الليرة التركية تواصل هبوطها.. وقرارات أردوغان تغرق أنقرة في أزمات اقتصادية كبرى
تواصل الليرة التركية الانهيار بفضل سياسات أردوغان الفاشلة
هبطت الليرة التركية لأدنى مستوياتها عند 17.17 مقابل الدولار الأميركي، حيث انخفضت 9 % في يوم واحد، بعد مخاوف من زيادة التضخم وسط ضغط الرئيس رجب طيب أردوغان لخفض نسبة الفائدة بنسبة 5 % منذ سبتمبر الماضي.
تأتي خسائر الليرة الفادحة لهذا العام، في ظل ارتفاع التضخم بشكلٍ سريعٍ. وتجاوز معدل التضخم مستوى 21%، في البلد الذي يقطنه 84 مليون شخص، في ظل رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لرفع الفائدة، وهو الإجراء الذي يرى اقتصاديون أن من شأنه احتواء ارتفاع الأسعار، الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى تآكل القدرة الشرائية للعملة المحلية.
وذكر تقرير لمؤسسة "رؤية" أنه وإلى محطة جديدة يصل الأتراك في مشوار تقلبات العملة المحلية، تحركات الساعات الأخيرة بدأت بإقالات وتغييرات قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مستوى صانعي السياسة المالية، ليعقبها بساعات قليلة قرار البنك المركزي بخفض جديد لأسعار الفائدة، فانخفضت معها الليرة إلى مستوى قياسي جديد.
خفض سعر الفائدة
كان البنك المركزي التركي أعلن، في بيان في وقت سابق، خفض سعر الفائدة ليصبح 14%.
وأوضح البيان أن اللجنة قررت خفض سعر الفائدة من 15 إلى 14%، بعد تقييم العوامل التي تؤثر بالسياسة النقدية مثل الطلب والتضخم الأساسي والعرض، وأشار إلى أن استمرار التحسن في ميزان الحساب الجاري، المدفوع بالطلب الأجنبي، يساهم في هدف تحقيق استقرار الأسعار.
وأكد أن البنك المركزي “سيواصل بحزم استخدام جميع الأدوات المتاحة له حتى تظهر مؤشرات قوية تشير إلى انخفاض دائم في التضخم ويتم تحقيق هدف 5% على المدى المتوسط، بما يتماشى مع الهدف الرئيسي المتمثل في استقرار الأسعار”.
ضغوط أردوغان
ويواجه البنك المركزي ضغوطا من أردوغان لخفض الفائدة بهدف تعزيز النمو الاقتصادي.
وتدخل البنك أربع مرات في سوق العملة الأسبوعين الماضيين وباع دولارات لإبطاء تراجع الليرة وتآكل احتياطياته الأجنبية المستنزفة بالفعل.
تضخم أعلى
وفي محاولة للتهدئة، أكد جلال توبراك، رئيس تحرير مجلة عالم الأعمال، أن نسبة خفض الفائدة إلى 14 % كانت متوقعة ولم تخلق صدمة في السوق، مؤكدا أن المهم ليس انخفاض الليرة أو انخفاضها أمام الدولار، بل ثباتها أمام الدولار لأن التقلبات تخلق الفوضى.
وفي المقابل يقول الخبير الاقتصادي التركي، حقان كارا، إن “التخفيضات الإجبارية في أسعار الفائدة التي تتم قبل استيفاء الشروط تعود دائما في شكل تضخم أعلى”.
وتسببت سياسة أردوغان غير التقليدية بخفض أسعار الفائدة في مواجهة ارتفاع الأسعار في إطلاق عمليات بيع سريعة لليرة التي انخفضت بنسبة 40 بالمئة منذ بداية الشهر الماضي وحده.
ومنذ عامين يصر أردوغان على مسار خفض سعر الفائدة، في سياسة كانت كفيلة بإقدامه على إقالة أربعة محافظين للبنك المركزي، وأخيرا نائبين للمحافظ الحالي، شهاب قافجي أوغلو.
ويرى جزء كبير من الاقتصاديين أن السياسة الاقتصادية التي يسير عليها أردوغان، بخفض سعر الفائدة ليست حلا لمكافحة التضخم في ظل الظروف الحالية.
فيما كتبت الخبيرة الاقتصادية، أوزليم شينغول عبر “تويتر”: “ما يحتاج الرئيس وإدارة الاقتصاد إلى فهمه أن ما يحتاجه عالم الأعمال أسعار فائدة منخفضة، وأسعار صرف منخفضة، وتضخم منخفض، وعجز منخفض في الحساب الجاري، وعجز منخفض في الميزانية”.
أما سياسياً فقد قال المتحدث باسم حزب “المستقبل”، سيركان أوزكان: "تحولنا جميعا إلى سفينة غير موجهة في الظلام الدامس، وليس من الواضح أي من المنحدرات سنضرب وبأي سرعة. منذ بداية العام وصل ارتفاع الدولار أمام الليرة التركية إلى مستوى 40 بالمئة".
وأضاف أوزكان: “أي نوع من الحسابات هو أن تقدير سعر الصرف الخاص في نهاية عام 2022 كان 9.22 ليرة تركية، وبالنسبة لعام 2023 كان 9.77 ليرة تركية، وفي نهاية عام 2024 كان 10.27 ليرة تركية. وصلنا الآن بالفعل إلى نهاية توقعات 2024”.
التضخم في تركيا
وتوقّعت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني أنَّ التضخم في تركيا سيتجاوز 25% في العام المقبل، وسيضرّ بالنمو الاقتصادي في البلد.
بحسب "وول ستريت جورنال"، أدت سياسة خفض أسعار الفائدة إلى انهيار قيمة الليرة، والتي أصبحت إلى حدٍّ كبيرٍ واحدةً من أسوأ الاستثمارات في العالم لهذا العام.
وعندما تكون أسعار الفائدة أقل من معدل التضخم، يشعر رجال الأعمال والمستهلكون والمستثمرون الأجانب بالقلق، لأن هذا يعني تآكل القوة الشرائية.
الأسوأ من ذلك، أن العملة التي تضعف بسرعة يمكن أن تخلق دوامةً تضخّميةً مهلكةً، لأنها ترفع تكلفة الواردات الرئيسية مثل الغذاء والطاقة.