائل الذي خلفته الحرب المستمرة منذ عامين، وفقًا لما رصدته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.

دمار شامل ومشاعر متضاربة بين العائدين

أكدت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أولغا تشيريفكو، التي زارت المدينة خلال الأسبوع الماضي، أن حجم الدمار في غزة يفوق كل التوقعات، مضيفة أن العديد من العائلات التي تتحرك شمالًا تجد أمامها أنقاضًا بدلاً من منازلها السابقة. 

وقالت تشيريفكو: إن هذه المشاهد تولد خليطًا من المشاعر لدى السكان بين الفرح بالعودة والحزن العميق لما فقدوه.

وقف إطلاق النار يفتح باب الأمل بعد عامين من الحرب

يأمل الوسطاء الدوليون أن تشكل الهدنة الحالية خطوة أولى نحو إنهاء الحرب الدامية التي استمرت لعامين. 

وعلى الطريق الساحلي شمال غزة، يسير آلاف الفلسطينيين نحو المدينة، مستغلين الهدوء المؤقت للعودة إلى بيوتهم ومعرفة ما تبقى من حياتهم السابقة.

أحمد جبر، البالغ من العمر 37 عامًا، عاد إلى المدينة برفقة زوجته وأطفاله السبعة بعد أن نزح منها الشهر الماضي. وقال جبر: إن الشعور بالأمان عاد إليه ولأسرته لأول مرة منذ فترة طويلة، مؤكدًا أنه لم يعد هناك قصف أو خوف، فقط رغبة في إعادة بناء الحياة.

تفاصيل اتفاق الهدنة وتبادل الأسرى

بدأ وقف إطلاق النار ظهر الجمعة بعد موافقة الحكومة الإسرائيلية على الاتفاق في الساعات الأولى من صباح اليوم نفسه. 

وينص الاتفاق على إطلاق حركة حماس سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين في غزة، مقابل إفراج إسرائيل عن أسرى فلسطينيين، مع إعادة انتشار القوات الإسرائيلية في خطوط جديدة داخل القطاع.

ويستند الاتفاق إلى خطة مكونة من 20 بندًا أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي. وعلى الرغم من أن الاتفاق الأخير لم يتطرق إلى بعض النقاط الجوهرية في الخطة، مثل مسألة نزع سلاح حماس، فقد وصف ترامب الاتفاق بأنه انتصار كبير.

احتفالات إسرائيلية وتصريحات ترامب

قال ترامب -خلال فعالية في البيت الأبيض-: إن الفرح يعم إسرائيل ومناطق أخرى عقب الاتفاق، مؤكدًا أنه لم يشهد مثل هذا المشهد من قبل حيث "الناس يرقصون في الشوارع". 

وأضاف: أنه يعتقد أن هناك إجماعًا واسعًا على معظم بنود الخطة، مشيرًا أن إطلاق سراح الرهائن سيجري يوم الاثنين، وأن فرقًا خاصة تعمل على الوصول إليهم في أماكن وصفها بأنها "بالغة الصعوبة".

عودة مشوبة بالحزن في غزة

رغم الارتياح العام للهدوء، فإن مشهد الدمار في غزة خيّم على فرحة السكان. فقد أعلن محمود بصل، المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني في غزة، أن فرق الإنقاذ انتشلت 63 جثة من شوارع مدينة غزة منذ بدء الهدنة يوم الجمعة، مرجحًا أن عشرات أخرى ما تزال تحت الأنقاض.

وعلى الطريق الساحلي القادم من جنوب القطاع، كانت منى مرتجى، الطالبة الجامعية في المحاسبة والبالغة من العمر 27 عامًا، من بين العائدين إلى المدينة التي ظنت أنها لن تراها مرة أخرى.
 وقالت مرتجى: إن وداعهم لغزة كان مؤلمًا وكأنه الأخير، لكنها اليوم تشعر بأن العودة رغم الألم تمثل معجزة صغيرة في زمن الحرب.

تعيش غزة حاليًا بين أمل السلام القادم وواقع الدمار القاسي. فبينما يترقب العالم ما إذا كانت الهدنة ستقود إلى نهاية دائمة للصراع، يسير سكان القطاع نحو مدنهم المهدمة حاملين معهم ذاكرة الحرب وإرادة البقاء.