فيضانات السودان.. أوجاع شعب لا تفارقه المعاناة

فيضانات السودان.. أوجاع شعب لا تفارقه المعاناة
صورة أرشيفية

أتت تبعيات فيضانات السودان لتزيد الوضع سوءًا لشعب يتجرع الفقر وتزيد معاناتهم أضعافها، ليجد الشعب نفسه بلا مأوى أو غذاء، مع تزايد دائرة الفقر في السودان والتي تتجاوز الـ 65% من إجمال الشعب السودان، وتزايد معاناة المواطنين مع نقص السلع الأساسية والخدمات داخل السودان .


وأدت الفيضانات إلى تزايد الأحمال على الحكومة الانتقالية في الوقت الحالي، وأشارت البيانات الرسمية أن حصيلة الوفيات جراء السيول والفيضانات ارتفعت لتصل إلى 130 قتيلاً، إلى جانب غرق قرى كاملة شمال العاصمة الخرطوم وتشريد أهلها.


وتأتي الكارثة الطبيعية وسط تزايُد وتفشي فيروس "كورونا" المستجد بين المواطنين السودانيين، إلى جانب استمرار العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان منذ عام 1993، ما يزيد الخناق على الوضع الاقتصادي السوداني ويخلف وراءه تبعيات في صعوبة إيجاد حلول سريعة للأزمات المتراكمة والمستجدة.
 
غرق المواطنين بين "كورونا" والفيضان


وعن تردي الأوضاع عقب الفيضانات قال المواطن السوادني أحمد بشير، في تصريحات لـ"العرب مباشر"، مزارع ويعول أسرة مكونة من 5 أفراد، إن منزله دمر بالكامل جراء الفيضان، مردفاً:" أن الحكومة الانتقالية لم تضع في حساباتها توقيت الفيضان ووضع آلية لمواجهته، حيث يبدأ موسم الأمطار الخريفية في السودان من يونيو، ويستمر حتى أكتوبر من كل عام، تواجه البلاد فيها سنويًا فيضانات وسيولاً واسعة، ورغم ذلك لم تُحرِّك الحكومة ساكنًا لمواجهة الأمر".


وأضاف: "في الوقت الذي نعاني فيه من إيجاد قوت يومنا وسط تردي الأوضاع الاقتصادية التي يتم التوصل لحلول لها، وتزايد نسبة الفقر وتزايد الأمراض، لافتًا أن طفله الذي لم يتجاوز من العمر 12 عامًا أصيب بفيروس كورونا المستجد ولم يجد تكلفة علاجه أو مستشفى يستقبل حالته".
 
تزايد البطالة وتسريح العمالة


ومن ناحية أخرى قال يوسف عمار، عاطل عن العمل ولديه أسرة مكونة من ثلاثة أفراد، في تصريحات لـ"العرب مباشر"، إنه كان يعمل عاملاً بأحد مصانع السيراميك بالعاصمة السودانية الخرطوم، ونتيجة تزايد الأزمة الاقتصادية تم الاستغناء عن نصف العمالة بالمصنع، ما أدى لتشريد أسرنا بالكامل، ومعظمنا الآن عاطل عن العمل فلا توجد أعمال متاحة، وعن تضرره من الفيضانات التي ضربت البلاد مؤخرًا، قائلاً: "كدت أفقد زوجتي وأكبر أبنائي جراء الفيضان ولم تتحرك الحكومة الحالية لحل الأزمة، بل إن القرى في شمال السودان غرقت بالكامل دون أن تتحرك الحكومة لإرسال إغاثات سريعة للقرى التي نقيم فيها، والتي ضربها من قبل فيروس كورونا ولم تتحرك الحكومة لتوفير مراكز للعلاج".
 
غرق قرية التمانيات كاملة جرّاء الفيضانات


ومن جانبه قال "إبراهيم تحسين"، مدرس تعليم أساسي، في تصريحات لـ"العرب مباشر"، إنه نتيجة لتزايد حالات الفقر بالسودان وانهيار العملة أمام العملة الأميركية، أدى الأمر لارتفاع أسعار السلع الأساسية ومن ثم نقصها في الأسواق، هذا إلى جانب نقص الأدوية وسط تفشي أعداد إصابات كورونا داخل البلاد وعلم الحكومة بذلك، وتابع أنه فوق تلك الكارثة التي يعيشها السوادنيون، أتت السيول والفيضانات لتقضي على الرمق الأخير للحياة، وأوضح أن منزله كان ضِمن المنازل التي انهارت بالكامل بقرية التمانيات شمال العاصمة الخرطوم ما أدى لتشريد أسرته بالكامل، وغرق منازل أعمامه بالقرية ذاتها ووفاة عمه الأكبر جراء السيول، ورغم علم الحكومة بالموعد السنوي لتلك السيول إلا أنها لم تضع في حساباتها وسائل لمواجهتها مثل باقي الدول.


