إفلاس مائي وسُوء إدارة.. أزمات شحّ المياه تتفاقم في إيران

تضرب أزمة المياه إيران وسط خروج المظاهرات الرافضة لنظام الملالي

إفلاس مائي وسُوء إدارة.. أزمات شحّ المياه تتفاقم في إيران
صورة أرشيفية

تواصلت على مدار الأسابيع الماضية الاحتجاجات المتصاعدة في أصفهان ضد الجفاف الذي أصاب نهر زاينده رود، وسط تزايد مستمر لأعداد المتظاهرين الإيرانيين، فيما تقدم مطاعم المدينة الحساء مجاناً وتعرض صالونات تشذيب الشعر خدماتها بلا مقابل على المحتجين، في إشارة إلى التأييد الشعبي الواسع لتلك الاحتجاجات.

وكانت الاحتجاجات انطلقت منذ يوليو (تموز) الماضي، لتستمر حتى يومنا هذا، حيث نظمها مزارعون من الأقلية العربية في محافظة خوزستان، إلا أن تظاهراتهم تعرضت للقمع بعنف من قِبل السلطات، حيث إن الحكومة الإيرانية لجأت إلى القمع العنيف، فقد اجتاحت قوى الأمن التي كانت مسلحة بالهراوات والدروع والبنادق ضفة النهر عند الساعة الرابعة فجراً بينما كانت مجموعة من المزارعين تناقش إستراتيجية الاحتجاج حول نار أوقدت في مخيم.

وحسبما أكدت صحيفة "نيويورك تايمز"، قال أحد المزارعين: إن قوى الأمن استخدمت مكبرات الصوت لإبلاغ المزارعين، أن لديهم 10 دقائق لإخلاء المكان، و"قبل أن تتاح لنا فرصة للتحرك، أُضرمت النار فجأة في الخيام وبدأت الشرطة في إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وإطلاق النار في الهواء". 

وأشار المزارع الإيراني إلى أنه كان يتواجد بين المحتجين العديد من العائلات مع أولادهم، وقال: "لم أتوقع منهم فعل ذلك، أن يتعرضوا لنا بالضرب وإطلاق النار نحونا وإصابة مزارعين".

تلاشي نهر زاينده رود

وقالت الصحيفة: إن آلاف المزارعين يحتجون منذ أسبوعين على جفاف نهر زاينده رود، الذي يمر في المدينة، مطالبين باستعادة تدفق المياه إلى النهر للمساعدة في ري الأراضي الزراعية التي جفت منذ سنوات نتيجة سوء إدارة مصادر المياه من قبل الحكومة الإيرانية.

وشكا المزارعون الإيرانيون من الوضع، مؤكدين أنه "لم يتبقَّ لنا شيء في أراضينا ومصادر رزقنا، إننا نطالب فقط بحقوقنا المائية". 

وتواجه إيران ندرة متزايدة في المياه بسبب سنوات من سُوء الإدارة، خصوصًا في أصفهان، بعدما تم تحويل المياه عبر أنابيب تحت الأرض بعيداً عن الأراضي الزراعية نحو مجمعات صناعية في صحراء محافظة يزد، ولتأمين مياه الشرب لمدينة "قم" الدينية.

نقص في الكهرباء والمياه

ووفقًا لإحصائيات مصلحة الأرصاد الجوية الإيرانية، فإن 97 في المئة من البلاد تعاني من الجفاف بدرجات معينة.

وكان وزير الطاقة السابق حذر في مايو (أيار)، من أن البلاد، التي تواجه صيفاً هو الأكثر جفافاً منذ 50 عاماً ودرجات حرارة تقترب من 50 درجة مئوية، وأن إيران ستعاني في الكهرباء والمياه.
 
وبعد الاحتجاجات التي انطلقت في يوليو (تموز)، في محافظة خوزستان.

جفاف البحيرات

ويعيش الإيرانيون قلقا بشأن جفاف مناطق الأراضي الرطبة والأنهار، مما قد يؤدي إلى حدوث عواصف ترابية خطيرة.

وتشير التقارير إلى أن بحيرة أورميا، التي كانت ذات يوم واحدة من أكبر بحيرات المياه المالحة في العالم، رمزا لكارثة بيئية. فتلك البحيرة التي كان منسوب المياه فيها ذات مرة 1930 ميلا مربعا، تقلص إلى عُشر هذا الحجم بحلول عام 2015.

إفلاس مائي

وتؤكد الدكتورة سمية عسلة، المتخصصة في الشأن الإيراني، أن التغير المناخي وقلة الأمطار، قد فاقما من مشكلة الجفاف التي تسبب بها سوء الإدارة، وهو ما يؤكده خبراء الشؤون المائية الإيرانية.

واعتبرت عسلة أن ما يحدث في إيران، بجانب كونه إفلاسًا مائيًا، فهو أيضًا سوء إدارة بالمقام الأول، لافتة إلى أن هناك الكثير من أصحاب الحقوق، لكن لا توجد كميات مائية كافية. 

وأشارت الباحثة إلى تصريحات واعترافات الحكومة الإيرانية التي أقرت بالمشكلة، ومن بينهم مسؤولو منظمة الأرصاد الجوية الإيرانية، الذين كشفوا عن تراجع منسوب الأمطار في جميع أنحاء إيران في الأشهر الستة الأولى من "السنة الزراعية'' التي انتهت للتو (سبتمبر إلى يونيو)، حيث كان المعدل أقل من 50 في المائة من نفس الفترة من العام الماضي، مع هطول الأمطار انخفض من 278 ملم إلى 130 ملم.

كما أشارت المنظمة إلى أن كمية الأمطار في أحواض الأنهار الرئيسية في إيران بين سبتمبر/ أيلول 2020 ويوليو/ تموز 2021، في معظم الأماكن، كانت أقل بكثير مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.. 

كما كانت الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021 أقل بكثير من متوسط الهطول على مدى أربعين عاما، وفقا لمركز الأرصاد الجوية المائية بجامعة كاليفورنيا.

ورغم الظروف المناخية، تشدد عسلة على أن المشكلة الأساسية بسبب عقود من الإدارة السياسية والإدارة البيئية السيئة والافتقار إلى البصيرة وعدم الاستعداد لموقف مثل هذا".

بينما تستمر معاناة الإيرانيين من حالات جفاف متكررة إلى جانب احتمالية ظروف أكثر قسوة ناجمة عن تغير المناخ.