محلل سياسي سوداني: الحرب تدخل مرحلة اللاعودة وتحذيرات دولية من انفجار إنساني وشيك
محلل سياسي سوداني: الحرب تدخل مرحلة اللاعودة وتحذيرات دولية من انفجار إنساني وشيك
يدخل السودان عامه الثالث في واحدة من أعقد الحروب التي شهدتها القارة الإفريقية، وسط تصاعد القتال بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، وتدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية بصورة غير مسبوقة. ومع استمرار المعارك في الخرطوم ودارفور وكردفان، تزداد المخاوف الدولية من انزلاق البلاد نحو مرحلة أكثر خطورة تهدد وحدة السودان واستقراره الإقليمي.
وتشير التقارير الأممية، أن الحرب تسببت في نزوح ملايين المدنيين داخل البلاد وخارجها، إضافة إلى انهيار الخدمات الأساسية، ونقص حاد في الغذاء والدواء، ما دفع منظمات دولية إلى التحذير من كارثة إنسانية وشيكة إذا لم يتم التوصل إلى هدنة شاملة في أقرب وقت.
وفي أحدث البيانات، حذرت الأمم المتحدة من أن استمرار القتال سيقود إلى مجاعة واسعة، خاصة في المناطق المحاصرة، حيث يواجه السكان صعوبة في الحصول على المساعدات بسبب اشتداد العمليات العسكرية. كما دعت القوى الدولية إلى فتح ممرات آمنة لإيصال الإغاثة ووقف الهجمات على البنية التحتية الحيوية.
من جانبه، قال مسؤول أممي: إن الصراع في السودان لم يعد مجرد مواجهة عسكرية، بل تحول إلى "حرب استنزاف طويلة" تهدد بتفكك الدولة، موضحًا أن غياب الإرادة السياسية لدى طرفي النزاع يعقّد فرص العودة إلى طاولة المفاوضات، رغم الجهود الإقليمية والدولية المبذولة.
ويؤكد مراقبون، أن الأزمة تتفاقم بسبب التدخلات الخارجية وتمدد المليشيات في مناطق واسعة، ما يجعل السيطرة على الأرض متغيرة بشكل مستمر، ويضعف قدرة الأطراف على الوصول إلى تسوية سياسية مستقرة. كما تتزايد المخاوف من اتساع رقعة الصراع نحو دول الجوار، خاصة مع تدفق اللاجئين بأعداد كبيرة.
وتشير التقارير الدبلوماسية، أن المجتمع الدولي يفكر حاليًا في خيارات أكثر صرامة، من بينها فرض عقوبات على قادة الأطراف المتحاربة، ودعم مبادرات الضغط الإقليمي عبر الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية. إلا أن نجاح هذه الخطوات يظل مرهونًا بوقف فوري لإطلاق النار، وهو ما يبدو بعيد المنال في ظل التعقيدات الحالية.
وبينما يواصل السودانيون حياتهم وسط الظروف القاسية، تتصاعد الأسئلة حول مستقبل البلاد، في ظل غياب رؤية واضحة للحل واستمرار النزاع الذي لم يترك مجالاً لإعادة الإعمار أو استعادة مؤسسات الدولة.
ومع مرور أكثر من عامين على اندلاع الحرب، يقف السودان على مفترق طرق خطير، بين تفكك محتمل، أو فرصة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إذا ما توحدت الجهود الدولية والإقليمية لإنهاء هذا الصراع المدمر.
وقال المحلل السياسي السوداني د. ياسين الطيب: إن السودان يقف أمام منعطف خطير بعد مرور أكثر من عامين على اندلاع الحرب، مؤكدًا أن الصراع بين الجيش والدعم السريع دخل مرحلة “اللاعودة” ما لم يحدث تدخل إقليمي ودولي أكثر جدية لفرض وقف فوري لإطلاق النار.
وأوضح الطيب، أن المعارك التي تتوسع جغرافيًا بصورة مستمرة تُظهر أن كلاً من الطرفين يسعى لتحقيق مكاسب ميدانية قبل أي تسوية سياسية، وهو ما يعقّد المسار التفاوضي ويفاقم الأزمة الإنسانية التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها “واحدة من الأسوأ عالميًا”.
وأشار إلى أن التحذيرات الدولية الأخيرة ليست مجرد بيانات سياسية، بل تعكس وجود قلق حقيقي من انهيار شامل قد يطال مؤسسات الدولة كافة، خاصة مع تدهور الخدمات الصحية والتعليمية ونقص الغذاء والدواء، الأمر الذي يضع ملايين السودانيين أمام كارثة وشيكة.
وأضاف المحلل السوداني للعرب مباشر، أن استمرار القتال دفع مئات الآلاف للنزوح من مناطق دارفور وكردفان والخرطوم، محذرًا من أن موجات النزوح الجديدة قد تشعل أزمات إقليمية في دول الجوار التي تستقبل أعداداً متزايدة من اللاجئين.
وأكد الطيب، أن غياب الإرادة السياسية لدى طرفي النزاع يفتح الباب أمام مستقبل أكثر قتامة، مشددًا على ضرورة تفعيل ضغوط دولية حقيقية، من بينها عقوبات مستهدفة على قيادات عسكرية وسياسية تعرقل جهود السلام.
واختتم قائلاً: إن السودان بات بحاجة لمسار سياسي جديد يشارك فيه الفاعلون المحليون والإقليميون والدوليون، لضمان إعادة بناء مؤسسات الدولة ووقف التدهور المتسارع، محذرًا من أن استمرار الحرب سيؤدي إلى “انهيار قد يصعب تداركه لسنوات طويلة”.

العرب مباشر
الكلمات