إيران وسوريا بعد سقوط النظام السابق.. شراكة أم خصومة جديدة؟.. خبراء يجيبون

إيران وسوريا بعد سقوط النظام السابق.. شراكة أم خصومة جديدة؟.. خبراء يجيبون

إيران وسوريا بعد سقوط النظام السابق.. شراكة أم خصومة جديدة؟.. خبراء يجيبون
سوريا وإيران

مع سقوط النظام السوري السابق ودخول البلاد في مرحلة جديدة من إعادة التشكيل السياسي، تجد إيران نفسها أمام تحدٍ استراتيجي لإعادة ترتيب علاقتها مع سوريا. 

العلاقة التي كانت تمثل نموذجًا للتحالف الإقليمي ضد النفوذ الغربي والإسرائيلي باتت الآن موضع مراجعة. 

النظام السوري الجديد يسعى لإعادة ترتيب أولوياته داخليًا وخارجيًا، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات الإيرانية-السورية. فهل ستتمكن طهران من الحفاظ على موقعها كحليف استراتيجي لدمشق؟ أم أن الرياح الجديدة ستغير مسار هذه العلاقة نحو أفق مختلف؟ 

اختبار النفوذ الإيراني في سوريا الجديدة


لطالما كانت سوريا تحت قيادة النظام السابق شريكًا أساسيًا في "محور المقاومة" الذي تقوده إيران. ومع سقوط هذا النظام، باتت إيران تواجه تحديًا في الحفاظ على نفوذها الاستراتيجي.

يقول المحلل السياسي السوري عبد الرحمن ربوع: إن طهران باتت تعتمد على المشاورات غير الرسمية مع الإدارة السورية الجديدة، وهو مؤشر على حذرها من تبني مواقف صريحة قد تصطدم مع التوجهات السورية الجديدة.

وأضاف في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن التوترات برزت بشكل أكبر مع الهجوم على السفارة الإيرانية في دمشق، الذي يعكس غضبًا شعبيًا متزايدًا تجاه النفوذ الإيراني.

هذا بجانب تعليق الرحلات الجوية بين طهران ودمشق الذي أضاف مزيدًا من التعقيد إلى المشهد، حيث يرمز إلى تراجع مستوى التنسيق بين الطرفين. 

التحديات الإقليمية والدولية


من جانبهم، يرى مراقبون، سوريا أصبحت ساحة تنافس بين قوى إقليمية ودولية، مما يزيد من صعوبة مهمة إيران في الحفاظ على نفوذها، حيث تسعى الدول العربية لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية وتقليص النفوذ الإيراني، بينما تنظر إسرائيل والولايات المتحدة إلى الوجود الإيراني في سوريا كتهديد مباشر.

في الوقت ذاته، تسعى الإدارة السورية الجديدة لإعادة بناء علاقاتها مع دول مثل تركيا، وهو أمر لطالما رفضه النظام السابق. إذا قررت دمشق اتخاذ خطوات تقارب مع أنقرة أو الدول العربية، فقد تجد إيران نفسها مضطرة لتغيير نهجها الاستراتيجي للحفاظ على مصالحها. 

هل تنجح إيران في التكيف؟


تشكل التحولات الحالية اختبارًا لمشروع إيران الإقليمي. فهي أمام خيارين: إما التكيف مع التغيرات واتباع نهج جديد يقوم على الاحترام المتبادل، أو مواجهة خطر خسارة نفوذها في سوريا. 

يقول د. طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية: إن التحديات التي تواجه إيران في سوريا تتجاوز البُعد الإقليمي لتشمل إعادة صياغة دورها الاستراتيجي في المنطقة.

وأضاف فهمي في حديثه لـ"العرب مباشر"، أن الإدارة السورية الجديدة تسعى إلى الاستقلالية في صنع القرار، وهو ما يُفقد إيران تأثيرها المباشر.

وتابع: الضغط الشعبي المتزايد ضد النفوذ الإيراني، بالإضافة إلى التقارب المحتمل بين سوريا ودول عربية أخرى، يشير أن طهران قد تضطر لتقديم تنازلات لضمان بقائها لاعبًا مؤثرًا.

وأشار، أن هذا لا يعني نهاية النفوذ الإيراني، بل بداية مرحلة جديدة قد تعتمد على استراتيجيات أكثر توافقًا مع المتغيرات.

وأوضح فهمي، أن إيران اعتادت العمل مع نظام مركزي قوي، لكن الوضع الجديد في سوريا يتطلب التعامل مع حكومة تسعى لتحقيق توازنات داخلية وخارجية، موضحًا أن النفوذ الإيراني قد يتعرض لضغوط ليس فقط من القوى الإقليمية، بل أيضًا من الشعب السوري الذي بات يُظهر رفضًا للوجود الإيراني.

جسرًا استراتيجيًا


من جهته، قال د. محمد محسن خبير الشؤون الإيرانية: إن إيران تنظر إلى سوريا كجزء من مشروع أوسع لتعزيز نفوذها في المنطقة.

وأوضح محسن في حديثه لـ"العرب مباشر"، رغم التحديات التي تواجهها طهران، فإنها لن تتخلى بسهولة عن سوريا، لأنها تمثل جسرًا استراتيجيًا بين طهران وحزب الله في لبنان.

وأشار، إن الإدارة السورية الجديدة قد تضغط لإعادة تعريف العلاقة بما يحقق مكاسب متبادلة أكثر وضوحًا.

واختتم، بالنسبة لإيران، هذا التحدي يمثل اختبارًا لقدراتها الدبلوماسية، حيث ستحتاج إلى تعزيز تعاونها بطرق جديدة تحافظ على نفوذها دون إثارة غضب الشعب السوري.