أكاذيب أردوغان العثمانية.. انتصارات وهمية وتضخيم للحقائق

أكاذيب أردوغان العثمانية.. انتصارات وهمية وتضخيم للحقائق
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

المعلومات المضللة والدعاية تلقي بظلالها على سياسات تركيا تجاه إفريقيا، وتكثر الخرافات والأكاذيب في الصحافة التركية والعربية المؤيدة لأردوغان التي يعتبر معظمها منتمياً للإخوان حول مغامرات تركيا الإقليمية؛ ما يغذي الابتهاج والمخاوف المبالغ فيها.


والحقيقة أن أردوغان لم يحقق أي مكاسب أو إنجازات أو انتصارات في الدول العربية أو إفريقيا، على العكس انقلبت مغامراته العسكرية عليه وكانت نتائجها كارثية على الاقتصاد التركي.


ووفقاً للمعطيات التركية فإن طموحات أردوغان لفرض السيطرة على العالم العربي أو تطويق بعض الدول مثل مصر هو شيء من الخيال ويفوق قدرات تركيا بمراحل.

استغلال الإرث العثماني

اكتسبت المغامرات الإقليمية لتركيا، المدفوعة بالحنين إلى العهد العثماني، جبهة عربية معادية بقيادة السعودية والإمارات ومصر.


ووفقاً لموقع "المونيتور" الأميركي، فإنه رغم أن طموحات تركيا لم تُترجم إلى قصة نجاح، إلا أنها غذت عددًا كبيرًا من الأساطير والأكاذيب التي يغذيها الأتراك الموالون للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.


وفي تعليقاته على القضايا الإقليمية، غالبًا ما يطرح أردوغان المعاهدات التي أدت إلى تفكك الإمبراطورية العثمانية أو استحضار الإرث العثماني، فعلى سبيل المثال التعهد بالجنسية التركية للأتراك اللبنانيين أو التحدث عن مليون تركي من أصل تركي في ليبيا.

وبالنسبة للكثيرين في العالم العربي، فإن مثل هذه التصريحات هي إشارة إلى أن الأتراك لديهم مخططات على الأراضي العربية ويتطلعون إلى العودة.


ولكن لم تؤدِّ خرائط "تركيا الكبرى" التي وزعتها شخصيات مقربة من أردوغان إلا إلى إثارة الشكوك.
وبالمثل، أثارت الصحافة التركية التي يسيطر عليها أردوغان مخاوف العرب من خلال تسويق تحركات أنقرة الإقليمية بجرعة كبيرة من المبالغة والتفاخر القومي.

أكاذيب أردوغان

ويرى المعلقون المؤيدون للحكومة أن الدفاع عن الحدود التركية يبدأ في البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي والمحيط الهندي، متفاخرين بأن تركيا تبني خطوط دفاع في ثلاث قارات.


ويرسم العديد من الصحفيين العرب الموالين لأردوغان أيضًا صورة مبالغ فيها عن تركيا وقدراتها، وإن كان ذلك بطريقة مثيرة للقلق.


ومن وجهة نظر الجانبين، تبدو تركيا وكأنها تنتشر في منطقة مترامية الأطراف من سوريا والعراق ولبنان وفلسطين واليمن إلى ليبيا والصومال وجيبوتي وإثيوبيا ومالي والسنغال.


وباستخدام نفس صندوق الأدوات، يؤجج أردوغان وبعض الصحفيين العرب العداوة ويخدعون جمهورهم.


وقبل عدة سنوات، على سبيل المثال، أشادت وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة بقرار السودان تأجير جزيرة سواكن لتركيا باعتباره تطورًا "يغير التوازن بعمق" في البحر الأحمر. 


ورغم عدم وجود قاعدة تركية هناك حتى الآن، فقد ربطوا الجزيرة بالقواعد التركية في قطر والصومال للاحتفال بـ"المثلث التركي" في البحر الأحمر والخليج العربي والمحيط الهندي.


لكن المنافذ نفسها تجاهلت متابعة القصة، أي كيف تراجعت الطموحات التركية على سواكن بعد الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير في عام 2019.


