ترامب يُجهض مخطط إسرائيل لضرب إيران نوويًا.. الدبلوماسية تتقدم
ترامب يُجهض مخطط إسرائيل لضرب إيران نوويًا.. الدبلوماسية تتقدم

كشف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، نقلاً عن مصادر مطلعة في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن الرئيس الأمريكي أحبط خطة إسرائيلية كانت تهدف إلى تنفيذ هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية في مايو المقبل، مفضلاً بدلاً من ذلك السعي نحو مفاوضات دبلوماسية مع النظام الإيراني.
ووفقًا للتقرير، شهدت إدارة ترامب انقسامًا حادًا حول هذه القضية، حيث دعم قائد القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) الجنرال مايكل إي. كوريلا الخطط الإسرائيلية، فيما عارض آخرون هذا التوجه، محذرين من مخاطر جر الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية واسعة النطاق، وشدد هؤلاء المعارضون على ضرورة إعطاء الدبلوماسية فرصة لتجنب التصعيد.
وأشار التقرير، أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المفاجئة إلى البيت الأبيض في وقت سابق من هذا الشهر جاءت بهدف إقناع ترامب بالموافقة على الهجوم، ومع ذلك، لم تنجح هذه الجهود، حيث أكد ترامب موقفه الداعي إلى تفضيل الحلول الدبلوماسية في الوقت الحالي.
خلفيات القرار الأمريكي
جاء قرار ترامب بعد أشهر من النقاشات الداخلية المكثفة داخل الإدارة الأمريكية، حيث رجحت كفة الدبلوماسية في ظل تقييمات تشير إلى أن إيران تعاني عسكرياً واقتصادياً، ما يجعلها في موقف ضعف قد يدفعها لتقبل التفاوض.
وأظهرت هذه النقاشات توترًا واضحًا بين المسؤولين المتشددين الذين يدعمون خيار العمل العسكري، وآخرين يشككون في إمكانية وقف الطموحات النووية الإيرانية عبر ضربة عسكرية دون التسبب بحرب أوسع.
ووفقًا للصحيفة الأمريكية، وضعت إسرائيل خططًا متعددة لتنفيذ هجوم في مايو يهدف إلى إبطاء البرنامج النووي الإيراني لمدة عام على الأقل.
وبحسب مصادر مطلعة على التفاصيل، كانت هذه الخطط تعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي، ليس فقط لحماية إسرائيل من ردود الفعل الإيرانية المحتملة، بل أيضًا لضمان نجاح العملية.
التخطيط الإسرائيلي والدعم الأمريكي المحتمل
في البداية، أعد الجيش الإسرائيلي، بناءً على توجيهات نتنياهو، خطة معقدة تجمع بين ضربات جوية وعمليات كوماندوز تستهدف المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض، على غرار عملية نفذتها إسرائيل في سوريا العام الماضي، حيث دمرت منشأة صواريخ تابعة لحزب الله.
ومع ذلك، أبلغ المسؤولون الإسرائيليون نظراءهم الأمريكيين بأن هذه العملية لن تكون جاهزة قبل أكتوبر المقبل؛ مما دفع إسرائيل إلى تعديل الخطة لتصبح حملة جوية واسعة النطاق يمكن تنفيذها في مايو، لكنها ما تزال تتطلب مساندة أمريكية.
وكشف التقرير أن عددًا من المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم الجنرال كوريلا ومستشار الأمن القومي مايك والتز، أبدوا انفتاحًا على دراسة الاقتراحات الإسرائيلية، بل وناقشوا كيفية دعم الولايات المتحدة لمثل هذه العملية إذا أعطى ترامب الضوء الأخضر.
واتفق المسؤولون الأمريكيون على أن أي محاولة جادة لإلحاق الضرر بالبنية التحتية النووية الإيرانية ستتطلب دعمًا أمريكيًا مباشرًا.
تعزيزات عسكرية أمريكية في المنطقة
بناءً على موافقة البيت الأبيض، بدأ الجنرال كوريلا بنقل أصول عسكرية إلى المنطقة، حيث وصلت حاملة الطائرات "يو إس إس كارل فينسون" إلى الخليج العربي، وانضمت إليها حاملة الطائرات "يو إس إس هاري ترومان" في البحر الأحمر.
