الجوع والفقر والانتحار ثلاثي يحارب أهالي "ديار بكر" التركية بسبب قمع "أردوغان"
تعد بلدية ديار بكر واحدة من أكبر المدن في جنوب شرقي تركيا التي تقع على ضفاف نهر دجلة، والتي تمثل مركزًا لتجمعات الأكراد الأتراك؛ ما يجعلها معرضة لقمع الحكومة التركية ومحرومة من خيرات البلاد، كما أنها تمثّل نقطة محورية للصراع بين الحكومة التركية وسكانها الأكراد.
ودائمًا ما يتم فرض ضرائب ورفع الأسعار في ديار بكر وغازي عنتاب عن غيرهما، حيث ارتفع أسعار الوقود وأجرة المواصلات، وبلغت الزيادة في أجرة المواصلات 0.53 في المئة، بينما لوحظت زيادة كبيرة في سعر الغاز المسال بنسبة 8.83 في المئة، وزيادة 2.66 في المئة للديزل (المازوت)، وزيادة 2.52 في المئة للبنزين.
وفيما يخص أسعار معدات الاتصالات فقد لوحظت زيادة بنسبة6.81 في المئة مقارنة بشهر يوليو، بينما ارتفعت أسعار التعليم والرسوم الجامعية الخاصة 10.51 في المئة مقارنة مع شهر يوليو.
وبخصوص أسعار الخدمات الصحية بلغت الزيادة فيها بنسبة 0.34 في المئة مقارنة مع شهر يوليو.
وبصدد سوق العمل فإن الفقر دفع 100 ألف طفل في ديار بكر إلى العمل.
معاناة الأطفال في ديار بكر
لا يمكن أن تسير بأحد شوارع البلدية التركية دون أن تجد الأطفال يبحثون عن طعامهم في صناديق القمامة، ولا تخلو أماكن العمل من استغلال عمالة الأطفال، بسبب عدم المساواة في الفرص.
يقول المراهق محمد غول (16 عامًا) في لقاء مع "العرب مباشر": إنه يعمل لدى ورشة للحدادة منذ ثلاث سنوات، بعد أن أخرجته أسرته من المدرسة ولم يسمح له باستكمال مراحل تعليمه، لافتاً أنه رغم سنه يعول والدته ووالده وشقيقته الصغرى بسبب فشل الأب في الحصول على وظيفة مناسبة.
وأكد غول، أن غالبية العمالة في البلدية تعتمد على الأطفال بسبب عدم قدرة الأهالي على الإنفاق عليهم، وحاجتهم للمساعدة في توفير النفقات.
ويعاني الأطفال في ديار بكر أيضاً من عدم المساواة في الفرص، وبالذات فيما يخص التعليم، وبحسب جمعية تعليم الأم والطفل فإنه من بين كل عشرة أطفال في عمر السادسة يبقى أربعة أطفال قبل سن التعليم الإلزامي خارج المدرسة، بالبلدية المعمرة بالأكراد.
زواج القاصرات في ديار بكر
طالما دعا حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "العدالة والتنمية" إلى إباحة زواج القاصرات، والسماح بتزويج من هن دون السن، الأمر الذي جعل البيئات الأشد فقرًا في تركيا تعج بمشاكل زواج الأطفال على نحو مستفحل، ففي السنوات الخمس الأخيرة، شهدت ديار بكر تزويج 20 ألفاً و313 طفلة، وفقًا لإحصاءات رسمية تركية.
وعلقت الناشطة الحقوقية الكردية ايهام داش، قائلة: "رغم أن نص القانون المدني التركي يؤكد بوضوح على أن مرحلة البلوغ تبدأ في سن 18، ولكن الفقر والسماح من قِبَل الحكومة بالزواج المبكر يجبر الأسر على تزويج فتياتهن للتخلص من أعباء مصاريفهن"، لافتة أن الزواج المبكر ينتهك حقوق الطفل وحق المرأة وحقوق الإنسان.
