دلالات زيارة وزير الخارجية السوداني إلى إيران تقارب يثير القلق
دلالات زيارة وزير الخارجية السوداني إلى إيران تقارب يثير القلق

في خطوة تفتح الباب أمام تساؤلات استراتيجية، يبدأ وزير الخارجية السوداني علي يوسف أحمد الشريف، الأحد، زيارة رسمية إلى طهران بدعوة من نظيره الإيراني، تأتي هذه الزيارة في ظل تصاعد التقارب بين الخرطوم وطهران، ما يثير مخاوف إقليمية ودولية من تداعيات هذا التحالف، لا سيما في ظل استمرار الحرب السودانية والتقارير التي تشير إلى دعم عسكري إيراني للجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان.
بينما تسعى الخرطوم إلى تنويع تحالفاتها وسط أزمتها الداخلية، هذا التقارب يشير إلى سيناريوهات مثيرة للقلق، أبرزها إمكانية تحول السودان إلى نقطة ارتكاز جديدة للنفوذ الإيراني في إفريقيا، خاصة وأن طهران معروفة باستراتيجياتها التوسعية عبر دعم الجماعات المسلحة وإعادة تشكيل المشهد الأمني في الدول الهشة.
التقارب السوداني – الإيراني.. هل يتحول إلى تحالف استراتيجي؟
تأتي هذه الزيارة بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في يونيو 2024، حيث تسعى طهران إلى تعزيز نفوذها في السودان عبر التعاون السياسي والاقتصادي، في حين ترحب الخرطوم بالاستثمارات الإيرانية للمساهمة في إعادة الإعمار بعد الحرب.
غير أن هذا التقارب لم يخلي من البعد العسكري، حيث تشير تقارير إلى أن إيران قدمت دعمًا عسكريًا للجيش السوداني، شمل طائرات مسيّرة من طراز "مهاجر 6" التي تتمتع بقدرات هجومية واستطلاعية، مما يزيد المخاوف من تدخلات إيرانية مباشرة في النزاع السوداني.
كما أن التنسيق السياسي بين البلدين يأخذ منحى تصاعديًا، حيث يتوقع أن يتم خلال الزيارة توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء لجنة التشاور السياسي، وهي خطوة تعكس إرادة سياسية مشتركة لتعميق التعاون الدبلوماسي والتنسيق في القضايا الإقليمية والدولية.
السودان.. محطة جديدة للنفوذ الإيراني في إفريقيا؟
في الوقت الذي تواجه فيه إيران عزلة دولية متزايدة بسبب سياساتها الإقليمية ودعمها للجماعات المسلحة، تسعى طهران إلى استغلال السودان كمدخل جديد لتعزيز وجودها في القرن الإفريقي، مستفيدة من حالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد.
وإحدى أكبر المخاوف المتعلقة بهذا التقارب هي إمكانية تحول السودان إلى ممر جديد لتهريب الأسلحة الإيرانية، وهو ما قد يفاقم الصراعات المسلحة في إفريقيا، فقد أشارت تقارير استخباراتية إلى أن إيران استخدمت السودان في الماضي كمركز لتوريد الأسلحة إلى الجماعات الموالية لها في المنطقة، مثل حماس وحزب الله، ومن المحتمل أن يعاد إحياء هذا الدور في ظل الظروف الحالية عن طريق البرهان.
وتشير تقارير غربية، من بينها تقرير نشرته وكالة بلومبرغ، إلى أن إيران قد تكون زوّدت الجيش السوداني بطائرات مسيّرة متطورة، مما قد يؤثر على توازن القوى في النزاع السوداني. كما أن السودان، الذي يتمتع بموقع استراتيجي على البحر الأحمر، قد يكون بمثابة نقطة عبور محتملة لشحنات الأسلحة الإيرانية إلى مناطق أخرى في إفريقيا، خاصة في ليبيا، الصومال، وغرب إفريقيا، حيث تنشط العديد من الجماعات المسلحة المدعومة من طهران.
وإقليميًا، يثير هذا التحالف مخاوف دول الخليج ومصر ودول القرن الإفريقي، التي تعتبر الوجود الإيراني تهديدًا لاستقرار المنطقة، فالتاريخ يُشير أن إيران تستغل التحالفات مع الدول الهشة لخلق موطئ قدم دائم، ما يؤدي غالبًا إلى تصعيد النزاعات الداخلية، كما حدث في اليمن وسوريا ولبنان والعراق.
ويؤكد الباحث السياسي السوداني محمد إلياس، أن إيران تتبع استراتيجية طويلة الأمد لاختراق الدول الهشة سياسيًا وعسكريًا وعلى رأسها السودان وهناك تخوف سوداني داخلي من إن يتحول السودان الي مليشيات مثل الحوثيين، والبرهان يستفاد بأسلحة إيران وهو ما يسهل عليها بناء شبكات نفوذ داخل مؤسسات الدولة أو عبر تحالفات مع جهات فاعلة غير حكومية، ويثير هذا السيناريو قلقًا متزايدًا لدى دول الجوار، التي تخشى أن يكون التقارب السوداني – الإيراني بوابة لتوسيع دائرة الصراع في المنطقة، عبر نقل التكنولوجيا العسكرية الإيرانية إلى مجموعات مسلحة أخرى.