العواصم الأوروبية والعربية ترسم ملامح غزة بعد الحرب في اجتماع باريس

العواصم الأوروبية والعربية ترسم ملامح غزة بعد الحرب في اجتماع باريس

العواصم الأوروبية والعربية ترسم ملامح غزة بعد الحرب في اجتماع باريس
حرب غزة

شهدت العاصمة الفرنسية باريس اجتماعًا رفيع المستوى جمع بين وزراء ومسؤولين من دول أوروبية وعربية، في إطار الجهود الدولية لصياغة رؤية شاملة لمستقبل قطاع غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي وُقّع بين إسرائيل وحركة حماس، برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفقًا لما نقلته شبكة "آر إف آي" الفرنسية.
وجاء اللقاء بعد ساعات من موافقة الحكومة الإسرائيلية على الاتفاق الذي تضمن تبادلًا للأسرى بين الجانبين، في خطوة اعتبرها مراقبون بداية المرحلة الأولى من مبادرة ترامب لإنهاء حرب استمرت عامين في القطاع.

تساؤلات حول مستقبل الحكم 


رغم التوصل إلى الهدنة، لا تزال الأسئلة الكبرى مطروحة بشأن الجهة التي ستتولى إدارة غزة المدمّرة، وآليات إعادة إعمارها، ومستقبل سلاح حماس الذي تُطالب إسرائيل بنزعه بشكل كامل، وهو شرط لم توافق عليه الحركة حتى الآن.


أوضح وزير الخارجية الفرنسي جان نوال بارو أن الدول المشاركة ناقشت مجالات المساهمة الممكنة في مرحلة ما بعد الحرب، مشيرًا إلى أن المحاور الأساسية شملت الأمن والحكم وإعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية. وأضاف أن الدول المشاركة حددت مجالات محددة لتوليها، دون الكشف عن تفاصيل، على أن تُنسَّق هذه الجهود لاحقًا مع الولايات المتحدة ضمن الإطار العام للخطة الأمريكية.


خطة أممية عاجلة لإغاثة غزة خلال 60 يومًا


أعلنت الأمم المتحدة من جانبها أنها أعدت خطة طارئة تمتد لستين يومًا لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة فور سريان وقف إطلاق النار، بهدف التخفيف من معاناة السكان المدنيين الذين تضرروا بشدة من الحرب.


وبالتزامن مع الإعلان عن الهدنة، بدأ بعض النازحين الفلسطينيين في جنوب القطاع بمحاولات العودة إلى مناطقهم شمالاً، بعد عامين من القصف والدمار الواسع الذي طال معظم البنى التحتية.

الاتحاد الأوروبي: الفرصة الأفضل لتحقيق السلام


واعتبرت الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن اتفاق الهدنة يمثل الفرصة الأفضل لتحقيق سلام دائم، لكنها شددت على ضرورة العمل بسرعة مع واشنطن لوضع خطة ما بعد الحرب لضمان استدامة الاستقرار. 


وقالت إن أوروبا والعالم العربي أمام فرصة نادرة يجب استثمارها لتفادي عودة العنف من جديد.

مشاركة عربية واسعة في مشاورات باريس


شارك في الاجتماع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، الذي لعب دوراً محورياً في التوسط لوقف إطلاق النار، إلى جانب وزيري خارجية مصر وتركيا، اللتين كانتا من أبرز الدول التي أقنعت حماس بالموافقة على الاتفاق.


كما ناقش الوزراء تفاصيل الخطة الأمريكية التي تتضمن إنشاء قوة دولية لتثبيت الاستقرار في غزة، وهو البند الذي استحوذ على الجزء الأكبر من المداولات، إذ تقتضي الخطة استصدار تفويض من مجلس الأمن لتشكيل قوة حفظ سلام بإشراف الأمم المتحدة.

قوة استقرار دولية وإشراف أممي


وكشفت مصادر دبلوماسية أن الولايات المتحدة قررت إرسال نحو مئتي جندي إلى إسرائيل لدعم ومراقبة تنفيذ اتفاق وقف النار في غزة، فيما أبدت دول عدة استعدادها للمشاركة في القوة الدولية المقترحة، من بينها إندونيسيا وإيطاليا وأذربيجان.


وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني أكد أن بلاده تسعى لأن تكون لاعبًا رئيسًا ليس فقط في المجال الأمني، بل أيضًا في عمليات إعادة الإعمار، في حين أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس عن تخصيص 29 مليون يورو كمساعدات إنسانية عاجلة لقطاع غزة.

الدور الفرنسي والتدريب الأمني للسلطة الفلسطينية


وتشير مسودة فرنسية سابقة، اطلعت عليها وكالة رويترز، إلى خطة تدريجية لتدريب وتجهيز عشرة آلاف عنصر من قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، في إطار إعادة تمكينها من أداء دور أمني في غزة بعد سنوات من إقصائها من قبل حركة حماس.


وتقترح الخطة نشر قوة استقرار متعددة الجنسيات بدعم مالي دولي وتفويض من مجلس الأمن، لتتولى مراقبة الهدنة والإشراف على نزع سلاح الفصائل ودعم نقل المسؤوليات الأمنية تدريجيًا إلى السلطة الفلسطينية.

ملامح مرحلة جديدة في الشرق الأوسط


الاجتماع الذي استضافته باريس مثّل أول تحرك منسق بين القوى الأوروبية والعربية بعد إعلان الهدنة، في محاولة لرسم خريطة طريق لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، وسط دعم أمريكي واضح وإجماع على ضرورة تفادي انهيار الهدنة الوليدة.


ويرى مراقبون أن نجاح هذه الخطط سيعتمد على مدى التزام الأطراف، خصوصًا إسرائيل وحماس، ببنود الاتفاق، وعلى قدرة المجتمع الدولي في تأمين التمويل اللازم لإعادة إعمار القطاع وضمان أمنه واستقراره.