كيف هددت الحرب الأوكرانية الروسية الأمن الغذائي في لبنان واليمن؟

تهدد الحرب الأوكرانية الروسية الأمن الغذائي في لبنان واليمن

كيف هددت الحرب الأوكرانية الروسية الأمن الغذائي في لبنان واليمن؟
صورة أرشيفية

دخلت الحرب الأوكرانية الروسية شهرها الثاني لتدق جرس الإنذار بأنها تتسبب في مجاعة ملايين المواطنين في الشرق الأوسط وتحديدا لبنان واليمن.

وأكد خبراء أن معاناة الشعبين اليمني واللبناني ستتفاقم بشدة خلال الأيام المقبلة بعد تعقد المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا وتوقف توريدات القمح حيث تعد الدولتان سلة حبوب العالم.

بالنظر إلى أن روسيا هي أكبر مصدر للقمح في العالم، وأوكرانيا خامس دولة في العالم، فإن اضطراب توزيع الحبوب له تأثير كبير على أسعار السلع الأساسية مثل الخبز على نطاق عالمي.

تمثل روسيا وأوكرانيا أكثر من نصف صادرات زيت بذور عباد الشمس في العالم بالإضافة إلى 19 في المائة من إمدادات الشعير في العالم، و14 في المائة من القمح و4 في المائة من الذرة؛ ما يشكل ما يقرب من ثلث صادرات الحبوب العالمية. 

مجاعة عالمية 

مع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا شهره الثاني، بعد أن تسبب في أكبر زيادة في أسعار المواد الغذائية منذ ركود عام 2008، حذر برنامج الغذاء العالمي من أن الجياع في العالم ببساطة "لا يمكنهم تحمل صراع آخر". 

وأكد مصدر حقوقي أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأسمدة والوقود يشكل تهديدًا واضحًا ووشيكًا للمجتمعات الضعيفة وبؤر الجوع الساخنة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويشعر سكان كاملون بالآثار السلبية للحرب التي تخاض على بعد آلاف الأميال من المنطقة.

وقالت ريم ندا، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن عواقب الصراع في أوكرانيا تنتشر إلى الخارج؛ ما أدى إلى موجة من الجوع الجانبي التي تنتشر في جميع أنحاء العالم. 

الشرق الأوسط 

وقال مصدر حقوقي دولي: إن اليمن ولبنان كانت تعاني بالفعل من الآثار المدمرة لوباء فيروس كورونا وهي معرضة بشكل خاص للتداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا.

وتابع: إنه في منطقة الحرب نفسها، أدى انهيار سلاسل الإمدادات الغذائية في أوكرانيا إلى نقص في المدن الكبرى، بما في ذلك العاصمة كييف. تُعرف منذ فترة طويلة باسم "سلة خبز أوروبا"، ومن المرجح أن تفوت الدولة مواسم الزراعة والحصاد الحاسمة هذا العام؛ ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة.

وأضاف: أنه في الوقت نفسه، فإن العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، المصدر الرئيسي للأسمدة بما في ذلك البوتاس والأمونيا واليوريا ومغذيات التربة الأخرى، تعني أن المزارعين يخفضون الإنتاج أو يتوقعون انخفاض الغلة.

ونتيجة لذلك، ارتفع سعر القمح بنسبة 21 في المائة، والشعير بنسبة 33 في المائة، وبعض الأسمدة بنسبة 40 في المائة في الشهر الماضي وحده.

وتابع: "تونس وليبيا ولبنان وتركيا واليمن كلها عرضة لانقطاع الإمدادات من روسيا وأوكرانيا وزيادة الأسعار". 

تهديدات اليمن 

وقال مصدر مطلع في اليمن: "نعتمد في اليمن بشكل كامل على واردات الغذاء من الخارج، واستحوذت أوكرانيا على 31 بالمائة من إمدادات القمح خلال الأشهر الثلاثة الماضية".

وتابع: "حاليًا، يعيش 31 ألف شخص في اليمن ظروفًا شبيهة بالمجاعة، وهو رقم من المتوقع أن يرتفع إلى 161 ألفًا بحلول يونيو من هذا العام".

وتوقع محللون أنه بحلول نهاية العام، قد يكون 7.3 مليون شخص في البلد الذي مزقته الحرب في "مستويات طارئة من الجوع".

وأكد محللون أن النتيجة هي زيادة عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات غذائية من 16.2 مليون إلى 17.4 مليون. 

وتحذر وكالات الإغاثة من أن هذا الرقم قد يرتفع أكثر إذا لم يتم سد فجوات التمويل، حيث إن تكلفة تقديم المساعدة آخذة في الارتفاع أيضًا.

حاليًا، يمتلك برنامج الأغذية العالمي 31 بالمائة فقط من التمويل الذي يحتاجه لمواصلة عملياته في اليمن خلال اليوم التالي.

وقال مصطفى النوازي موظف في القطاع العام اليمني: "الأزمة الاقتصادية في اليمن -نتيجة ثانوية للصراع- وانخفاض قيمة العملة دفعت بالفعل أسعار المواد الغذائية في عام 2021 إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2015". 

وتابع: "الأزمة الأوكرانية هي ضربة أخرى لليمن، حيث تدفع أسعار الغذاء والوقود إلى الارتفاع". 

أزمة لبنان 

والوضع مشابه في لبنان الذي يستورد نحو 80 بالمئة من قمحه من أوكرانيا، حتى قبل اندلاع الحرب، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في لبنان بنحو 1000% منذ أكتوبر 2019، نتيجة للأزمة الاقتصادية والمالية في البلاد، والتي تفاقمت بسبب انفجار ميناء بيروت في أغسطس 2020 ووباء فيروس كورونا.

وقال مصدر حقوقي في لبنان: "تؤدي الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم معاناة الملايين بسبب الأزمة الاقتصادية المستمرة حيث يغرق أكثر من 80 في المائة من السكان في براثن الفقر ووسط كارثة إنسانية ناجمة عن الانهيار المالي". 

وتابع: "لا يتعلق الأمن الغذائي بزراعة عدد قليل من الخضراوات فحسب، بل يتعلق بزراعة مجموعة من المحاصيل النقدية التي يمكن أن تنمو وتستمر في المنطقة؛ ما يضع عبئًا أقل على الواردات".