 
غرق قرية "التمانيات" كاملة وتشريد 350 أسرة


يُذكر أن البيان الصادر عن المتحدث باسم المجلس القومي للدفاع المدني، العقيد "عبد الجليل عبدالرحيم"، يوم الاثنين الماضي، ذكر أن "عدد الوفيات ارتفع إلى 102 جراء السيول والفيضانات، فضلاً عن غرق قرية "التمانيات" بالكامل، شمال العاصمة السودانية". 


وأوضح أن "عدد المنازل المتضررة من الفيضانات في زيادة مستمرة وبعضها انهار بالكامل، كما تعرضت مناطق جديدة في الخرطوم لأضرار فيضان النيل خلال يومي الأحد والاثنين، بينها منطقتا "اللاماب" جنوب وأم دوم شرق البلاد".


بالإضافة إلى ذلك غرق جميع منازل قرية "التمانيات"، البالغ عددها 350 منزلاً وانهارت بالكامل، وبات السكان يقيمون في العراء ويحتاجون إلى خيام للمأوى، هذا بخلاف تدمير زراعات في أكثر من 1500 فدان.
 
إعلان السودان منطقة كوارث طبيعية


ومن ناحيته أعلن مجلس الأمن والدفاع في السودان بالتزامن مع كارثة الفيضان، حالة الطوارئ  في كل أنحاء البلاد مدة ثلاثة أشهر.


 وقالت وكالة الأخبار السودانية "سون": إن المجلس قرر اعتبار السودان منطقة كوارث طبيعية وتشكيل لجنة عليا لدرء آثار السيول والفيضانات لخريف 2020 ومعالجتها، برئاسة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وعضوية كل الوزارات والولايات والجهات ذات الاختصاص لتنسيق الموارد وتوظيفها وتكامل الأدوار المحلية والإقليمية والعالمية.


وبحسب الوكالة، أُعلن ذلك خلال الاجتماع  الأخير للمجلس مساء يوم الجمعة في القصر الجمهوري واستعراضه تقارير الخريف والفيضانات لهذا العام، كما أعلن أيضًا عن تشكيل لجنة عليا برئاسة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لمواجهة تداعيات الأزمة.


وقالت وزيرة العمل والتنمية الاجتماعية، "لينا الشيخ": إن المجلس استمع للتقارير المتعلقة بفيضانات هذا العام ووقف على حجم الخسائر البشرية والأضرار المادية التي أسفرت عن تأثر 16 ولاية من ولايات السودان، وتضرر أكثر من نصف مليون نسمة وانهيار كلي وجزئي لأكثر من 100 ألف منزل.


وأشارت إلى أن معدلات الفيضانات والأمطار لهذا العام تجاوزت الأرقام القياسية التي رُصدت خلال عامَيْ 1946 و1988 مع توقعات باستمرار مؤشرات الارتفاع.
 
تزايُد نسبة البطالة والفقر بشكل متسارع

في بيان أمس، قالت وزيرة المالية والتخطيط الاقتصادي المكلفة في السودان، الدكتورة "هبة محمد علي"، إن المؤتمر الاقتصادي المقرر عقده في 28 سبتمبر الحالي، هو وسيلة لوضع مشروع نهضوي قومي يعالج الخراب الذي أحدثه النظام البائد.


وأوضحت أن دواعي إقامة المؤتمر الاقتصادي تتمثل في إشراك كل أصحاب المصلحة، بمنظوماتهم المختلفة، في وضع السياسات واتخاذ القرار، بغرض صنع مشروع وطني لإعادة الإعمار والنهوض بالبلاد تتوفر له أكبر مظلة شعبية تدعمه لينجح ويستمر. وقالت إن المؤتمر الاقتصادي القومي الأول هو الوسيلة المثلى لإدارة حوار مجتمعي واسع بين الحكومة والولايات والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات النسوية والشبابية والجامعات وهيئات البحث العلمي والاقتصادي والاجتماعي.


وقالت: إن المشروع الوطني ينقسم إلى مراحل، إسعافية في المدى القريب وبعده المدى المتوسط ثم البعيد المدى، لافتة إلى أنه يمثل آلية مناسبة لإشراك كل أصحاب المصلحة في وضع خطة لمستقبل البلاد، وتطبيق أهداف ثورة ديسمبر، والتأسيس لدولة تنموية ديمقراطية، ومعالجة الخلل الهيكلي في الاقتصاد السوداني، وتضارب السياسات المالية والنقدية، إلى جانب بحث أسباب ضعف الإنتاج والصادرات وزيادة الطلب على الواردات، ما أدى إلى اختلال الميزان التجاري، إضافة إلى التضخم، وانخفاض قيمة العملة الوطنية، وارتفاع نسبة البطالة، ووصول حد الفقر إلى 65 في المئة.


وأعربت الوزيرة السودانية عن أملها في أن تخرج توصيات المؤتمر بوضع سياسات مترابطة ومنسجمة، مالية ونقدية، موحدة تتماشى مع السياسات العامة للدولة في المجالات كافة، وفق تحديد دقيق للأولويات وصيانة الموارد.