غضب تل أبيب يحرق الحديدة.. إسرائيل تقصف الموانئ رفضًا لاتفاق الحوثي– أمريكا

غضب تل أبيب يحرق الحديدة.. إسرائيل تقصف الموانئ رفضًا لاتفاق الحوثي– أمريكا

غضب تل أبيب يحرق الحديدة.. إسرائيل تقصف الموانئ رفضًا لاتفاق الحوثي– أمريكا
قصف الحديدة

في خطوة أثارت المخاوف من اتساع رقعة الحرب خارج حدود غزة، صعدت إسرائيل عملياتها العسكرية ضد اليمن، مستهدفة موانئ رئيسية تحت سيطرة جماعة الحوثي، بعد أيام قليلة من توقيع اتفاق غير مسبوق بين الحوثيين والولايات المتحدة برعاية سلطنة عمان.

التصعيد الإسرائيلي، الذي شمل غارات جوية على ميناء الحديدة ومرافق استراتيجية أخرى، جاء ردًا على هجوم صاروخي يمني استهدف مطار بن غوريون، في تطور نوعي يعكس انزلاق الصراع إلى جبهات جديدة، وبينما تؤكد تل أبيب أنها غير معنية باتفاقات لا تشملها، يشدد قادتها على أن "الرد سيستمر" في اليمن وحتى ضد إيران، هذه التحركات تطرح تساؤلات حادة حول مستقبل الاتفاق الأمريكي- الحوثي، ومدى قدرة الأطراف على احتواء التوتر الإقليمي المتزايد. 

*صدمة بن غوريون*


ضربات جوية مكثفة نفذتها إسرائيل، مساء الإثنين، استهدفت البنية التحتية في الحديدة، رأس عيسى، والصليف، وهي موانئ تُعد حيوية ليس فقط للاقتصاد اليمني المنهك، بل أيضًا لممرات التجارة الإقليمية في البحر الأحمر. 

وتذرعت تل أبيب بأن الحوثيين حوّلوا هذه المنشآت إلى "منصات لوجستية لإطلاق هجمات صاروخية وبحرية"، معتبرة أن الضربات تأتي في إطار "الدفاع المشروع" عن النفس، بعد الهجوم الذي استهدف مطار بن غوريون والذي تبناه الحوثيون علنًا.

الهجوم الصاروخي اليمني، وإن لم يوقع قتلى، إلا إنه مثّل صدمة في الداخل الإسرائيلي، لا سيما أنه جاء في توقيت شديد الحساسية يتزامن مع عودة التوتر على جبهة غزة، وتزايد الضغوط الدولية على حكومة نتنياهو بسبب استمرار العمليات في القطاع.

لكن الرد الإسرائيلي ضد اليمن هذه المرة ليس مجرد انتقام تكتيكي، بل يحمل رسائل استراتيجية، مفادها أن تل أبيب لن تسمح بترتيبات أمنية إقليمية تُبرم من دون علمها أو إشراكها.

فقد كان لافتًا أن تخرج تل أبيب ببيان صريح تؤكد فيه، أنها "غير ملزمة بالاتفاق الحوثي-الأمريكي"، وتصفه بأنه "إجراء منفرد" تم في غرف مغلقة بعيدًا عن الشركاء. 

هذا الإعلان يعكس عمق الاستياء داخل المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية من تجاهل واشنطن لمصالح إسرائيل الأمنية، خاصة في منطقة البحر الأحمر التي تعتبرها تل أبيب امتدادًا لنطاقها الدفاعي الاستراتيجي.

*وعود بأستمرار القصف*


في السياق ذاته، توعّد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بمواصلة "ضرب البنية التحتية العسكرية للحوثيين وأي أطراف إقليمية تدعمهم"، في إشارة واضحة إلى إيران. 

وأضاف كاتس، أن "إسرائيل تملك حرية العمل في أي مكان ترى فيه تهديدًا لأمن مواطنيها".

في المقابل، جاء الرد الأمريكي أكثر تحفظًا، وإن بدا أنه يحاول ترميم التصدع مع تل أبيب.


 فقد أكد السفير الأمريكي في إسرائيل، مايك هاكابي، أن الاتفاق مع الحوثيين لا يلغي التزام واشنطن بالدفاع عن إسرائيل، لكنه شدد في ذات الوقت على أن "الولايات المتحدة تحتفظ بحق اتخاذ قراراتها السيادية وفق مصالحها المباشرة"، مشيرًا إلى وجود نحو 700 ألف أمريكي يعيشون في إسرائيل، ما يجعل أي تهديد محتمل لهم ضمن أولويات واشنطن الأمنية.

وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن التقديرات داخل هيئة الأركان تشير أن الهجمات الصاروخية الحوثية ستستمر، خاصة في ظل تحسن القدرات التكنولوجية لدى الجماعة بدعم إيراني مباشر.

وتشير التقديرات نفسها أن الصواريخ الأخيرة التي استهدفت تل أبيب جاءت من طرازات متقدمة قادرة على اختراق منظومات "القبة الحديدية" تحت ظروف معينة.

*عدوان غاشم*


أما على الجانب اليمني، فقد استنكر الحوثيون الغارات الإسرائيلية، معتبرين أنها "عدوان غاشم بتواطؤ أمريكي"، مؤكدين -في بيان رسمي- أنهم "لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام استهداف الشعب اليمني وسيادته".

ولم يصدر تعليق رسمي من صنعاء بشأن مصير اتفاق وقف إطلاق النار مع واشنطن، ما يترك المجال مفتوحًا أمام احتمالات التصعيد أو انهيار التفاهمات الهشة.

من جهتها، أكدت سلطنة عمان، أنها "تتابع بقلق بالغ تطورات الأوضاع في اليمن"، داعية إلى "ضبط النفس وتغليب مسار الحوار السياسي".

ويرى مراقبون، أن نجاح المبادرة العمانية في تثبيت التهدئة بات مهددًا إذا ما استمرت الغارات الإسرائيلية، خاصة مع تواتر الحديث في تل أبيب عن ضربات إضافية ضد منشآت حيوية في صنعاء وصعدة.

يتقاطع هذا المشهد المتشابك مع الاستعدادات الجارية لزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرتقبة إلى الشرق الأوسط، في جولة يسعى من خلالها لتعزيز التحالفات الأمنية وإبرام صفقات عسكرية جديدة، خصوصًا مع دول الخليج.

غير أن التصعيد الإسرائيلي في اليمن قد يُربك حسابات الإدارة الأمريكية، التي تأمل في تهدئة الجبهات قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.