فساد رجال العثماني.... كيف بنا "أردوغان" إمبراطورتيه من السرقة والرشاوى؟
فساد يزكم الأنوف.. هذا هو الحال في تركيا التي يحكمها حزب العدالة والتنمية الإخواني، حيث حاصرت ملفات الفساد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعائلته ورجاله، خاصة من خلال تنصيب أبنائه وأقاربه أعلى المناصب في الدولة.
منذ تولى "أردوغان" الرئاسة في عام 2013، أدت سياساته إلى تراجع تركيا إلى المرتبة الـ91 في مؤشر مدركات الفساد للعام 2019 لجمعية الشفافية الدولية، وتراجعت مرتبتها في عام واحد 13 مركزًا.
كما تراجعت تركيا 38 مركزًا بين عامي 2013 و2019؛ ما يجعلها واحدة من ثلاث دول خسرت أكبر عدد من النقاط في هذه الفترة، لتركز السلطة في يد القلة على غرار الأنظمة الاستبدادية، وانتهاكات مبدأ سيادة القانون، وتآكل الاستقلال القضائي وأنظمة الضوابط والتوازنات، وكذلك تراجع الرقابة البرلمانية.
عزبة خاصة وليست دولة
من أقرب فرع إلى أبعد فرع في عائلة "أردوغان" يتولى منصب ما في السلطة التركية، وكان آخر التسميات عندما قام بتعيين نجل خالته رجب علي أر مديرًا عامًّا لمؤسسة الائتمان ودور الإقامة الخاصة بالتعليم العالي، خلال فبراير 2019.
وسبق ذلك تعيين شقيق رجب علي، إبراهيم أر نائبًا لوزير التعليم.
أما النصيب الأكبر للمجاملات، فيحصل عليه بيرات البيرق، وزير المالية التركي، ذو الـ37 عامًا وهو رجل أعمال تزوج من ابنة أردوغان "إسراء" عام 2004.
في 2015 قام أردوغان بتعيين صهره برات البيراق وزيرًا للطاقة والموارد الطبيعية. وفي 2018 تم تعيينه وزيرًا للخزانة والمالية بجانب عضويته بمجلس الشورى العسكري.
وفي 2018 نصب أردوغان نفسه رئيسًا لصندوق الثروة السيادي التركي، وقام بتعيين صهره "بيرات البيراق" نائبًا له. ونُشر القرار في صحيفة السجل التجاري التركي بتاريخ 29 نوفمبر 2018، وتوليته مسؤولية تمثيل صندوق الثروة والصناديق الفرعية التابعة له.
وبناءً عليه تم منحه سلطة توقيع من الدرجة A، تكون سارية حتى 11 سبتمبر 2021 بحيث يكون له سلطة توقيع غير محدودة.
وبهذا يكون للبيراق الحق في تعيين مديري الشركات الكبيرة التابعة لصندوق الثروة.
"البيراق" يعد مهندسًا لصفقات أردوغان ونجله "بلال" المشبوهة، ووفقًا لتقارير عالمية فإنه حول الصندوق السيادي التركي إلى خزينة خاصة بقصر الرئيس التركي.
فساد الابن الأكبر
بلال أردوغان، النجل الأكبر للرئيس التركي، والذي قام ببناء ثروته بالاستيلاء على مقدرات الشعب التركي دون وجه حق وبمساعدة العديد من رجال أبيه وعلى رأسهم الأمين العام لإدارة الأوقاف، حيث خصص لبلال أردوغان أراضٍ منتقاة وأبنية أثرية لمدة 49 عاماً دون مقابل.
كما قامت المديرية العامة للأملاك القومية بتخصيص 9 أفدنة و800 متر مربع إلى إحدى الأوقاف التابعة لبلال أردوغان لمدة 30 عاماً، وتمدد هذا الوقف بشكل كبير ليتكون من 21 مسكناً طلابياً، و3 أدوار ضيافة، و160 مليون ليرة تركية.
وفي الحقيقة أنه يستخدم الوقف كغطاء لإخفاء صفقاته المشبوهة وإدارة عملياته في غسيل الأموال، وفقًا للصحافة التركية.
كما كشف النائب السابق بحزب الشعب الجمهوري باريش ياركداش عن امتلاك بلال أردوغان 15 مطعماً وليس 5 كما زعم من قبل.
