انقسام داخلي يعصف بإخوان لبنان بعد ضربة الأردن

انقسام داخلي يعصف بإخوان لبنان بعد ضربة الأردن

انقسام داخلي يعصف بإخوان لبنان بعد ضربة الأردن
إخوان لبنان

تعيش الجماعة الإسلامية، الفرع اللبناني لتنظيم الإخوان الإرهابي، واحدة من أكثر أزماتها الداخلية حدة منذ عقود، على وقع الارتدادات العنيفة التي خلفتها ضربة التنظيم في الأردن، والتي تسببت في انقسامات عميقة داخل الجسم التنظيمي في لبنان، وسط وضع إقليمي بالغ التعقيد وضغوط محلية متزايدة لإحكام السيطرة على الأراضي اللبنانية ومنع أي مظاهر تسلح خارج سلطة الدولة.

مع حظر الجماعة الإرهابية في الأردن وتسريع عمل اللجنة المختصة بتفكيكها هناك، بدأت تداعيات القرار تنعكس على بنية الجماعة في لبنان، التي باتت اليوم أمام انقسام حاد بين تيار القيادة التاريخية وتيار القيادة الحالية، في ظل تصاعد الخلافات حول مستقبل الجناح العسكري، المتمثل بما يعرف بـ"قوات الفجر"، والموقف من الأمين العام الحالي للجماعة محمد طقوش.

خلافات محتدمة على قيادة الجماعة والجناح المسلح

الجدل داخل الجماعة الإسلامية يتسارع، خصوصًا مع تزايد الدعوات لحل الجناح العسكري "قوات الفجر" في ظل ضغوط تمارسها السلطات اللبنانية، ومساع إقليمية لتجفيف منابع التسلح غير الشرعي.

بحسب مصادر من داخل التنظيم، فإن تيارًا واسعًا من القادة التاريخيين، وعلى رأسهم عزام الأيوبي، يطالب بإبعاد طقوش عن واجهة التنظيم، معتبرين أنه جاء إلى المنصب بدعم مباشر من قيادات حماس، وخاصة من يحيى السنوار، الذي قتل في غزة في أكتوبر الماضي.

وينظر إلى "طقوش" على أنه ممثل للجيل الرابع داخل التنظيم اللبناني، وأكثر قربًا من المحور الإيراني، وهو ما يزيد من حدة الاعتراضات عليه داخل الصفوف القديمة التي تنتمي للخط التقليدي الأكثر قربًا من الإخوان في الأردن ومصر.

وبالرغم من أنه انتخب أمينًا عامًا عام 2022، فإن الدعوات للإطاحة به لم تتوقف، وتتزايد الآن بدعم من عماد الحوت، النائب في البرلمان اللبناني، والمدعوم من عزام الأيوبي شخصيًا.

تحركات منظمة لتقويض طقوش واستعادة السيطرة

وبدأت الخلافات تتخذ طابعًا تنظيميًا أكثر وضوحًا، بعد أن أطلق عزام الأيوبي جولة اتصالات دولية التقى فيها قيادات إخوانية في الأردن وسوريا، وعددًا من مسؤولي دول إقليمية مؤثرة، في مسعى لترتيب إعادة السيطرة على الجماعة الإسلامية في لبنان.

وفقًا للمعلومات، فقد اقترح الأيوبي أن يتم تعيين عماد الحوت كمدير فعلي لشؤون الجماعة في الداخل، على أن يبقى طقوش في منصبه كواجهة حتى انتهاء ولايته في 2026، لتجنب أزمة داخلية أوسع أو انشقاق تنظيمي مفتوح.

ويحظى هذا السيناريو بدعم من بعض القيادات السياسية داخل الجماعة، مثل أحمد العمري وإيهاب نافع، في حين يرفضه طقوش بشدة، مدعومًا بمجموعة من القيادات العسكرية والأمنية التي ما تزال تسيطر على بعض مفاصل القرار داخل الجماعة.

لكن تقلص الدعم الخارجي، وخصوصًا من حركة حماس، ساهم في تراجع نفوذ طقوش بشكل متسارع، ما أضعف موقعه التنظيمي وأفسح المجال أمام خصومه لتصعيد تحركاتهم.

ضغوط لبنانية متزايدة وتفاهمات مع حماس

في خضم هذا المشهد، تتحرك الدولة اللبنانية بقوة لنزع سلاح الفصائل غير الشرعية، وعلى رأسها حركة حماس، التي يتواجد عدد كبير من كوادرها داخل لبنان.

ووفق المصادر، فقد تدخلت وساطات من قبل حماس عبر خالد مشعل لضمان عدم التصعيد، مع تعهد بعدم ممارسة أي نشاط عسكري من الأراضي اللبنانية.

وبموازاة ذلك، بدأت الدوائر المقربة من القيادة التقليدية داخل الجماعة الإسلامية الترويج لفكرة حل الجناح العسكري، في إطار إعادة تنظيم وهيكلة الجماعة لتجنب الصدام مع الدولة اللبنانية، ولضمان استمرار وجودها السياسي والاجتماعي.

ومع تصاعد هذه التطورات، بات طقوش شبه معزول داخل الجماعة، فيما تواصل مجموعة المكتب السياسي، بتنسيق مع عزام الأيوبي وعماد الحوت، الإشراف على العلاقات مع السلطات اللبنانية، وترتيب المشهد الداخلي بما يتماشى مع التوجهات الجديدة.

ويقول الباحث السياسي في شؤون الجماعات الإرهابية طارق البشبيشي: إن ما يحدث داخل الجماعة الإسلامية في لبنان هو "انعكاس مباشر لانهيار المشروع الإخواني الإقليمي"، مشيرًا أن "سقوط التنظيم في الأردن شكل زلزالًا حقيقيًا ضرب امتداداته في لبنان وسوريا، وأعاد خلط الأوراق داخل الجماعة التي لا تتعلم الدرس نهائيًا.

ويضيف البشبيشي، في تصريحات خاصة للعرب مباشر، أن الخلاف الحالي بين القيادات للجماعة في لبنان لا يتعلق فقط بالأشخاص، بل بمستقبل الجماعة ككيان، وبقائها ضمن إطار سياسي لبناني مشروع أو تحولها إلى ذراع أمنية تعمل خارج الدولة وتدار من غرف إقليمية في طهران.