إيران وحراك بيروت.. قراءة في الموقف والتأثيرات السياسية

إيران وحراك بيروت.. قراءة في الموقف والتأثيرات السياسية

إيران وحراك بيروت.. قراءة في الموقف والتأثيرات السياسية
حرب لبنان

بينما تعد إيران لاعبًا رئيسيًا في الصراعات المنتشرة داخل الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بدعمها العسكري والسياسي لعدد من الفصائل والمليشيات المسلحة في المنطقة، وعلى رأسها حزب الله اللبناني، ومع تصاعد الصراع بين حزب الله وإسرائيل في الفترة الأخيرة، بدا موقف إيران محيرًا للبعض، فبينما تتبنى طهران تقليديًا سياسة دعم غير محدود لحزب الله، أبدت في الأزمة الحالية مواقف متحفظة، هذه التطورات تدفع المحللين للتساؤل عن الأسباب الكامنة وراء هذا التحفظ الإيراني.

وإيران اعتمدت لسنوات على حزب الله كأداة رئيسية لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، سواء عبر تقديم الدعم اللوجستي والعسكري أو من خلال البروباغندا السياسية والإعلامية، لكن الموقف الإيراني في الحرب الحالية يبدو أكثر حذرًا، حيث لم تظهر طهران دعماً علنيًا واسعًا كما كان متوقعًا في مواجهة التصعيد الإسرائيلي، يأتي ذلك على خلفية تعقيدات عدة تواجه إيران في الوقت الحالي، سواء داخليًا أو دوليًا.

صمت إيراني "محير"


وعلى الرغم من الضربات الإسرائيلية المتواصلة ضد حزب الله، ومن قبله استهداف إسماعيل هنية زعيم حركة حماس في طهران، واستهداف طهران نفسها وقنصليتها في سوريا، إلا أن النظام الحاكم في إيران يرفض الرد حتى الآن على تلك الاستهدافات.

وقبل أيام، أكد محسن رضائي عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، أن المرشد الأعلى علي خامنئي لا يريد إشعال حرب مع تل أبيب في الظروف الحالية، موضحا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يسعى لإشعال حرب ضد إيران، ويريد استغلال مقتل إسماعيل هنية واستهداف حزب الله، لجر طهران للدخول في الحرب.

وأضاف، رضائي بأن الحكومة الإيرانية لن تمنح نتنياهو هذه الذريعة، لكنها تترقب وستتصرف في الوقت المناسب بحكمة وقوة، مشيرا -حسب وصفه- إلى أن حزب الله في لبنان ردّ على إسرائيل وسيتابع الردود في الأيام المقبلة.


تحول لبنان لساحة "حرب"


بينما ترفع إسرائيل من وتيرة عملياتها ضد حزب الله، وتستهدف مواقع استراتيجية، وتعمل بشكل ممنهج على تصفية قياداته، وتحويل لبنان إلى ساحة حرب حقيقية، يسجل تراجع إيران عن هذه المواجهة، وجنوحها نحو ترتيب أوراقها السياسية مع الولايات المتحدة والغرب.

تصريحات المرشد الأعلى علي خامنئي عن تراجع تكتيكي في الرد على استهداف إسرائيل للمصالح الإيرانية، وكذلك ما أعلنه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من أن بلاده مستعدة لإجراء محادثات حول ملفها النووي في نيويورك.

وتقول الباحثة في الشأن الإيراني سمية عسلة، إن إيران كانت تحذر حزب الله من الانزلاق لأي محاولة استفزاز تأتي من قبل إسرائيل، حتى تلك المحاولة الأخيرة في استهداف إسرائيل لـ 3000 عنصر من حزب الله عبر البيجرات المحمولة، ولكن حسن نصر الله شعر بالقلق تجاه مكانته وقدسيته لدى أتباعه، مما فرض عليه الرد على إسرائيل داخل العمق الإسرائيلي باستهداف قاعدة عسكرية، واعتقد أن هذه الضربة ستكون محدودة ولن تتجاوز الخطوط الحمراء الموضوعة منذ بداية الحرب، وهذا ما حدث فعلياً، ولكن بالنظر للناحية الأخرى، سنجد أن إسرائيل، وتحديدًا نتنياهو، يستغل أي رد فعل إيراني أو عبر الميليشيات لتنفيذ خطته في فتح جبهة جنوب لبنان.

وأضافت سمية عسلة في تصريحات خاصة للعرب مباشر، إن في ظل الانهيارات الاقتصادية التي تعيشها والأزمات الداخلية التي تهز الشارع الإيراني، إلى المسارعة في التخلي عن الميليشيات التابعة لها وعلى رأسها حزب الله في مواجهته الحالية مع إسرائيل، وكذلك إعلان إيران أن الحوثي جماعة متطرفة. 

وذلك يشير إلى مخاوف إيران من الدخول في حرب مباشرة مع إسرائيل، لا تقدر عليها إيران في هذا التوقيت، وهذا ليس بغريب على السياسة الإيرانية في عهد الولي الفقيه الذي يتخذ من ميليشياته أدوات لتنفيذ أجندته وتحقيق أكبر قدر من المصالح، ولو على حساب إحراق خمس عواصم عربية.

 والملفت أن الرئيس الإيراني، في نفس اليوم الذي صرح فيه بهذا التصريح، أضاف أنه يكرر الدعوة لاستضافة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، في إيران وفتح صفحة جديدة، لأنه يعلم جيدًا مدى قوة العلاقات السعودية الأمريكية، وتحديدًا علاقات الصداقة التي تجمع بين الأمير محمد بن سلمان والمرشح المحتمل للرئاسة دونالد ترامب.

بينما يرى الباحث السياسي، مختار غباشي، إن إيران تمتلك السلاح القوي  الذي يمكنه تدمير إسرائيل، ولكنها لا تستطيع أن تستخدمه لأنها بمجرد أن تفكر في استخدامه ستصل المعلومات الكاملة لإسرائيل، بواسطة جواسيسها المتغلغلين بالداخل الايراني، مضيفًا أن إسرائيل ستبادر وتسارع فوراً بالهجوم الشامل، لتدمير كل المنشآت النووية والحيوية وآبار ومصافي البترول في إيران، بما يعيدها إلى ما دون نقطة الصفر.

وأضاف غباشي في تصريحات خاصة للعرب مباشر، أن نتنياهو وحكومته انتهزا فرصة تهيئة الظروف الدولية وانشغال الإدارة الأميركية بالانتخ