المقربون في البرلمان.. سائق "أردوغان" نموذجًا
قام أردوغان بمساعدة السائق الخاص به لمدة 20 عامًا ويدعى "أحمد حمدي شاملي" لكي يصبح نائبًا في البرلمان التركي، فضلًا عن مساندة كاتبه الشخصي "ايدين اونال" وقت توليه منصب رئيس الوزراء، لكي يصبح أحد نواب البرلمان التركي.
و"عمران كيليتش" صديق أردوغان في الخدمة العسكرية، والمستشار المالي الشخصي لأردوغان "فيدات دميروز"، وناجي أغبال الذي عمل مستشارًا لوزارة المالية أثناء رئاسة "أردوغان" للحكومة، أصبحوا جميعهم نوابًا بالبرلمان التركي.
فساد «العدالة والتنمية» قصة بلا نهاية
قضايا الفساد ومخالفة القانون هي السمة البارزة للحزب الحاكم، هذا ما كشفه رئيس وزراء تركيا السابق، أحمد داود أوغلو؛ إذ إن حكومة حزب العدالة والتنمية تتلاعب بالأرقام للتستر على وضعها الاقتصادي المتدهور، وتلجأ لفرض الضرائب ورفع أسعار السلع والخدمات لعلاج العجز الذي تسبب فيه فساد أردوغان وعائلته.
تقارير هيئة الإحصاء في تركيا كشفت عن ملف فساد جديد، ببلدية إسطنبول التي كانت تحت سيطرة حزب العدالة والتنمية الحاكم طيلة ١٧ عامًا، وأكدت البيانات الرسمية، أن سيارة تابعة لإدارة المياه والصرف الصحي ببلدية إسطنبول استهلكت بمبلغ ٤٢ ألفًا و٧٩٤ دولارًا، ديزل خلال عام واحد رغم قطعها كيلومترا واحدا فقط.
وأوضح تقرير هيئة الإحصاء أنه تم إثبات تزويد بعض السيارات غير المدرجة في قائمة السيارات الرسمية والمستأجرة الخاصة بإدارة المياه والصرف الصحي في إسطنبول بجانب استئجار مسؤول في المؤسسة لسيارة فارهة من البنك بشكل منافٍ للوائح المؤسسة.
وكشفت الأجهزة الرقابية عن أن رجل الأعمال آدم ألتونصوي، مالك جريدة يني شفق الموالية للنظام وصهر نوري ألبيرق، شقيق وزير المالية بيرات ألبيراق، حصل على ٢١٢ مناقصة من بلدية إسطنبول خلال ٨ سنوات (بداية من عام ٢٠١١).
وكشف أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، جانبًا من فساد حزب العدالة والتنمية، مشيراً إلى استئجار البلدية ٢٧٤١ سيارة، رغم وجود ٨١٥ مديرًا فقط يستخدمون السيارات، في حين أن بقية السيارات ذهبت بمعظمها إلى المحسوبين على الحزب الحاكم وأصدقائهم.
كما فضح أوغلو قرار منح أردوغان ١٤ مليار ليرة تركية 20.3 مليار دولار كدعم للشركات المقربة منه ومن حزبه الحاكم، وتضمن الدعم الإعفاء من جميع الضرائب لمدة عشر سنوات، ودفع رواتب معظم الموظفين الجدد، وقسم من فواتير الطاقة ومقتطعات التأمين الاجتماعي.
"أجامان بغايش".. السفير الفاسد
لم يتوقف اختيار الفاسدين من قبل "أردوغان" في البرلمان والحكومة، وإنما حرص على تعيينهم في السفارات الكبرى، حيث قام بإرسال توصية إلى التشيك بتعيين وزير شؤون الاتحاد الأوروبي السابق أجامان بغايش سفيرًا لأنقرة لديها، الذي كان قد تقدم باستقالته من وزارة الدولة لشؤون الاتحاد الأوروبي، بعد أن فضح تورطه في واقعة الفساد والرشوة وتبين أنه تلقى رشوة من رجل الأعمال الإيراني رضا ضراب، بقيمة ١.٥ مليون دولار أميركي.
كما أصدر قرارًا بتعيين أوميت أونال مديرًا عامًا على شركة الاتصالات الحكومية التركية ترك تيليكوم، الذي شارك في عمليات السيطرة على وسائل الإعلام المستقلة والمعارضة وإغراقها تمامًا قبل وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة في ٢٠١٦، مستغلا انشغال الرأي العام التركي بالأزمة الاقتصادية الطاحنة التي باتت تؤرق نوم الجميع.