وبعد الاطاحة به، سارع قائد القيادة العسكرية، للتأكيد على أن سواكن كانت "جزءًا لا يتجزأ" من السودان.


وفي إضافة جديدة إلى الأساطير، أفادت بعض وسائل الإعلام أن قرار أنقرة تمديد تفويض القوات البحرية لمكافحة القرصنة في خليج عدن والمياه الصومالية وبحر العرب كان جزءًا من "أجندتها المزعزعة للاستقرار" في اليمن والقرن الإفريقي.


وسعت تركيا إلى موطئ قدم في الصومال وجيبوتي في محاولة لعرقلة مصالح دول الخليج والسيطرة على الحركة التجارية في القرن الإفريقي من خلال السيطرة على الموانئ على مضيق باب المندب في الصومال وأرض الصومال وجيبوتي.


وفي الواقع، لا يوجد دليل على أن أنقرة تتطلع إلى موانئ في جيبوتي وأرض الصومال، رغم أن الشركات التركية تدير المطار الدولي والميناء البحري في العاصمة الصومالية.


كما زعمت بعض التقارير أن أردوغان نجح في تحقيق مكاسب في اليمن، لكن انتصارات تركيا لم تكن بهذه الضخامة.

وهم العثمانية الجديدة


وتشكل تركيا خطراً على ما لا يقل عن 15 دولة عربية، الأتراك في ليبيا هم أكبر تهديد لمصر منذ اتفاقيات كامب ديفيد.


تركيا سوف تستخدم ليبيا لابتزاز الأوروبيين وتهديد مصر وتونس والجزائر والسودان، كما ستكون حرب تركيا القادمة في اليمن.


كما أن دعم أنقرة للإخوان المسلمين يبقي التوترات قائمة، ويعتقد أن تركيا تعتمد على العثمانية الجديدة لبناء هلال الإخوان المسلمين بالتوازي مع الهلال الفارسي.


ولكن في النهاية مصر لها اليد العليا في الوصول إلى العرب في مناطق تضارب المصالح، وبالتالي تطويق مصر هو ببساطة فوق قدرة تركيا.


قد تكون فكرة العثمانية الجديدة مصدرا دافعا لأردوغان، لكنها الآن خيال بلا أساس.


كافة تحركات أردوغان لتوسيع النفوذ التركي في الشرق الأوسط ليست نتاجًا لإستراتيجية شاملة ومدروسة جيدًا مدعومة بالوسائل والقدرات المقابلة، كما تصورها وسائل الإعلام التركية والعربية.


علاوة على ذلك، قد تنفد الذخيرة على هذه الجبهة، لأنه تحول مؤخرًا إلى إحياء العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.


وصلت تركيا إلى طريق مسدود في سوريا رغم تعزيزها العسكري هناك، وهي غير قادرة على ضمان مستقبل تعاونها العسكري واتفاقات ترسيم الحدود البحرية مع الحكومة الليبية التي تتخذ من طرابلس مقراً لها، وعادت إلى نقطة الصفر في علاقاتها مع السودان.


كما تتضاءل أهمية قاعدتها في قطر حيث تقوم الدوحة بإصلاح العلاقات مع جيرانها، في حين أن القاعدة في الصومال أصبحت قضية استقطاب في السياسة الصومالية.


وفي موقعها في إفريقيا، تهدف تركيا بشكل أساسي إلى مواجهة فرنسا وغالبًا ما ارتكبت أخطاء مثل دعم المجلس الانتخابي المثير للجدل في الانتخابات المقبلة في الصومال والتسرع في زيارة المجلس العسكري في مالي بعد الانقلاب في سبتمبر.


كان طموح تركيا أن تصبح مركزًا اقتصاديًا نابضًا بالحياة بين القارات، ولكن انتهى بها الأمر لتصبح ملاذًا للمجموعات التي تعاني من مشاكل، والمنفيين والهاربين.


الفجوة بين طموحات تركيا وقدراتها آخذة في الاتساع، وكذلك الفجوة بين خطابها والحقائق على الأرض.