بي بي سي: قطر وتركيا تدعمان طالبان لخلق علاقات خارجية مع دول العالم
كشفت شبكة بي بي سي عن دعم قطر وتركيا لطالبان
كشف تقرير لشبكة "بي بي سي" البريطانية، عن حقيقة الدعم الذي تقدمه قطر وتركيا لحركة طالبان الإرهابية، وكيف أصبحتا البلدان هما شريان الحياة للحركة الإرهابية مع العالم الخارجي.
وقالت "بي بي سي": إن نيران طالبان الاحتفالية انطلقت فوق كابول مع انسحاب الغرب هذا الأسبوع، لكن التطرف الذي تتبناه الحركة سيتركها معزولة عالميًا، حيث يواجه ملايين الأفغان مستقبلًا أكثر غموضًا فى ظل حكم طالبان المتشددة.
وسطاء مع الإرهاب
وأضافت الشبكة: أنه فى ظل تدافع القوى العالمية الآن لممارسة نفوذها مع عودة الحكام المتشددين فى البلاد، برزت قطر وتركيا في هذه العملية كوسطاء وميسرين رئيسيين لحساب حركة طالبان المتطرفة.
وبحسب الشبكة، فإن كلاهما يستفيد من وصول طالبان الأخير، إلا أن كليهما يخوض مغامرة أيضًا بهذا الدعم لحركة متطرفة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تأجيج الخصومات القديمة في مناطق أبعد في الشرق الأوسط.
وتؤكد "طالبان" أن المسؤولين في دولة قطر الصغيرة الغنية بالغاز في الخليج كانوا بمثابة شريان الحياة لحركة طالبان، خصوصا في التفاوض مع الدول التي قررت الخروج من أفغانستان.
مخاطر رعاية الإرهاب
وفي الوقت ذاته، أشارت الشبكة البريطانية إلى مخاطر ما تقوم به قطر وتركيا من رعاية للجماعة الإرهابية، مؤكدة أن تمهيد الطريق أمام طالبان قد لا يزال يحتوي على مخاطر في المستقبل، بما في ذلك القدرة على تفاقم أحد خطوط الصدع في الشرق الأوسط، خصوصًا وأن تركيا وقطر أقرب إلى الحركات الإسلامية المتطرفة في المنطقة، الأمر الذي يخلق توترا في المنطقة.
وطرحت "بي بي سي" تساؤلاً: إذا تم تعزيز الدولتين من خلال ممارسة دبلوماسية العالم مع طالبان في جنوب آسيا، فهل يمكن أن تنتقل موجات الإرهاب إلى الشرق الأوسط؟
وتجيب الباحثة دينا اسفندياري، على هذا التساؤل، مؤكدة أن عودة طالبان إلى السلطة تشكل تحولًا متجددًا نحو الإسلاموية - وهي أيديولوجية سياسية تسعى إلى إعادة تنظيم الحكومة والمجتمع وفقًا لنسخة متطرفة من الشريعة الإسلامية - لكنها تقول إن هذا النموذج لا يزال محجمًا في جنوب آسيا الآن.
وأضافت: "إذا كان هذا هو الحال في أفغانستان، فهذا لا يعني أن هذا هو الحال بالنسبة [للشرق الأوسط]. فعلى مدار السنوات العشر الماضية، تأرجحت المنطقة ذهابًا وإيابًا دون توقف بين الجماعات الإسلامية والجماعات المضادة لها".
تطور اتصالات قطر وتركيا بطالبان
وأضافت: أنه بالنسبة لقطر وتركيا، تطور الاتصال مع طالبان بطرق مختلفة، بينما سعت إدارة الرئيس باراك أوباما إلى إنهاء الحرب، واستضافت قطر قادة طالبان لمناقشة جهود السلام منذ عام 2011.
ووصفت الشبكة البريطانية ما كانت تقوم به قطر بأنه كان عمليات مثيرة للجدل. فقد أثار مشهد علم طالبان وهو يرفرف في ضواحي الدوحة إهانة للكثيرين، (وقام القطريون بتقصير سارية العلم بعد طلب أميركي).
أما بالنسبة للقطريين، فقد ساعدت محادثات طالبان في تطوير طموح الدوحة.
وتُوجت محادثات الدوحة باتفاق العام الماضي في عهد الرئيس دونالد ترامب للانسحاب الأميركي من أفغانستان بحلول مايو من هذا العام، وبعد توليه منصبه، أعلن جو بايدن أنه يمدد الموعد النهائي للانسحاب الكامل حتى 11 سبتمبر.
