العنف ضد المرأة الأردنية «كابوسهن الذي لا ينتهي»

العنف ضد المرأة الأردنية «كابوسهن الذي لا ينتهي»
صورة أرشيفية

تتعرّض آلاف النساء الأردنيات للعنف، وتظهر بعض هذه الاعتداءات من خلال الإحصاءات الرسمية للجهات المعنية، فيما تظل غالبية الحالات خلف جدران الصمت، بسبب الثقافة المجتمعية الذكورية السائدة في المجتمع، التي تتيح للذكور ضرب النساء والسيطرة على خياراتهن والتحكم بحياتهن، رغم ارتفاع عدد الفتيات المتعلّمات في المجتمع الأردني.

آلاف النساء في الأردن يعانين من ظاهرة يقف المجتمع عاجزًا أمامها وهي العنف ضد المرأة، فوفقًا للأمم المتحدة تعاني الأردن من تفشي ظاهرة العنف ضد النساء، مؤكدين أن العنف ضد النساء هو الانتهاك الحقوقي الأكثر استمرارًا وانتشارًا وتدميرًا للأسر حول العالم، العنف في الأردن يأخذ أكثر من شكل سواء كان جسديًّا أو جنسيًّا.

وعلى المستوى الدولي، أشارت دراسة أجريت لحساب مركز "كوبنهاجن كونسينساس سنتر" إلى أن العنف الأسري أغلب ضحاياه من النساء والأطفال يكلف العالم بحدود 8 تريليونات دولار، وأن بمقابل وفاة شخص واحد بسبب الحروب فإن هنالك 9 أشخاص تقريباً يموتون بسبب العنف الأسري، وبمقابل كل قتيلين بسبب الحروب هنالك طفل يموت بسبب العنف الأسري.

تنازلات

تجلس "وفاء.س"، وحيدة في منزلها تبكي وتفكر فيما يمكن أن تتخذه من إجراءات ضد زوجها، بعد أن تشوه وجهها نتيجة نقاش تحول إلى مشاجرة عنيفة بينهما، فهي في حيرة هل تلجأ للدولة والقانون، وبهذا تخسر الأهل ودعمهم، أم تذهب إلى الأهل الذين سينصفون الزوج، فهذا ما تربى عليه الجميع، الرجل عليه ضغوط عديدة ويجب أن تحتمله زوجته لأبعد مدى حتى لو عرض هذا التحمل حياتها للخطر.

تقول "وفاء": أنا في بلادي مواطن درجة ثانية رغم الجهود التي تبذلها المرأة وتدعمها فيها الدولة، إلا أن المجتمع لا يتغير بسهولة، فعلى النساء أن يتحملن، وألا يتسببن في خراب بيوتهن، وأن يقدمن التنازلات دائمًا، والرجل دائمًا له بدلًا من العذر ألف عذر.

ولا يوجد أي إحصاءات عن أرقام المعنفات في المنازل، تبعاً لقرار الأخيرات التزام الصمت في أغلب الأحيان، الأمر الذي لا يعود للثقافة وحسب، بل يتعدى ذلك لإشكالات قانونية وإجرائية تتعرض لها المرأة في حال قررت اللجوء للسلطات في الدولة.

إذ تشكو النساء المعنفات من عدم وجود ملجأ حقيقي لهن، وأن دور الرعاية التي توفّرها الدولة، لا تتم المتابعة معهن بعد دخولها، الأمر الذي يجعل معظم المعنفات تتعرضن لعنفٍ مضاعف بمجرد توقيع "المعتدي" إقراراً بعدم تكرار الاعتداء.

تقييد حرياتهن 

تقول "أسما العلي"، 30 عامًا، ذهبت إلى دار رعاية بعد اعتداء جسدي من شقيقي الذي انهال عليَّ ضربًا لتأخري في العمل عن ميعاد عودتي ساعتين، أوضحت له أن العمل تطلب ذلك بالإضافة إلى ازدحام الطرق، ولكن رده عليَّ كان أعنف مما توقعت، فذهبت لأشتكيه وتم تحويلي لإحدى دور الرعاية والتي خرجت منها ليمنعني أخي من العمل نهائيًا؛ حيث اعتبر أن عملي هو السبب في إتاحة الفرصة لي في تقديم الشكوى ضده.

وتابعت "أسما": أصبحت سجينة في المنزل، حتى المجرمين داخل السجون يتلقون من كل حين إلى الآخر زيارة ما، ولكن أنا سجينة بلا أي حقوق، فمنع -شقيقي- صديقاتي من زيارتي، وقال لهن نصًا "فلتعتبروها ماتت"، وهو ما شعرت به بالفعل، ولم يحكم عليَّ بالبراءة والخروج من السجن إلا بعد أن سافر أخي للعمل في إحدى الدول الأوروبية، وأنا على يقين إذا ما مارس أفعاله مع زوجته الأوروبية فلن يخرج من السجن أبدًا، فهنالك قانون يحمي المرأة.

واختتمت حديثها قائلة: "الرجل منذ طفولته يربى على أنه مميز وله سلطات تفوق شقيقاته، مما يرسخ الذكورية في المجتمع بالكامل، كما تربّيه والدته على أنه صاحب كلمة ومسؤول ما يجعله لاحقاً يتصرّف مع شقيقته وزوجته وأحياناً أمه ذاتها على ذات الأساس".

مراقبون أكدوا على ضرورة توحيد المنظمات النسوية جهودها بتعديل قانون الحماية من العنف الأسري، بحيث يتضمن تدابير إجرائية تكفل للضحايا الوصول الآمن والسريع لآلية طلب الحماية وتضمن لهنّ السلامة الكاملة بعد ذلك من خلال برامج المتابعة الحثيثة وفرض العقوبات الرادعة على كل فعل مبعثه الانتقام منهنّ بسبب طلبهنّ الحماية من مؤسسات الدولة.