كيف سيطرت داعش على أبالا.. قصة منطقة ريفية في النيجر تعاني من الإرهاب
كيف سيطرت داعش على أبالا.. قصة منطقة ريفية في النيجر تعاني من الإرهاب
في ظل حالة من الفوضى والاضطرابات الأمنية، يواصل تنظيم "داعش" تمدده في منطقة أبالا غربي النيجر، فارضًا قوانينه المتشددة على السكان، وخاصة النساء والفتيات، المنطقة، التي تعد جزءًا من مقاطعة تيلابيري النائية، أصبحت ميدانًا لعمليات التنظيم الإرهابي، حيث يفرض على النساء ارتداء زي محدد، ويحد من حرية حركتهن، هذه التطورات تأتي في ظل ضعف هيمنة السلطات النيجرية على المناطق الحدودية النائية، وتزايد نفوذ التنظيمات المسلحة التي تفرض رؤيتها المتشددة على الحياة اليومية للسكان.
*سيطرة متزايدة على حياة النساء والفتيات*
تشير تقارير من وسائل إعلام دولية، إلى أن تنظيم "داعش" بدأ بتوسيع نفوذه في أبالا، مستهدفًا النساء والفتيات بشكل خاص، التنظيم، الذي يتسلل تدريجيًا إلى هذه المنطقة الريفية، يفرض على النساء ارتداء العباءة، الحجاب، والجوارب كجزء من قواعد صارمة تمنع أي خروج عن المعايير التي وضعها، في بعض القرى، تُجبر النساء على البقاء في منازلهن، ويُمنع التواصل بينهن وبين الرجال غير المتزوجين، ما يزيد من عزلتهن الاجتماعية، وفقًا لـ"إذاعة فرنسا الدولية".
هذا النوع من التقييد يعكس استراتيجية التنظيم في ترسيخ وجوده عبر فرض السيطرة على تفاصيل الحياة اليومية، خاصة في المناطق الريفية المعزولة التي تفتقر إلى وجود الدولة بشكل فعّال، هذه القيود المفروضة على النساء ليست جديدة، لكن تمدد "داعش" في المنطقة أدى إلى تشديد تلك القواعد بشكل أكبر، مما يؤثر على قدرة النساء على ممارسة حياتهن بشكل طبيعي.
*غياب الدولة وسهولة توغل التنظيم*
منطقة أبالا، التي تقع بالقرب من الحدود مع مالي، تشهد غيابًا كبيرًا لسيطرة الدولة، وهو ما أتاح لتنظيم "داعش" تنفيذ عمليات توغل مستمرة في القرى المعزولة، وفقًا لمجموعة الأزمات الدولية، التنظيم يعتمد على شبكة من المخبرين المحليين لمراقبة تحركات السكان، ما يعزز قدرته على فرض قواعده دون الحاجة إلى وجود فعلي دائم في تلك المناطق.
أحد أبرز التحديات التي يواجهها السكان، هو عدم توفر أي شكل من أشكال الحماية الأمنية، مما يجعل القرى هدفًا سهلاً للتنظيم. في المقابل، نجد أن الحكومات في المنطقة تكافح لإدارة الأزمة الأمنية المتفاقمة، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية والبنية التحتية الهشة، ما يترك الفراغ الذي يملؤه المسلحون.
*تأثير العنف على النساء*
التقارير تؤكد أن الوضع الأمني المتدهور في المنطقة له تأثير مدمر على حياة النساء، اللواتي يعانين من حالة متزايدة من الخوف واليأس. العديد من النساء فقدن أزواجهن أو أبنائهن بسبب الهجمات الإرهابية أو النزاعات المسلحة، ما يزيد من تعقيد أوضاعهن الاجتماعية والاقتصادية.
كما أدى إغلاق المدارس الابتدائية في المنطقة إلى تفاقم الأوضاع بالنسبة للفتيات، في ظل غياب التعليم، يرتفع خطر تسرب الفتيات من المدارس والزواج المبكر، وهي مشكلة قديمة لكنها تتفاقم مع تزايد وجود التنظيم المتشدد. التعليم، الذي كان يشكل وسيلة للتنمية والتمكين، أصبح ضحية أخرى للصراع والعنف الذي يعصف بالمنطقة، مما يهدد جيلًا كاملًا من الفتيات بالحرمان من حقوقهن الأساسية.
*تعميق الفجوة بين الجنسين*
حتى قبل ظهور "داعش" في المنطقة، كانت الفجوة بين الجنسين تشكل تحديًا كبيرًا، حيث تعاني النساء والفتيات من عدم المساواة في مجالات مثل التعليم، والرعاية الصحية، وحقوق العمل. إلا أن سيطرة التنظيم أدت إلى تعميق تلك الفجوة بشكل غير مسبوق.
تستغل الجماعات المتطرفة في المنطقة القوانين الثقافية المحافظة القائمة لتبرير سياساتها، مما يجعل من الصعب على النساء والفتيات التطلع إلى أي شكل من أشكال التغيير أو التحسن. بالإضافة إلى ذلك، تعاني النساء اللواتي يحاولن مقاومة تلك القيود من العزلة والعقوبات المجتمعية التي تزيد من تهميشهن.
*المجتمع المحلي بين الصمود والضعف*
على الرغم من التحديات الهائلة، يبقى سكان أبالا يحاولون الصمود في وجه هذه الأزمات المتفاقمة. ومع ذلك، فإن غياب الدعم الحكومي والموارد الكافية يجعل من الصعب على المجتمعات المحلية مقاومة تأثير التنظيم. بحسب مجموعة الأزمات الدولية، فإن التنظيم يعتمد على الهيمنة النفسية والخوف أكثر من القوة العسكرية المباشرة، ما يعزز من استمرارية نفوذه دون الحاجة إلى خوض معارك كبرى.
التنظيم يعتمد أيضًا على التغلغل في النسيج الاجتماعي عبر بناء شبكات من المتعاونين والمخبرين، مما يجعل من الصعب على السكان تحدي سلطته دون المخاطرة بالتعرض لعقوبات صارمة.
هذه الاستراتيجية تتيح لـ"داعش" التحكم في المناطق الريفية، بينما تستمر الدولة في محاولاتها المتعثرة لاستعادة سيطرتها.