انتهاكات ميليشيات أردوغان ضد الصحفيين في الشمال السوري.. روايات يكتبها الدم

انتهاكات ميليشيات أردوغان ضد الصحفيين في الشمال السوري.. روايات يكتبها الدم
صورة أرشيفية

لم ينجُ أحد من انتهاكات وجرائم النظام التركي في شمالي سوريا، فالجميع يعانون تحت نيران الاحتلال التركي، ويأتي الصحفيون والعاملون في المجال الإعلامي على رأس قائمة ضحايا النظام التركي فأصبح الشمال السوري منطقة محظورة بالنسبة للعمل الصحفي، حيث يتعرض العاملون في المجال الإعلامي إلى الإصابات بل والقتل أحيانا يوميًا بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الاعتقالات والاختطاف، ورغم المبادرات التي يطلقها النشطاء السوريون وآخرها مبادرة "أوقفوا قتل الصحفيين"، والتي انطلقت أمس ردًا على مقتل الصحفي حسين خطاب في مدينة الباب بريف حلب شمال غربي سوريا إلا أن الجرائم مستمرة منذ فترة طويلة ولم تنجح المبادرات في حماية الصحفيين من نيران الميليشيات المدعومة من تركيا.

اغتيال الصحفيين سلاح ميليشيات أردوغان للتغطية على جرائمهم


آخِر الجرائم التي ارتكبها عناصر تابعة لميليشيات مدعومة من تركيا كانت اغتيال الصحفي حسين خطاب، الملقب بـ"كارة السفراني"، في 12 ديسمبر الجاري على يد عنصرين ملثمين على دراجة نارية، بجانب مقبرة الباب، في أثناء إعداده لتقرير مصوّر عن واقع انتشار فيروس "كورونا".


وحسين خطاب شابٌ ثلاثيني، ويُعتبر من أبرز النشطاء الإعلاميين الذين غطّوا أحداث الحرب في الشمال السوري، منذ عام 2016، وفتحت حادثة اغتياله باب الحديث عن تهديدات سابقة بالقتل كان قد تلقاها من قِبل أشخاص نافذين في المنطقة، ورغم أنه أبلغ ما يُسمّى بـ"الشرطة الوطنية" في ريف حلب، إلّا أنّ الأخيرة لم تتحرك، ولم تبدِ أيّ استعداد لحمايته.


وقبله تمّ اغتيال الناشط الإعلامي مالك أبو عبيدة، في نوفمبر الماضي، في مدينة إعزاز شمالي حلب، في حوادث لاقت ردود فعل غاضبة من قِبل نشطاء إعلاميين وصحفيين في محافظة إدلب، مطالبين المجتمع الدولي والجمعيات الحقوقية بحماية الصحفيين خاصة في مناطق ريف حلب الخاضعة لسيطرة "الجيش الوطني" المدعوم من تركيا، والتي تسودها حالة من الانفلات الأمني وعدم الاستقرار، والمدنيون والنشطاء الإعلاميون هم وقودها، وكان من أحدثها زرع عبوة ناسفة في سيارة.


انتهاكات الميليشيات المسلحة "ممنهجة ضد الإعلاميين"


الحملة الأخيرة التي شنها صحفيون سوريون في الداخل السوري انطلقت تحت اسم "الشهيد حسين خطاب" و"مجلس الإعلام السوري" وشارك فيها المئات، مشيرين إلى التجمع الذي شُكّل في 29 نوفمبر الماضي، والذي ضمّ 4 تشكيلات صحفية سورية في تركيا والداخل السوري تحت مظلة واحدة، تحت اسم: "مجلس الإعلام السوري".


وأكد الكثير من الصحفيين أنّ مشاركتهم بالحملة جاءت لعدد من الاعتبارات، منها أهمية استنهاض العالم والسلطات العسكرية لحماية من تبقى من الإعلاميين في مناطق لا تراعي ظروف العمل الإعلامي ولا تهتم بحماية الصحفيين، ونتيجة تعرّضهم لتهديدات وضغوطات من قِبل الجهات المسيطرة على المنطقة.


