تحديات معقدة.. ما هي أولويات إدارة ترامب في الشرق الأوسط
تحديات معقدة.. ما هي أولويات إدارة ترامب في الشرق الأوسط
في أولى ملامح سياساته الخارجية تجاه الشرق الأوسط، يرسم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مسارًا يبدو مختلفًا عما سبقه، من الصراع في غزة إلى أزمات لبنان، ومن النفوذ الإيراني في المنطقة إلى مستقبل سوريا، تتشابك الملفات في استراتيجية معقدة لإعادة ترتيب الأولويات الأميركية.
تصريحات مستشاره لشؤون الشرق الأوسط، مسعد بولس، تعكس نظرة إدارة ترامب الجديدة، التي تسعى لجمع تناقضات المنطقة في إطار رؤية شاملة، تُحاكي الأمن الإقليمي وتضع ضغوطًا مركزة على الخصوم التقليديين مثل إيران.
ومع دخول الإدارة الأميركية الجديدة، يبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد تحولات جذرية، وسط تباين في الرؤى الدولية والمحلية.
*اتفاقيات حاسمة في غزة*
أكد مسعد بولس، مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط، أن الخطوط العريضة لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة باتت جاهزة، ولم يتبق سوى تفاصيل دقيقة تتعلق بأعداد المحتجزين المقرر الإفراج عنهم.
وأشار بولس إلى أولوية الإدارة المقبلة في ضمان إطلاق سراح الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس، معتبرًا أن مصيرهم يجب أن يكون منفصلًا عن مستقبل الحكم في غزة، وفقًا لـ"صحيفة «لوبوان» الفرنسية".
كما شدد على أن ترامب يرى انتهاء الحرب في غزة كفرصة لإطلاق سراح المحتجزين فورًا، بعيدًا عن أي ارتباط بمفاوضات سياسية أو عسكرية لاحقة.
*لبنان.. ضبط السلاح ومراقبة التنفيذ*
حول لبنان، تحدث بولس عن تغيرات كبيرة أفرزتها الحرب الأخيرة، حيث أشار إلى تدمير 70% من الترسانة الاستراتيجية لحزب الله.
ويرى أن الجيش اللبناني بات يتمتع بصلاحيات واسعة لتنفيذ اتفاقية وقف إطلاق النار، بما في ذلك السيطرة على تدفق الأسلحة عبر الحدود السورية ومرافق النقل الحيوية في بيروت.
وأشار بولس إلى دور لجنة المراقبة الدولية، التي ستضمن تنفيذ الاتفاقية بدقة. وأضاف أن الأخطاء التي شابت تنفيذ القرار 1701 بعد حرب 2006 لن تتكرر، مؤكدًا على التزام واشنطن وباريس بمتابعة التنفيذ بشكل مباشر.
رغم استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان، بدا بولس غير متعجل بشأن انتخاب رئيس جديد، مشيرًا إلى أن الحل يجب أن يكون جزءًا من صفقة شاملة تشمل إصلاحات هيكلية لإعادة بناء المؤسسات اللبنانية.
*سوريا وإيران.. معادلات معقدة وضغوط متزايدة*
فيما يتعلق بسوريا، تجنب بولس تقديم تفاصيل مباشرة عن موقف إدارة ترامب من الرئيس بشار الأسد، لكنه أوضح أن الوضع معقد ويتغير باستمرار.
ولفت أن أطرافًا دولية مثل روسيا وتركيا وإيران ستظل تلعب أدوارًا حيوية في الملف السوري.
أما إيران، فقد أكد بولس أن إدارة ترامب ملتزمة بممارسة "أقصى قدر من الضغط" لوقف أي طموحات نووية.
كما أشار إلى وجود تغييرات فعلية في سياسة طهران الإقليمية، انعكست في لبنان وسوريا.
وأوضح، أن ترامب لا يسعى لتغيير النظام الإيراني، لكنه يضع ثلاثة أهداف رئيسية على طاولة المفاوضات: منع امتلاك طهران للقدرات النووية، كبح تطوير الصواريخ الباليستية، وتقليص نفوذ وكلاء إيران في المنطقة مثل حزب الله وحماس.
*اختبارًا صعبًا*
من جهته، يرى د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تواجه اختبارًا صعبًا في الشرق الأوسط يتمثل في تحقيق التوازن بين مصالحها الاستراتيجية وضغوط حلفائها.
وأشار - في حديثه إلى "العرب مباشر"-، أن الإدارة الأميركية تسعى، عبر مستشاريها وشركائها الإقليميين، إلى صياغة رؤية شاملة لمعالجة الملفات الكبرى مثل غزة، لبنان، وسوريا.
وأوضح فهمي، أن أحد المحاور الرئيسية في هذه الرؤية يتمثل في الضغط المكثف على إيران، ليس فقط للحد من طموحاتها النووية، بل أيضًا لكبح نفوذها الإقليمي الذي يشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة.
ويرى أن هذه الاستراتيجية قد تثير معضلة طويلة الأمد، إذ إنها تعتمد على أدوات تقليدية مثل العقوبات الاقتصادية، إلى جانب خطوات جديدة مثل استهداف الوكلاء العسكريين لطهران في لبنان وسوريا.
وأكد أن الأزمة في غزة قد تكون أول اختبار حقيقي لقدرة ترامب على الجمع بين أدوات الضغط الدبلوماسي والعسكري، خصوصًا مع تعقيد ملف الأسرى والمساعدات الإنسانية.
كما نوه إلى أهمية التعامل مع الملف اللبناني كجزء من استراتيجية شاملة تشمل إعادة هيكلة النظام السياسي لضمان استقرار طويل الأمد.
واختتم أستاذ العلوم السياسية، بأن نجاح إدارة ترامب في صياغة حلول مستدامة سيعتمد على قدرتها في بناء تحالفات جديدة، والحد من التناقضات التي رافقت سياسات الإدارات السابقة.