حدود مشتعلة.. هل تتحول الاشتباكات اللبنانية السورية إلى صراع مفتوح؟
حدود مشتعلة.. هل تتحول الاشتباكات اللبنانية السورية إلى صراع مفتوح؟

تصاعدت حدة الاشتباكات على الحدود اللبنانية السورية، حيث اندلعت مواجهات عنيفة بين القوات السورية وعشائر الهرمل، وسط تقارير عن تدخل مجموعات مسلحة مرتبطة بحزب الله.
هذا التصعيد يطرح تساؤلات حول أبعاده الحقيقية، فهل هو مجرد ضبط للحدود أم أنه جزء من صراع نفوذ يتصاعد بين الأطراف المتنازعة.
الجذور المعقدة للأزمة
تمتد الحدود بين لبنان وسوريا لمسافة تتجاوز 330 كيلومترًا، لكنها لم تُرسم بشكل رسمي؛ مما جعلها بؤرة توتر تاريخية، لطالما عاشت مجموعات لبنانية على الجانب السوري، بينما كان التنقل بين البلدين يتم بحرية، خاصة بعد اندلاع الحرب السورية.
ومع تصاعد الفوضى الأمنية، أصبحت هذه المناطق معابر رئيسية لتهريب السلاح والمخدرات، وهو ما يشكل جوهر الأزمة الحالية.
والمواجهات الأخيرة لم تكن مفاجئة تمامًا، فقد سبقها تصاعد التوتر بين القوات السورية وجماعات مسلحة على الجانب اللبناني، حيث حاولت دمشق فرض سيطرتها على المناطق الحدودية التي ظلت لسنوات تحت نفوذ العشائر والمجموعات المحلية.
لكن دخول عناصر مسلحة محسوبة على حزب الله في المواجهات زاد من تعقيد المشهد؛ ما يثير تساؤلات حول دور الحزب في هذه التطورات.
الجيش اللبناني بين ضبط الأمن والحذر السياسي
في ظل تفاقم الاشتباكات، دفع الجيش اللبناني بتعزيزات إلى منطقة القاع، حيث تعرضت مناطق لبنانية لإطلاق نار من الجانب السوري، كما أصدرت القيادة العسكرية أوامر بالرد على مصادر النيران لحماية القرى الحدودية ومنع تفاقم الأزمة.
لكن التدخل العسكري اللبناني يظل مقيدًا بالاعتبارات السياسية، إذ تسعى بيروت إلى تجنب أي مواجهة مباشرة مع دمشق.
المساعي الدبلوماسية ظهرت في اتصالات بين قيادة الجيش اللبناني والسلطات السورية، حيث تم الاتفاق على ضرورة ضبط الأوضاع ومنع التصعيد.
أبعاد التهريب ودوره في إشعال الأزمة
لطالما كانت المناطق الحدودية معاقل رئيسية لعمليات التهريب، حيث تنتقل شحنات الأسلحة والمخدرات بين البلدين تحت غطاء الفوضى الأمنية، ورغم جهود السلطات اللبنانية لضبط هذه العمليات، إلا أن غياب اتفاق رسمي لترسيم الحدود يعقد الموقف.
التصعيد الأخير قد يكون مرتبطًا بمحاولة دمشق فرض رقابة أكبر على هذه المعابر، خاصة مع تنامي الضغوط الدولية عليها لمنع تهريب الأسلحة والممنوعات.
من جهة أخرى، هناك مخاوف من أن تكون هذه الاشتباكات جزءًا من إعادة توزيع النفوذ بين الجماعات المسلحة، في ظل تغييرات محتملة في التحالفات الإقليمية.
رسائل سياسية وأجندات خفية
بصرف النظر عن الجانب الأمني، يبدو أن هذه الاشتباكات تحمل رسائل سياسية متعددة، فمن جهة، تريد دمشق التأكيد على قدرتها على استعادة السيطرة على المناطق الحدودية، خصوصًا بعد التقارب مع بعض الدول العربية.
ومن جهة أخرى، هناك تساؤلات حول دور حزب الله في هذه المواجهات، وما إذا كان يسعى لتعزيز نفوذه في تلك المنطقة أو الحفاظ على ممرات إمداد استراتيجية.
كما أن توقيت هذه المواجهات يثير الشكوك، حيث تأتي وسط تصاعد التوترات في المنطقة، وتحديدًا مع الضغوط المتزايدة على إيران وحلفائها.
ورغم الجهود الدبلوماسية المبذولة، فإن احتمال تفاقم الصراع ما يزال قائمًا، فمع استمرار الاشتباكات المتقطعة وغياب حل جذري لمشاكل التهريب، تظل الحدود بين لبنان وسوريا ساحة توتر دائمة.
ويقول الباحث السياسي السوري سلمان الشيب: إن الجيش اللبناني يجد نفسه في موقف حساس بين ضبط الأمن ومنع التهريب، وبين تجنب الصدام مع القوات السورية أو حزب الله، وهناك محاولات للتهدئة، لكن استمرار التوتر قد يؤدي إلى انزلاق الأمور نحو تصعيد أكبر.
وأضاف شيب - في تصريحات خاصة للعرب مباشر-، إنه لا يمكن فصل هذه الاشتباكات عن التطورات الإقليمية، فهناك ضغوط متزايدة على إيران وحلفائها؛ مما قد يدفع بعض الأطراف إلى تحريك الحدود اللبنانية السورية كورقة ضغط في الصراع الأوسع، والاشتباكات على الحدود اللبنانية السورية تعكس صراعًا على النفوذ بين أطراف متعددة، حيث تسعى دمشق لإعادة فرض سيطرتها على المناطق الحدودية، بينما تحاول بعض القوى المحلية الاحتفاظ بمكاسبها الميدانية التي تحققت خلال السنوات الماضية.