من جانبه، أكد إبراهيم الحسين، مدير المركز السوري للحريات الصحفية، أن هناك حملة استهداف ممنهجة تتم ضد الإعلاميين والصحفيين بهدف منعهم من ممارسة دورهم في العمل الصحفي ونقل الحقيقة إلى العالم والكشف عن فساد وجرائم الميليشيات المسلحة في شمال سوريا وانتهاكاتهم المستمرة.


وأضاف، الفترة الأخيرة شهدت زيادة هائلة في أعداد الانتهاكات ضد الصحفيين بتواطؤ أمني واضح فلا يوجد في شمال سوريا حماية للمدنيين عمومًا وليس فقط للصحفيين والإعلاميين، مضيفًا أن اغتيال الصحفي حسين خطاب أشعل الغضب في نفوس السوريين ورغم ذلك لم يصدر بيان واحد يوضح تفاصيل الحادث حتى الآن.


شمالي سوريا "جحيم" للصحفيين.. والميليشيات تقتل كل من يكتب حرفًا ضد تركيا


يقول فارس الصالح، 34 عاما، صحفي سوري، شمالي سوريا أصبح جحيمًا بالنسبة للعاملين في المجال الإعلامي فالميليشيات المسلحة في شمالي سوريا تقتل كل من يكشف جرائمها أو يكتب حرفًا ضد التدخل التركي والانتهاكات التي يمارسها الأتراك وموالوهم، فالجميع هنا لا يحميهم أحد أو جهة بعينها، ومعرضون في أي وقت للقتل أو التعذيب أو الاختطاف والاعتقال.


وأضاف الصالح، استهداف الصحفيين أمر واقع، والشبكة السورية لحقوق الإنسان وثقت مقتل أكثر من 707 صحفيين منذ اندلاع الأزمة السورية، وهو ما جعل سوريا من الدول الأكثر فتكًا بالصحفيين في العالم وهو الأمر الذي يزداد تدريجيًا بشكل ملحوظ جعل من سوريا الدولة الأولى على مستوى العالم خلال العام الماضي في قتل الصحفيين.


وتابع الصالح، الأرقام مفزعة وتدل على استهداف ممنهج، فهناك عشرات الصحفيين قتلوا نتيجة التعذيب وأصيب ما يقرب من 2000 صحفي على يد الميليشيات المسلحة، كما تم اعتقال ما يقرب من 1200 صحفي بالإضافة إلى العشرات من حالات الاختفاء القسري والتي يعتقد الجميع أن أصحابها في حالات الاختفاء لم يعودوا على قيد الحياة.


ننظم حملات لدعم أسر ضحايا الصحفيين ولكن الأعداد تزيد بشكل جنوني


في السياق ذاته، يقول عمر الحموي، 39 عامًا، رغم قتل وتعذيب واختطاف مئات الصحفيين خلال العام الماضي، لم يحاسب أحد ولم تعلن جهة ما قيامها بالبحث عن العناصر الإجرامية التي تنفذ تلك الجرائم.


وأضاف: الصحفي في شمالي سوريا لا قيمة له، ويُقتل كأنه ليس إنسانًا يعيش في دولة وله حقوق، نطلق الحملات واحدة تِلْو الأخرى وندعو المجتمع الدولي لحماية أرواحنا وأسرنا دون جدوى، فالجرائم مستمرة والانتهاكات ترتكب بشكل يومي ضدنا.


وتابع الحموي، مئات الصحفيين تم خطفهم وأعلن عن اختفائهم قسريًا، وتعيش أسرهم أسوأ أيام حياتهم، فلا مصدر للدخل ولا أب يرعى شؤونهم، نحاول تنظيم حملات بهدف التكاتف ودعم أسر أصدقائهم وزملائنا المختفين والقتلى والمعتقلين، ولكن الأعداد تزداد يوميًا بشكل جنوني يفوق طاقتنا على الاستمرار.