كما نشرت الولايات المتحدة بطاريتين من صواريخ باتريوت ونظام دفاع صاروخي "ثاد" في إسرائيل، إلى جانب ست قاذفات شبحية من طراز "بي-2" إلى جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي، وكانت هناك خطط لنشر مقاتلات إضافية، ربما في قواعد إسرائيلية.
ورغم أن هذه الأصول يمكن استخدامها في عمليات ضد الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، الذين بدأت الولايات المتحدة استهدافهم منذ أكثر من شهر، إلا أن مسؤولين أمريكيين أقروا لـ"نيويورك تايمز"، بأن هذه التعزيزات كانت جزءًا من التخطيط الطارئ لدعم هجوم إسرائيلي محتمل على إيران.
وحتى لو لم تشارك الطائرات الأمريكية في الهجوم الأولي، فإن وجودها كان يهدف إلى ردع أو مواجهة أي رد إيراني.
مخاوف من تصعيد إقليمي
مع بدء تحرك الأصول العسكرية، تزايدت الشكوك داخل الإدارة الأمريكية حول جدوى دعم هجوم إسرائيلي. وخلال الأسابيع التي سبقت الاجتماع الحاسم في المكتب البيضاوي، تصاعدت وجهات النظر المعارضة للخطة.
وفي الاجتماع الذي عقد في وقت سابق من هذا الشهر، قدمت مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد تقييمًا استخباراتيًا جديدًا حذر من أن تركز القوات العسكرية الأمريكية في المنطقة يزيد من مخاطر نشوب صراع أوسع مع إيران، وهو أمر لا تسعى إليه الولايات المتحدة.
وأكدت الاستخبارات الأمريكية، أن أي ضربة إسرائيلية قد تتسبب في دوامة تصعيد قد تجر الولايات المتحدة إلى صراع متصاعد بسرعة.
ودعم عدد من كبار المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم رئيسة الأركان سوزي وايلز، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ونائب الرئيس جي دي فانس، تقييم غابارد، معربين عن مخاوفهم من أن الهجوم قد يدفع إيران إلى اتخاذ قرار نهائي ببناء أسلحة نووية.
تحول الموقف الإيراني وفرصة التفاوض
جاء الاجتماع الحاسم بعد تحول ملحوظ في موقف إيران، فعلى الرغم من أن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بدا وكأنه رفض اقتراحًا لإجراء محادثات مباشرة قدمه ترامب في 12 مارس، إلا أن مسؤولاً إيرانيًا رد لاحقًا في 28 مارس بإبداء استعداد لإجراء محادثات غير مباشرة.
وما يزال هناك جدل داخل فريق ترامب حول نوع الاتفاق الذي قد تقبله إيران، لكن نائب الرئيس فانس، بدعم من آخرين، جادل في الاجتماع بأن ترامب أمام فرصة نادرة للتوصل إلى اتفاق تاريخي.
وفي أعقاب زيارة نتنياهو إلى واشنطن في 7 أبريل، أعلن ترامب في مؤتمر صحفي مشترك عن بدء مفاوضات مباشرة مع إيران، مؤكدًا لنتنياهو في جلسة خاصة، أنه لن يدعم هجومًا إسرائيليًا في مايو إذا تقدمت المحادثات. وفي اليوم التالي، أوضح ترامب موقفه قائلاً: "إذا كان الحل العسكري ضروريًا، فسيحدث ذلك، وستقود إسرائيل العملية بالطبع".
جهود مستمرة وخيارات بديلة
بعد الزيارة، أرسل ترامب مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف إلى إسرائيل، حيث التقى الأربعاء الماضي بنتنياهو ورئيس الموساد ديفيد بارنيا لمناقشة الملف الإيراني.
وبحسب مصدر مطلع، لا تزال مجموعة واسعة من الخيارات قيد المناقشة، بما في ذلك العمليات السرية المشتركة وتشديد تنفيذ العقوبات.
وفي الوقت الحالي، يبدو أن التوجه الأمريكي يميل إلى تجنب العمل العسكري، خاصة مع إشارات إيران إلى انفتاحها على التفاوض. ومع ذلك، يظل الوضع مشحونًا بالتوتر، حيث تحذر تقديرات إسرائيلية وأمريكية من أن أي هجوم إسرائيلي قد يثير ردًا إيرانيًا قويًا؛ مما قد يؤدي إلى تصعيد خطير يجر المنطقة بأكملها إلى حرب شاملة.