تفاؤل حذر
وأشارت الشبكة إلى تركيا التي تتمتع بعلاقات تاريخية وعرقية قوية في أفغانستان، كانت على الأرض مع وجود قوات غير قتالية باعتبارها العضو الوحيد ذي الأغلبية المسلمة في حلف الناتو هناك.
ووفقًا للمحللين، فقد طورت علاقات استخباراتية وثيقة مع بعض الميليشيات المرتبطة بطالبان، كما أن تركيا حليف لباكستان المجاورة، التي ظهرت منها طالبان لأول مرة في معاهدها الدينية.
وفي الأسبوع الماضي، أجرى المسؤولون الأتراك محادثات مع طالبان استمرت أكثر من ثلاث ساعات، حيث اجتاحت الفوضى مطار كابول. وكانت بعض المناقشات تدور حول مستقبل تشغيل المطار نفسه، الذي تحرسه القوات التركية لمدة ست سنوات. وكانت طالبان قد أصرت بالفعل على انسحاب الجيش التركي مع جميع القوات الأجنبية الأخرى لإنهاء "احتلال" أفغانستان. لكن محللين يقولون إن اجتماع الأسبوع الماضي بدا وكأنه جزء من جدول أعمال أوسع.
وقال الرئيس رجب طيب أردوغان: إنه ينظر إلى رسائل قادة طالبان "بتفاؤل حذر"، وأضاف أنه "لن يحصل على إذن من أي شخص" بشأن من سيتحدث إليه، عندما سئل عن الانتقادات بسبب الاتصال بالمجموعة.
دعم أردوغان لطالبان
وقال خلال مؤتمر صحفي: "هذه دبلوماسية"، مضيفًا أن "تركيا مستعدة لتقديم كل أنواع الدعم لوحدة أفغانستان لكنها ستتبع مسارًا شديد الحذر".
ويعتقد البروفيسور أحمد قاسم هان، خبير العلاقات الأفغانية في جامعة ألتينباس بإسطنبول، أن التعامل مع طالبان يوفر للرئيس أردوغان فرصة، وأنه "لجعل قبضتهم على السلطة مستدامة، تحتاج طالبان إلى مساعدات واستثمارات دولية لتستمر. طالبان ليست قادرة حتى على دفع رواتب موظفيها الحكوميين اليوم".
ويقول: إن تركيا قد تحاول وضع نفسها على أنها "ضامن ووسيط وميسر" -كوسيط أكثر ثقة من روسيا أو الصين- الذين أبقوا سفاراتهم مفتوحة في كابول.
مخاطر السمعة
وبحسب الشبكة البريطانية، حاولت العديد من الدول الحفاظ على شكل من أشكال الاتصال مع طالبان منذ استيلائها على كابول، ولاسيما من خلال قناة الدوحة، لكن تركيا من بين من هم في وضع أقوى لتطوير العلاقات على الأرض. وإن كانت المسألة محفوفة بالمخاطر.
ويعتقد البروفيسور هان أيضًا أن المزيد من العلاقات في أفغانستان تسمح للرئيس أردوغان "بتوسيع رقعة الشطرنج" في سياسته الخارجية واللعب مع قاعدة دعم حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه، لافتًا إلى أن طالبان تتعامل مع تركيا باعتبارها كانت مقرًا للخلافة.
وحذر من أن تركيا أصبحت الراعي لإقامة نظام شرعي يتسم بالوحشية في ممارساته، ما يعرض تركيا لانتقادات حقوق الإنسان.
وأشار إلى أن تحرك أردوغان له دوافع أكثر "عقلانية" أيضًا - من خلال تحسين علاقات تركيا المتوترة مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وبناء النفوذ لمنع تدفق اللاجئين الأفغان إلى تركيا.
إرهاب قطر
أما بالنسبة لقطر، فسيأمل المسؤولون أن يؤدي دورها كوسيط إلى تقليص سنوات الاضطرابات في الخليج بدلاً من تفاقمها.
وأشار التقرير إلى اتهامات تحاصر الدوحة فيما يتعلق بالجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط، وهي الصورة التي تلاحق الدوحة منذ 2017، الأمر الذى دفع جيرانها لمقاطعتها.
وأضافت البي بي سي، أنه في الوقت الحالي، مع وجود حالة من الغموض الشديد لشعب أفغانستان، تعد قطر وتركيا من بين أولئك الذين يتحدثون إلى طالبان بالنسبة للكثيرين في العالم الخارجي؛ بينما تتنافس الصين وروسيا أيضًا على الوصول المستقبلي إلى كابول.