ذعر الأتراك من "مقاطعة المنتجات التركية.. موردون ومصنعون: "أردوغان" جلب الخراب
لم تكن مجرد تغريدات أطلقها آلاف المغردين لمقاطعة المنتجات التركية عبر تويتر، إنما تصدر وسم "قاطعوا المنتجات التركية" قائمة الأكثر تداولا بموقع "تويتر"، وذلك ردا على سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ودعمه للإرهاب وتدخلاته في الشؤون العربية، ولاقت تلك الدعوات رعبا كبيرا لدى الصناع وصغار المستثمرين الأتراك.
رد شعبي عربي على سياسة أردوغان
أطلق الدعوة الأمير السعودي عبد الرحمن بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود، موضحا أنها تأتي في إطار رد شعبي على سياسة أردوغان تجاه الرياض، ولا تستهدف الشعب التركي.
وأوضح خلال تغريدة على حسابه بموقع تويتر: "أقل رد على سياسات أردوغان وتصريحاته المسيئة لبلادنا هو تفعيل المقاطعة للمنتجات التركية إلى أن يكف عن أفعاله.. هذه حملة شعبية تصرف فيها السعوديون بفطرة وحب مشهود ومعهود لوطنهم أثبتته المواقف، وتثبّته".
ردود فعل تركية رسمية مرتبكة
وأثارت الدعوات التي أطلقها المغردون، حالة من الفزع لدى رجال الأعمال والصناع الأتراك، حيث عبرت رئيسة مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال في المنطقة الصناعية فيدميرتاش بمدينة بورصة، عن قلقها من المقاطعة الشعبية السعودية وكذلك من المقاطعة المغربية من الضرائب التي فرضتها المغرب على 1200 منتج تركي، وقالت دميرتاش نيلوفر تشفيكال إنها ستضر على المدى الطويل.
وأضافت رئيسة الجمعية، أنه عقب الدعوات لمقاطعة المنتجات التركية، أصدر المغرب بيانًا أعلن فرض ضرائب إضافية بنسبة 90% على 1200 منتج تركي، نقلاً عن صحيفة "حرييت" التركية المملوكة لأردوغان.
وعلقت رئيسة الجمعية، على ذلك موضحة أن الأحداث الجارية مقلقة ومؤذية للاقتصاد، مردفة: "سيتم فرض ضرائب إضافية في المغرب على السلع المستوردة من تركيا، وخاصة المنسوجات والملابس والجلود والسيارات والمعادن والخشب والمواد الكهربائية.
والسعودية الآن فيها رفض للتعامل مع السوق التركية".
وقالت: "إن الحجم الاقتصادي الذي تم تحقيقه مع كِلا البلدين ليس رقمًا يمكن المخاطرة به بسهولة".
حجم التبادل التجاري بين السعودية وتركيا
ويعتمد الاقتصاد التركي بدرجة كبيرة على علاقاته مع الرياض، وكانت العلاقات الاقتصادية السعودية التركية قد شهدت نموا كبيرا خلال السنوات العشر الماضية والتي سبقت المقاطعة العربية والحرب التي يقودها الرباعي ضد التطرف في المنطقة، حيث وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام 2016 إلى 22 مليار ريال أي ما يعادل 5 مليارات دولار أميركي. ووفقًا للأرقام الصادرة عن مجلس المصدرين الأتراك، فقد بلغت قيمة الصادرات إلى السعودية 3.2 مليار دولار في عام 2019، و159 مليون دولار من هذا الرقم كانت من نصيب مدينة بورصة.
ذعر التجار والصناع في تركيا
وانتقلت حالة الخوف والذعر من الدعوات السعودية والعربية، مؤكدين أن السبب الرئيسي فيما يتعرضون له ليس استهدافا سعوديا ولا عربيا، وإنما ناتج عن سياسات الرئيس التركي، وتعامله على نحو مثير للإزعاج للمنطقة العربية، التي تعد كبرى الأسواق لتركيا.
