طوفان الأقصى وإيران.. ما تداعيات تصريحات خامنئي الأخيرة على المنطقة؟
طوفان الأقصى وإيران تداعيات تصريحات خامنئي الأخيرة على المنطقة
في ظل التقلبات السياسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، تبرز تصريحات المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، كنقطة محورية تلقي الضوء على الصراع الدائر وتأثيره على مسار السلام الهش في المنطقة. تأتي هذه التصريحات في وقت تتجه فيه الأنظار نحو إيران، باعتبارها لاعبًا رئيسيًا يمكن أن يغير قواعد اللعبة في لوحة الشطرنج الجيوسياسية.
*لحظة حرجة*
في خضم الأحداث الجارية، أعلن المرشد الإيراني عن دور عملية "طوفان الأقصى" في إحباط مساعي دمج إسرائيل في نسيج المنطقة عبر بوابة التطبيع.
يُعتبر هذا التصريح بمثابة إشارة واضحة إلى الأهمية الاستراتيجية للعملية التي وُصفت بأنها جاءت في توقيت دقيق، مُعرقلةً لمشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي تسعى إسرائيل لترسيخه.
خامنئي، الذي عُرف بمواقفه الصارمة، أكد على أن الهجوم الذي وقع في أكتوبر كان ضروريًا للمنطقة، مُشيرًا إلى أنه جاء في لحظة حرجة، حيث كانت إسرائيل تحاول فرض سيطرتها.
وعلى الرغم من تعبيره عن استيائه من التطبيع قبل أيام من الهجوم، إلا أنه سرعان ما نفى أي تورط لطهران في الأحداث التي تلته.
تُرجم هذه التصريحات بأنها محاولة من النظام الإيراني لاستغلال الأوضاع المتأزمة لصالحه، كما تُظهر تحليلات حنين غدار، الباحثة في معهد واشنطن.
تُشير "غدار" إلى أن إيران ترى في النزاعات المتفجرة في غزة ومناطق أخرى كالبحر الأحمر ولبنان والعراق وسوريا، فرصًا لتعزيز موقفها والاستفادة من المفاوضات الناشئة عن هذه الأزمات.
*حرب الظل الإيراني*
تُظهر السياسات الإيرانية مهارة في المناورة لتفادي الصدامات المباشرة، معتمدةً على وكلائها وقوات الحرس الثوري لتحقيق أهدافها. وعلى الرغم من عدم المشاركة المباشرة في الصراعات، تُعد إيران المستفيد الأكبر من التوترات القائمة.
تُعتبر عملية "طوفان الأقصى" نقطة تحول، حيث تهدف إلى إعاقة مسار التطبيع مع إسرائيل، وهو ما يُعد بالغ الأهمية لإيران، خاصةً مع تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، الأمر الذي يحمل تبعات سياسية تتجاوز النظريات والأيديولوجيات ليصل إلى عزل إيران دوليًا.
تُظهر الجهود الإيرانية لإنشاء ممر استراتيجي يمتد من طهران إلى لبنان عبر العراق وسوريا واليمن، رغبة طهران في تأكيد نفوذها في المنطقة. وتُعتبر هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية أوسع لتعزيز وجودها الجيوسياسي.
يُعتبر السلام عنصرًا أساسيًا لتحقيق الأمان والازدهار الاقتصادي، وقد أظهرت الدول التي أبرمت اتفاقيات سلام مع إسرائيل فوائد اقتصادية وتكنولوجية ملحوظة. وفي هذا السياق، تُدرك السلطة الفلسطينية أن العمل المسلح لم يعد يُسفر عن نتائج ملموسة، وأن الإرهاب لم يحقق أي تقدم يُذكر.
*دور إيران في دعم القضية الفلسطينية*
لا تُظهر التصريحات الإيرانية أي تناقض، حيث تُعبر بوضوح عن دعم طهران للقضية الفلسطينية، سواء ماليًا أو عسكريًا أو سياسيًا. وتُعتبر هذه المواقف جزءًا من التزام إيراني أعمق يتجلى في دعم المظلومين والمضطهدين، وفقًا للدستور الإيراني والقيم الأخلاقية.
تُعتبر الأمم المتحدة وقراراتها التي لم تُنفذ بواسطة إسرائيل، جزءًا من المشهد السياسي الذي يُعقد الوضع في المنطقة، مما يدفع الفلسطينيين للبحث عن بدائل ثورية بعد استنفاذ الحلول السلمية.
يُعتبر عدم التزام إسرائيل بالاتفاقيات البحرية وترسيم الحدود مع لبنان عائقًا أمام تحقيق المنفعة العامة، ويُظهر الطموح الاقتصادي الإسرائيلي. وتُشير الأدلة إلى أن الدول التي طبعت علاقات.
*مسافة آمنة*
من جانبه، يقول محمد محسن، خبير الشؤون الإيرانية: إن تُعد التصريحات الأخيرة للمرشد الأعلى الإيراني مثالاً على الدبلوماسية العامة التي تُمارسها إيران، من خلال تأكيده على الدور الذي لعبته عملية "طوفان الأقصى" لتعطيل مسار التطبيع، مضيفًا: يُظهر خامنئي كيف يمكن للتوجهات الإقليمية أن تُشكل السياسة الخارجية، هذه الخطوة تُعتبر محاولة لإعادة تشكيل النظام الإقليمي وفقًا للمصالح الإيرانية، وهي تُعبر عن استراتيجية طهران للحفاظ على نفوذها في المنطقة.
وأضاف محسن - في حديثه لـ"العرب مباشر"-، المرشد الإيراني يُدرك جيدًا أهمية الرمزية في السياسة ومع ذلك، فإن نفي تورط إيران في الهجوم يُظهر الحذر الذي تتبعه طهران في تحركاتها الإقليمية، حيث تسعى للحفاظ على صورتها كداعم للقضية الفلسطينية دون الدخول في صدام مباشر مع القوى العالمية والحفاظ على مسافة آمنة.