ارتفاع الأسعار يشعل البلدية ويلقي بالمواطنين في السجون
طالما شهدت مدينة ديار بكر التركية مظاهرات واحتجاجات على غلاء المعيشة، مطالبين بضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية، وهو ما يزيد من الاحتكاكات بين المواطنين والأمن، وأدى إلى تحول ديار بكر إلى سجن كبير.
في هذا السياق قال فرع منظمة حقوق الإنسان التركية في مدينة ديار بكر جنوب شرقي تركيا: إن الفترة بين عامي 2016 و2019 شهدت قفزات كبيرة في أعداد شكاوى حالات التعذيب والمعاملة السيئة بالسنوات العشر الأخيرة.
التقرير أوضح أن عام 2018 كان الأكثر استقبالًا لطلبات فحص حالات العنف والتعذيب، لافتًا إلى حدوث قفزات كبيرة في الفترة بين 2016-2019.
وكشف التقرير أن السنوات العشر الأخيرة شهدت استقبال 3 آلاف و659 طلبًا لفحص حالات انتهاكات لحقوق الإنسان في ديار بكر، مشيراً إلى أن من بينها 689 طلبًا بشأن أفعال تسببت في إصابات نتيجة العنف الجسدي من قِبَل الموظفين الحكوميين.
وأشار إلى أن الطلبات التي تم استلامها خلال الـ10 سنوات الأخيرة 97 منها لسيدات و592 طلبًا لرجال، مشيراً إلى أن الشكاوى الأكثر كانت من حراس الأمن في القطاع الحكومي بعدد بلغ 324 شكوى، تلاها في المرتبة الثانية رجال الشرطة بعدد 280 طلبًا، ثم رجال الجيش بعدد 71 شكوى.
تصاعد ظاهرة الانتحار
فيما أدى الفقر في بلدية الأكراد إلى تصاعد لظاهرة الانتحار الفردي والجماعي، بسبب الأزمات المالية في ديار بكر، وآخرها قيام أحد المعلمين الأتراك بمدينة ديار بكر، بالانتحار بسبب عجزه عن سداد ديونه والوفاء بتكاليف المعيشة، وذلك بعد يوم من انتحار أسرة تركية مكونة من 3 أفراد بسبب العجز عن سداد الديون.
ويعد الحادث هو الرابع بعد 3 حالات انتحار وقعت على مدار الأسبوع الماضي، بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها تركيا تحت إدارة حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان.
سجن "ديار بكر" يعد بين أخطر 10 سجون في العالم
يقوم السجن على الانتهاكات القصوى لحقوق الإنسان ضد السجناء، من خلال التعذيب الجسدي والتعذيب النفسي والاعتداء الجنسي على السجناء، كما أن الحقيقة الأكثر رعبًا عن هذا السجن، أن حتى الأطفال الذين يحتجزون داخله يواجهون عقابًا عنيفًا دون شفقة.
وسلطت صحيفة "أوك دياريو" الإسبانية الضوء على سجن ديار بكر في تركيا، مشيرة إلى أن السجن يسجل أعلى نسب انتحار بين السجناء على مستوى العالم.
وقالت الصحيفة في تقرير لها: إن سجن ديار بكر الواقع جنوب شرقي تركيا سيئ السمعة، حيث يتلقى نزلاؤه أقسى ألوان التعذيب من حراس السجن، من التعذيب الجسدي والنفسي والاعتداء الجنسي، بخلاف الافتقار للرعاية الصحية.
أضاف التقرير: أنه يوجد خلف أسوار السجن حتى عام 2018 أكثر من 350 فتى وفتاة تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عامًا، ويكتب حراس السجن على جدران السجن عبارة "تكلم التركية، تكلمها كثيرًا"، لتحطيم معنويات النزلاء خاصة الأكراد وانتهاك كرامتهم، تبين كيف كان يتم إجبارهم على التحدث بالتركية والتخلي عن لغتهم الأصلية.