إيران: عودة مفتشي الوكالة الذرية ليست استئنافاً كاملاً للتعاون النووي
إيران: عودة مفتشي الوكالة الذرية ليست استئنافاً كاملاً للتعاون النووي

في ظل تزايد الضغوط الأوروبية والجدل الدولي حول مستقبل الاتفاق النووي، أعلنت إيران اليوم الأربعاء أن عودة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أراضيها لا تمثل استئنافاً كاملاً للتعاون، بل خطوة محدودة تأتي في إطار نقاشات جارية لم تكتمل بعد بشأن آلية جديدة للتعامل مع الوكالة، وذلك بعد تعليق التعاون رسمياً في أعقاب الهجمات التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو الماضي، حسبما ذكرت وكالة فرانس برس الفرنسية.
عودة أول فريق تفتيش بعد شهر من الانقطاع
وأكد رافاييل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن فريقاً من المفتشين عاد إلى إيران، في أول زيارة منذ أن قررت طهران وقف تعاونها مع الوكالة الشهر الماضي.
فيما أوضح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عبر التلفزيون الرسمي أنه لم يتم إقرار أي نص نهائي بشأن إطار التعاون الجديد مع الوكالة، مشيراً إلى أن المباحثات ما تزال جارية وتبادل وجهات النظر مستمر.
خلفية تعليق التعاون مع الوكالة
قرار طهران بتعليق التعاون جاء بعد الهجمات الإسرائيلية غير المسبوقة في 13 يونيو، والتي استهدفت منشآت نووية وعسكرية ومناطق سكنية، وأدت إلى مقتل أكثر من ألف شخص. وقد انضمت الولايات المتحدة لاحقاً إلى الهجمات، ونفذت ضربات على مواقع نووية رئيسية في فوردو وأصفهان ونطنز.
وردت إيران حينها بهجمات صاروخية وطائرات مسيرة على إسرائيل أسفرت عن مقتل العشرات، قبل أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الجانبين في 24 يونيو. طهران بررت قرارها بوقف التعاون مع الوكالة بفشل الأخيرة في إدانة الاعتداءات الإسرائيلية والأمريكية.
صلاحيات محدودة للمفتشين
بموجب القانون الإيراني الذي جرى اعتماده بعد تلك التطورات، لا يُسمح للمفتشين بدخول المنشآت النووية إلا بموافقة مجلس الأمن القومي الأعلى. وأكدت طهران مراراً أن أي تعاون مقبل مع الوكالة سيأخذ شكلاً جديداً يختلف عن السابق.
وأوضح المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، أن مهمة المفتشين العائدين تقتصر حالياً على الإشراف على استبدال الوقود في مفاعل بوشهر النووي جنوب غربي البلاد، دون أن يوضح ما إذا كان سيُسمح لهم بالوصول إلى مواقع حساسة مثل فوردو ونطنز التي تعرضت للقصف.
مفاوضات أوروبية وتهديدات بالعقوبات
وتأتي عودة المفتشين بعد جولة محادثات عقدها دبلوماسيون إيرانيون مع نظرائهم من بريطانيا وفرنسا وألمانيا في جنيف، وهي الجولة الثانية منذ الهجمات الإسرائيلية.
وتركزت المباحثات على تهديد الأوروبيين بتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، المعروفة بـ"آلية الزناد"، قبل الموعد المقرر لرفعها بشكل دائم في منتصف أكتوبر المقبل.
ويتيح الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى للأطراف الأوروبية إعادة فرض العقوبات إذا رأت أن طهران لم تلتزم بتعهداتها، على أن يغلق باب تفعيل هذه الآلية في 18 أكتوبر المقبل.
جدل حول مهلة "الزناد" ودور روسيا
خلال اجتماع سابق في يوليو، اقترحت الدول الأوروبية تمديد المهلة لإتاحة الوقت أمام طهران للعودة إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة واستئناف التعاون مع الوكالة الدولية، لكن إيران رفضت ذلك مؤكدة أن الأوروبيين لا يملكون حق تغيير الجدول الزمني، معلنة في الوقت ذاته أنها تعمل مع الصين وروسيا لعرقلة إعادة فرض العقوبات.
قدمت روسيا الثلاثاء مشروع قرار جديداً في مجلس الأمن يقضي بتمديد المهلة ستة أشهر إضافية حتى 18 أبريل من العام المقبل، دون وضع شروط مسبقة. وأوضح نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي، أن النسخة المعدلة تهدف إلى إتاحة مساحة أوسع للدبلوماسية، معتبراً أنها ستشكل اختباراً حقيقياً لجدية الأطراف الراغبة في التوصل إلى حل دبلوماسي مقابل من يسعون لفرض أجندات وطنية ضيقة ضد إيران.