وقال "دولت أوغلو"، صاحبة مصنع للمنسوجات في منطقة بورصة: "دعوات المقاطعة من شأنها أن تعرض المصنعين لأضرار بالغة، خاصة مع المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها تركيا والدول الأخرى الناجمة عن تفشي كورونا"، لافتًا أن صناعة المنسوجات والمفروشات التركية تعتمد بشكل كبير على السوق السعودي، ولاسيما المصري.
وأضاف لـ"العرب مباشر": "منذ عامين ونجد صعوبة في تسويق المنتجات بالسوق المصري نظرًا للخلافات بين النظام التركي والنظام المصري، وهو ما أفقدنا خسائر بالغة، وها نحن في الوقت الحالي ننتظر الصفعة من السوق السعودي. ولكن دعونا نتساءل مَن السبب؟ هل السعوديون؟ هل المصريون؟ للأسف إنه أردوغان وحده مَن يتحمل مسؤولية ما نمر به نتيجة إصراره على صنع الأعداء".
الدعوات ستلحق ضررا كبيرا بتركيا
من جانبه أكد رئيس مجلس إدارة جمعية مصنعي ورجال أعمال المنسوجات المنزلية بتركيا "حسن حسين بايرام" قائلاً: "إن مقاطعة المنتجات التركية من السعوديين، وكذلك تطبيق زيادة في الضرائب استهدف أكثر من 1200 منتج تركي من قِبل المسؤولين في المغرب، من شأنها أن تلحق الضرر بتركيا."
وشدد "بايرام" على أن الدعوة التي وجهها رئيس مجلس الغرف التجارية السعودية ورئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض عجلان العجلان لمقاطعة المنتجات التركية، والزيادة في الضرائب التي فرضها المغرب على 1200 منتج تركي هي أيضًا قرارات سيئة للغاية.
وفي هذا السياق يقول "مهمت بهولشي"، مالك إحدى شركات الاستيراد والتصدير، في إسطنبول، إن خسارة السوق العربي سوف تؤدي إلى أزمة اقتصادية كبيرة للبلاد، مؤكدا أن المنتج التركي يعتمد بالدرجة الأولى على السوق العربي ولا يجد له حظا كبيرا في أوروبا وإفريقيا.
وأضاف في تصريحات لـ"العرب مباشر"، أن شركته تعتمد على التوريد إلى المنطقة العربية، وبقرار المقاطعة ورفع الضرائب بالمغرب، فإن الشركة لن تتحمل قدرتها على الاستمرار، مطالبا "أردوغان" بضرورة تصليح العلاقات مع أصدقاء تركيا وأن يكف عن خسارة الدول، لأن ذلك من شأنه تجويع الشعب – على حسب قوله-.
تابع: "سأبدأ بنفسي وفي حال استمرت هذه الممارسات، فسوف أضطر إلى إغلاق شركتي، أو تغيير نشاطها مما سيضطرني إلى تخفيف العمالة أو تسريحها كاملة، وأعتقد أن هذا لن يكون قراري منفردا،مما يعني أن عمليات التسريح ستتوالى وبالتالي ستزداد البطالة فور انسحاب الشركات التركية العاملة في المنطقة".
نواب أتراك يحذرون من تجاهل دعوات المقاطعة
من ناحية أخرى، حذر النائب التركي عن حزب الشعب الجمهوري بمدينة هاتاي، محمد جوزال منصور، من أن تؤدي أزمة حظر البضائع التركية الذي فرضته المملكة العربية السعودية، جراء سياسات أردوغان، إلى إفلاس المصدرين الأتراك.
واتهم "جوزال منصور"، حكومة بلاده بعدم الاهتمام بقضايا المصدرين، في ظل ما تواجهه أنقرة من الأزمات، على رأسها الكارثة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، مضيفاً: "أن بلاده ليست لديها القدرة أن تتحمل مزيدًا من الخسارة في الوقت الراهن، سواء علاقاتها التجارية بالمملكة العربية السعودية أو غيرها من دول الشرق الأوسط".